نبوءة بايدن عن غزو أوكرانيا.. لم تكن عبثاً

 الرئيس الأمريكى جو بايدن
الرئيس الأمريكى جو بايدن

كتبت/ ياسمين السيد هانى


لم يكن عبثا أن حدد الرئيس الأمريكى جو بايدن تاريخ الأربعاء 16 فبراير 2022 موعداً لغزو روسيا لأوكرانيا.. فقبل هذا اليوم

أتمت أمريكا أكبر إعادة انتشار لقواتها فى شرق أوروبا منذ انتهاء الحرب الباردة.

ولم توضح واشنطن بشكل دقيق سبب هذا الانتشار وإرسال الالاف من القوات الأمريكية إلى تلك البلدان.

ففى حين أكدت أن ذلك حدث للتصدى لمغامرات موسكو «التى تعتزم غزو أوكرانيا فى 16 فبراير» أكد البيت الأبيض أن القوات الأمريكية المنتشرة لن تشتبك مع القوات الروسية ولن تقوم بأعمال قتالية!.

أما تاريخ «نبوءة غزو أوكرانيا» فيبدو انه كان المظلة الزمنية والسياسية لهذا الانتشار، لاسيما بعد ان أدركت واشنطن ان مساعيها لاستقطاب أوروبا إلى جانبها فى مواجهة روسيا تبوء بالفشل باستمرار.

فقد أثبتت التطورات ان التصعيد فى أوكرانيا كان مخططا أمريكيا بهدف ضرب العلاقات المتنامية بين روسيا وأوروبا وإفساد مشروع السيل الشمالى٢ الذى عجزت أمريكا عن وقفه تجنبا لمواجهة مع الحلفاء الأوروبيين.

والحقيقة ان الحلفاء الأوروبيين فى حلف شمال الاطلنطى «الناتو» ليسوا فى حالة مزاجية مناهضة لروسيا - لكي يخططوا لتوسع وتمدد الناتو شرقا إلى حدودها- ولا موسكو نفسها فى حالة مزاجية لمواجهة الغرب..

بل ان الجانبين قد أوليا اهتماما بإتمام مشروع السيل الشمالى٢ الذى سيمد أوروبا بالغاز وينهى الأزمات المتكررة التى تعانيها فى هذا الشأن، ويمكّن موسكو من كسر الوحدة الغربية التقليدية ضدها عبر جسور وثيقة تبنيها مع أوروبا..

وحاول الرئيس الأمريكى طوال الأزمة، ومراحلها التصعيدية، فى استقطاب أوروبا إلى جانبه وطمأنتها بانه سيقوم بتوفير بدائل لمدها بالغاز فى حال «أوقفت مشروع السيل الشمالى لعقاب روسيا».

واستنفرت أمريكا جهودها مع كل منتجى الغاز حول العالم لكى يعوضوا أوروبا عن الغاز الروسى المزمع مده.. لكن الرد الأوروبى كان واضحا.

فأوروبا، بدلا من الوقوف مع أمريكا فى مواجهة روسيا فى تلك الأزمة المصطنعة، تباهت بروابطها الوثيقة مع موسكو وقدرتها على التوسط والتهدئة.

وبدت أكبر دولتين فى الاتحاد الأوروبي؛ فرنسا وألمانيا، فى حالة من الدبلوماسية المكوكية لتهدئة الأوضاع، وسافر الرئيس الفرنسى إلى موسكو ومن بعده المستشار الألمانى ليكررا على مسامع العالم نوايا موسكو المسالمة تجاه أوكرانيا ومن ثم قاموا بشكل غير مباشر بتكذيب الادعاءات الأمريكية والبريطانية تجاهها.

فماذا تفعل واشنطن؟ قامت أمريكا بشكل متزامن طوال الأزمة بإرسال الاف من القوات الأمريكية إلى بولندا وفتحت جسرا جويا عسكريا إلى أوكرانيا أمد كييف بأسلحة «لم تكن تحلم من قبل بالحصول عليها».

وخططت لاكمال الانتشار العسكرى بالتزامن مع مناورات موسكو فى القرم. ومع معرفتها بان المناورات تنتهى ١٥ فبراير، حددت واشنطن اليوم التالى موعدا لغزو أوكرانيا من جانب موسكو، حتى اذا انتهت روسيا من مناوراتها فى منطقة القرم وبدأت فى سحب جنودها بشكل طبيعى، تعتبر أمريكا ان ذلك مؤشر على «تراجع عن نوايا غزو اوكرانيا» ومن ثم تنتهى الأزمة ولكن فى ظل واقع استراتيجى جديد، بوجود انتشار عسكرى امريكى وبريطانى ضخم فى شرق اوروبا فى مواجهة موسكو.

لتبدأ بعدها مفاوضات الضمانات الأمنية.. وهو ما يذكر بأجواء الحرب الباردة.

وينبئ بنتائج مروعة فى حالة حدوث أى طارئ قد يشعل حربا عالمية ثالثة.

إقرأ أيضاً|روسيا تعرب عن قلقها إزاء التهديد الإرهابي بالمناطق التي تسيطر عليها أمريكا في سوريا