لسرقة 80 ألف جنيه.. قتل صديقه وقال لأسرته مات في حادثة

المتهم
المتهم

إسلام عبدالخالق
 

«إحذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة».. حكمة قيلت منذ زمن سحيق لتؤكد أن الخطر الأكبر ربما يأتي على يد أقرب الناس ومن يرتدون قناع الصدق والإقناع والصداقة، وهوَّ ما حصده شاب لم يكُن يملك سوى النية الطيبة وحُسن الظن ومساندة جار كان يومًا بمثابة الصديق الذي ولدته الأيام، لكن الصداقة ذهبت أدراج الرياح فجأة حين رأى ذاك الصديق المزعوم المال وأعمت عيناه أوراق النقود الكثيرة، ليُقدم على إزهاق روح صاحبه ويصل بجبروته إلى أن يبعث بجثمانه إلى أهله ويُهاتفهم ويُدلس جريمته ويتهرب منها بزعم أن المغدور به قد دهسته سيارة، وإلى التفاصيل.
 

على بُعد أمتار من وسط قرية الرضاونة التابعة لدائرة مركز شرطة الحسينية شرق محافظة الشرقية، وبينما تُرسل الشمس آشعتها الأولى مطلع الأسبوع المنقضي، كان زكريا، الشاب اليافع ابن الثلاثة وعشرين ربيعًا، يهم بمغادرة منزله مودعًا زوجته وأطفاله الثلاثة، في طريقه إلى عمله في تجارة الأعلاف بإحدى المناطق الواقعة في المرج بمحافظة القاهرة، وفي طريقه اصطحب جاره وصديقه عبدالله، الشاب الذي يصغره بعامٍ في السجلات الرسمية، لكنه أقل منه بكثير في سجلات الإنسانية التي تُعلي وتُقدر قيمة الدم والنفس البشرية وحُرمتها.


استقل زكريا وعبدالله سيارة في طريقهما إلى العمل، وما أن وصلا حتى بدأ اليوم كالمعتاد وطاف الاثنان على عملائهما من راغبي شراء الأعلاف الخاصة بالدواجن والماشية، في طواف انتهى بعد بضع سويعات وقد تحصل زكريا على مبلغ تخطى الثمانين ألف جنيه، وما أن استراحا حتى استغل الأمر بأن أخبر رفيقه عبدالله بأنه سيأخذ هدنة وينام قليلًا في غفوة واستراحة بسيطة حتى يستكملا العمل والمسير.


بخبث الشيطان لمع المال في عين عبدالله وسال لعابه لأجل حفنة من النقود قليلة القيمة مهما كثرت مقارنةً بما ينتويه؛ إذ وسوست له نفسه قبل شيطانه بقتل صديقه الذي سبق وجلبه قبل أشهرٍ لأجل أن يكون ذو عملٍ بعد فترة ليست بالقليلة من الجلوس في المنزل دون عمل أو مصدر رزق، وفي طرفةٍ عينٍ استل أداة هوى بها على مؤخرة رأس زكريا وهوَّ نائم لينهي حياته ويتأكد من أن طائر الموت قد حط الرحال وأخذ روح صاحبه، فيما امتدت يد عبدالله لتحمل المال بقبضة حرمانٍ ولهاث ذئبٍ أقسى من شبيهه وأحط منه في التشبيه.


أعمى المال أعين عبدالله لكنه بعد برهة استفاق وقد عقد العزم على ألا يتخلص من الجثة، بل ذهب بشيطانه إلى أن هاتف أسرة صديقه وأخبرهم أن زكريا قد صدمته سيارة وأنه في طريقه بالجثمان إلى مستشفى الحسينية المركزي، ليهرول الجميع إلى المشفى في انتظار الجثمان وتشييعه وسط دموعٍ وترحمات امتدت من الرضاونة مسقط رأس المتوفى حتى باب مشرحة المستشفى، لكن ما أن وصل الجثمان والتف الجميع حول عربة الإسعاف التي تحمله إلى المستشفى وجعل الله من يلعب دور كاشف الحقيقة، وكان ذاك الدور من نصيب أمين شرطة بسيط الهيئة عظيم الأهمية يجلس مكانه المُكلف فيه بأمن مستشفى الحسينية المركزي، وحين رأى الجثة اشتبه في وجود شبهة جنائية، قبل أن ينقل شكوكه إلى أطباء المستشفى ويتأكد الجميع من صحة الشكوك.


لحظات قليلة فصلت بين حضور الجثمان إلى مشرحة المستشفى والتأكد من وجود شبهة جنائية وكشف رجال مباحث مركز شرطة الحسينية، بقيادة الرائد محمد ثروت، رئيس مباحث مركز شرطة الحسينية، اللغز والأمر؛ إذ تبين أن وراء ارتكاب الواقعة صديق المجني عليه، ويُدعى عبدالله ص ع، 22 عامًا، كان يعمل لدى المجني عليه، فيما أفادت التحريات بأن المتهم قد أنهى حياة المجني عليه وهاتف أسرته زاعمًا وفاته جراء حادث دهس، ليتم القبض على المتهم ويتحرر عن ذلك المحضر رقم 315 جنح مركز شرطة الحسينية لسنة 2022، وبالعرض على نيابة الحسينية العامة، برئاسة المستشار محمد جاد، رئيس النيابة، أمرت بحبس المتهم على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد.


في منزل المجني عليه، ومنذ نبأ وفاته ثم مقتله والحزن لا يفارق الجميع؛ إذ يقول علي فرحات، شقيق المجني عليه زكريا، إنه فوجئ بالمتهم يُخبره بوفاة شقيقه زكريا جراء تعرضه لحادث دهس، لكنه تبين فيما بعد أنه القاتل وأن جثة شقيقه بها آثار ضرب في الرأس من الجهة الخلفية، لتتكشف أستار الجريمة، وأن القاتل قد أتم جريمته لأجل سرقة 80 ألف جنيه كانت بحوزة المغدور به، مطالبًا بالقصاص العادل والناجز لأجل حقن الدماء، خاصةً وأن المتهم جارهم لا يبعد مسكنه عن منزلهم سوى بضعة أمتار، لكنهم يثقون في العدالة وسيادة القانون والقصاص لفقيدهم.


من شقيق المجني عليه تلتقط دينا صلاح، زوجة المجني عليه، أطراف الحديث لتؤكد لـ«أخبار الحوادث» على أنها أصبحت أرملة وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، وأن أطفالها الثلاثة أكبرهم عمرها ثلاث سنوات وأصغرهم رضيع عمره ستة أشهر، مؤكدةً على أن زوجها قُتل غدرًا وأنها لا تجد سوى الدموع ولا تطلب غير القصاص.


أسرة المجني عليه، وعلى رأسهم والديه، قالوا؛ أن زكريا يومًا ما ظن خيرًا في القاتل جارهم عبدالله، إذ اعتبره صديقه،أدخله منزله وأطعمه من طعامه، لكن الأخير كان خائنًا وقتله طمعًا في المال ليس إلا، مطالبين بالقصاص العادل لروح وحياة فقيدهم.