في الشارع المصري

«مُت فارغًا»

مجدي حجازي
مجدي حجازي

بقلم: مجدي حجازي

استوقفنى «بوست» نشره «مهندس كيميائى وسام جمال الجزار» على صفحته «فيس بوك»، نقلًا عن «رانا وليد رزق الله»، جاء فيه:
(«مُت فارغًا»، هو عنوان كتاب للمؤلف الأمريكى تود هنرى، صدر عام 2013، استلهم فكرته أثناء حضوره اجتماع عمل، عندما سأل مديره: ما هى أغنى أرض فى العالم؟.. فأجابه أحدهم قائلاً: بلاد الخليج الغنية بالنفط، وأضاف آخر: مناجم الألماس فى أفريقيا.. فعقب المدير قائلاً: بل هى المقبرة!.. نعم، إنها المقبرة هى أغنى أرض فى العالم، لأن ملايين البشر رحلوا إليها «أى دُفنوا فيها» وهم يحملون الكثير من الأفكار القيّمة التى لم تخرج للنور ولم يستفد منها أحد.. ألهمت هذه الإجابة «تود هنرى» لتأليف كتابه «مُت فارغًا»، حيث بذل قصارى جهده لتحفيز البشر بأن يفرّغوا ما لديهم من أفكار وطاقات كامنة فى مجتمعاتهم، وتحويلها إلى شىء ملموس قبل فوات الأوان، وأجمل ما قاله «تود هنرى» فى كتابه: «لا تذهب إلى قبرك وأنت تحمل فى داخلك أفضل ما لديك، اختر دائماً أن تموت فارغًا».

«مُت فارغًا».. تعبير بليغ، قد تظن أنه عادى، ربما يعنى؛ أن يموت الإنسان فارغًا من هموم الدنيا ومن آلامها ومن المعاصى والآثام، ومن كل شىء.. ولكن المؤلف قصد وخلص إلى: «أفرغ الخير الذى يملأ داخلك واحرص على إسدائه قبل أن ترحل».. فهو يريد منك تنفيذ الأفكار الجيدة التى لديك، والإفادة بالعلم الذى تملكه، وتحقيق الأهداف المثمرة ليعم الحب بين الناس، فلا تكتم الخير، فتموت وهو بداخلك.. وبذلك ذهب المؤلف الأمريكى إلى دلالة قول رسولنا الكريم ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِى  قَالَ: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِى يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا»، هكذا أوصانا الرسول  بهذا قبل أربعة عشر ونصف قرن من الأعوام، حيث أراد الحبيب المصطفى  أن نموت وقد أفرغنا ما بجعبتنا من خير، نعيش كل يوم كأنه آخر يوم، نعطى كل ما نملك، ونبذل من الطاقة أقصاها، ومن العمل أفضله، ومن الإبداع أروعه، حتى نكون ملهمين فرحين متفائلين، نسعى بجد لتسمو أرواحنا).. «انتهى البوست».

واتساقًا مع ما تقدم.. ألم يحن الوقت حتى نتدبر: «هل أفرغنا ما بداخلنا؟، أم أعطينا القليل فاتصفنا بالبخل؟، ولنعمل الخير لينعم به من حولنا قبل رحيلنا».. والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.