هيا فرج الله
ارتبط اسم المخرج وليد عوني بالعروض التجريبية والراقصة، له فلسفته الخاصة في كل عروضه المسرحية، فأغلب عروضه لها طابع تجريبي، فدائما يتبع منهج التجديد، ويقدم كل ما يمتع الجمهور، بعيدا عن التقليدية، عوني يتحدث عن تفاصيل عرضه الأخير «ديفيليه ١٩» ومشاركته في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.
بداية .. كيف تري الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي؟
بالتأكيد كل سنة تختلف عن التي تسبقها بحكم قوة الفرق المشاركة، ولكن في بداية عودة المهرجان كانت أقوي دورة للمهرجان بالنسبة للعروض، بسبب الحرمان من مشاركة العروض الأجنبية، وحاليا لا يوجد مسرح تجريبي بالعالم، ولا يوجد مصطلح تجريبي، وتعدينا هذه الفكرة والعالم كله يتجه نحو المسرح الصامت أو مسرح الحركة ولهذا هناك عروض استعراضية وراقصه اكثر منها موضوعية في التجريب.
كيف كانت كواليس ديفيليه ١٩؟
بدأت التحضير له قبل ٤ أشهر، وبعدها أصبت بالكورونا والمسرح الاستعراضي هو الأقرب لقلبي مثل عروض «زها حديد» و«ستره نجاه تحت المقعد» و«الفراشه العذراء».
والرقص نفسه تجريب و تجريد وعندما أتيت إلى مصر، وقدمت الرقص المعاصر ظن الناس أن هذا هو التجريب، وفي بدايات التسعينيات لم نكن نعرف معني الرقص الحديث، وكانت فقط هي بداية النهضة بالتجريبي، ولكن الجمهور بدأ يستوعب الفكرة، وموضوع عرض ديفيليه تم طلب عرضه من قبل لجنة المشاهدة وأجريت بعض التعديلات والارتجال بالتأكيد ليشارك في المهرجان، وأخذ منا الكثير من الوقت.
ماذا يمثل لك هذا العرض؟
العرض هو حاله انعكاس للوضع الذي عاشه ويعيشه العالم اثناء وبعد جائحة كورونا، وهو نتيجة لما حدث، وكان يسيطر علي العالم حالة من الخوف و القلق و التوتر، وكل ما أردت ان افعله هو أن أوجه رسالة للعالم وهي أن نتعايش ونتقبل الوضع الحالي، وأنه مهما حدث في الحياة لا يجب أن نستسلم، وحاولت من خلال العرض أن أنشر البهجة، لذلك قدمت العرض بشكل له ملامح كوميدية، ولهذا أيضا اخترت فكرة عرض الأزياء لأن العارض يدخل من جهه ويخرج من الأخرى وهذه هي الحياة مليئة بكل الانواع والالوان ولكنها في النهاية تأتي وتذهب ولا يتبق منها غير المتعه والبهجة و السعاده، ومزجت بين الرقصات الحديثة وبعض رقصات عروض زملاء لي في الفرقة، ورقصات من عروض مناضل عنتر ومحمود مصطفي وسالي احمد وبعض الرقصات القديمة من عروضي ودمجتها في خط درامي واحد.
ما الصعوبات التي واجهتك في عرض ديفيليه ١٩؟
هذا العرض أخذ الكثير من المجهود على جميع الأصعدة، خاصه تفهم موضوع العرض مع الراقصين لأنه عرض راقص ولا يوجد به اي كلام وهذا يجعل الموضوع صعبا، وخاصه المشاهد التي تفصل بين مشهد وآخر لانها تكون للحظات، ولكن جعلها تسير في خط درامي واحد وسرعه الربط لم يكن بهذه البساطه، فكل تفصيلة في العرض لها معني، وما أردت أن أوصله للمتلقي في النهاية هو أن الكورونا هي وضع استسلمنا له، وتعايشنا معه، ولا مفر منه فدعونا نستمتع بالحياة، ولكن لا ننسى أن نتبع الإجراءات الاحترازية، وهذا ما اتضح في نهاية العرض عندما نزل الراقصين في وسط الجمهور، واستكملوا الرقص.
هل ترى أن العروض التي تقدمها يستطيع أن يفهمها المتلقي العادي؟
أرى أنه هناك فكر مغلوط، وهو أن الرقص الحديث للمثقفين فقط بالرغم من وجود الأوبرا قبل الرقص الحديث، وهى في الأساس للنخبة، وبالتأكيد هناك طبقات ثقافية مختلفة في كل مجتمع، ووجودهم شئ مهم لأنهم من يساعدون على التنوير، فمثلا عندما قدمت عرض «اسكاروس» رفضه بعض من النخبة، ولكن أغلب الناس يرون ما يحبون والخيالات ووجهات النظر هي ما تحكم في النهاية، وأرى أن المهم هو أن يكون الجمهور سعيد بالعرض، ولم يشعر بالملل ولو للحظة حتي و لو لم يستوعب كل التفاصيل في العرض، فالمسرح أساسه هو الابداع.
إذا ما المنهج الذي تتبعه في عروضك؟
أغلب عروضي لها طابع تجريبي وعندما قمت بتأسيس الفرقة لتقديم عروض راقصة حتي نتناول الحياة الاجتماعيه في مصر قيل عني انني اقدم مسرح تجريبي، ولكنني كنت ولازلت اقدم الرقص الحديث، وهو فن له منهجه الخاص، و دائما احاول ان اقدم المعني الحركي للحياة دون أي كلام، وما اكد الفكره هو مع بدايات المهرجان حيث ان العروض التي قدمت وقتها كانت عروض اجنبيه حركية، ولكن ليس هذا هو فقط التجريب بل بالعكس له الكثير من المعاني العميقه، وهذا ما أشاهده في العروض الاجنبية، وأحاول أن أمزجه بالطابع المصري.
ماذا عن ارتباط اسمك بالمهرجان التجريبي؟
فكرة تأسيس المهرجان لمسايرة المسرح والتعرف على المسرح في العالم، وتطوير الحركة المسرحية بالتأكيد فكرة عظيمة، وكثيرون رحبوا بالمهرجان الذي استطاع في البداية أن يحقق طفره في العالم المسرحي بمصر، وسعيد بفكرة ارتباط المسرح التجريبي بي، بالرغم من كثرة الانتقادات التي وجهت ولكن اغلب النقاد والمثقفين كانوا مؤيدين للفكرة.
كيف تري وضع المسرح حاليا عربيا وعالميا؟
بالتأكيد الكورونا اثرت علي العالم كله في كل المجالات، ولكن الميزه انها جعلت عجلة الافكار تدور، فالعالم متوقف عمليا ولكنه على المستوى الفكري في أنشط صورة لأن الحروب والازمات تخلق الافكار المتطورة التي تنشأ من قلب المعاناة، فبعد الحربين الاولي والثانيه عالميا ظهر افضل وأشهر الفنانين. وعلى المستوى العربي مصر في الصدارة، وهي البلد العربي الوحيد الذي به نشاط وطفرة ثقافية وفنية كبيرة وواضحة علي الخريطة.