(لأول مرة أقدم علي كتابة رسالة مفتوحة إلي قائد مصر. يشجعني وجود بطل وطني أنقذ البلاد واختاره الشعب، ويحفزني ما يحدث لآثار مصر الآن..) سيدي الرئيس آثرت التوجه إليك مباشرة وفي رسالة مفتوحة لأتحدث إليك حول نقطة واحدة عن موضوع كبير وخطير، من صميم مسئوليتك القومية والوطنية والإنسانية تجاه تراث مصر الحضاري، وأخص بالذكر منه الآثار التي وصلت إلينا من إبداع أسلافك العظام من مينا موحد القطرين حتي محمد علي باشا، موضوع الآثار في حاجة إلي وقفة وطنية شاملة، لكنني أكتب إليك بخصوص موضوع واحد لا غير، هو سفر الآثار النادرة، غير المكررة، التي لا مثيل لكل قطعة منها في الكون كله إلي الخارج، وهذا مما جري التوسع فيه بشكل غير مسبوق خلال العقود الأربعة الأخيرة وكنا نأمل أن تتغير الرؤي التي كانت سائدة حتي يناير ويونيو، ولكن تمضي الأمور وكأن ثورة لم يقم بها الشعب احتجاجاً علي أوضاع فاسدة كان التعامل مع الآثار من أهم سلبياتها، مضي الأمر إلي الأسوأ، أكتب إليك من موقعي كمثقف معني بالحفاظ علي ذاكرة الوطن الذي جئت من ترابه وإليه سأعود وأصبح جزءاً منه شأن كل من سعي، أكتب إليك لأنك البطل الوطني الذي اختاره الشعب في لحظة استثنائية تحدق فيها بنا أخطار شتي مدعومة من قوي كبري، ومال وفير، وكما أنقذت البلاد وأنت علي رأس أعرق وأقدم مؤسسة عسكرية في العالم، أطلب منك الحفاظ علي تراث مصر القومي، وهذا تراث يخص الإنسانية كلها. سيدي الرئيس، عندما تصلك كلماتي هذه، يفتتح في اليابان معرض للآثار المصرية، يضم مائة وأربعة وعشرين قطعة من مجموعة توت عنخ آمون، كل قطعة لا مثيل لها، لا نظير لها، غير مكررة، وبعضها يعتبر فريداً تماماً، أضرب مثالاً بتمثال تحتمس الرابع، هذا الملك العظيم سليل أحمس الذي حرر مصر من الهكسوس، قائد الجيش، المحارب العظيم، ليس له تمثال آخر، ولا يوجد له إلا هذا التمثال، هذا التمثال وبقية المجموعة الفريدة، وأكرر كل قطعة لا مثيل لها، هذه القطع المائة وأربعة وعشرين مؤجرة الآن لشركة إعلانات قطاع خاص، وستعرض في أربع مدن، أي أنها ستفك وتركب، وتخزن، ويتولي حمايتها أمن أجنبي، لقد تجمّدت قلوب من أئتمنوا علي آثار مصر، فسمحوا بتأجير القطع لشركة قطاع خاص تعمل في الإعلانات، وقست قلوبهم علي شحن هذه الآثار النادرة في طائرة معرضة للسقوط والتدمير، ولو أتيح لك يا سيدي قراءة العقد ستجد أن التأمين مجاله واسع جداً، ضد أخطار التلف والفقد (أي السرقة، والعوامل الطبيعية، والاجتماعية ـ مثل المظاهرات). وإزاء ما أذكره وسبق أن كتبته، يخرج علينا هؤلاء، فيقولون إن قيمة التأمين     مليون دولار. سيدي الرئيس، أثق أنك ستتفق معي، فالأمر بديهي، بديهي جداً، لو فقدت قطعة واحدة فلن يعوضنا عنها مال العالم كله، لا أبالغ، فإذا قُدر للجهة المؤجرة لهذه الآثار النادرة أن تدفع فعلاً المبلغ، وإذا تسلمته الوزارة المختصة فمن أين ستأتي بأربعة آلاف عام عمر هذه القطع، الزمن لا يؤمن عليه سيدي الرئيس، الزمن يطوينا جميعاً وما وصل إلينا من آثار الأقدمين معجزة إنسانية، حتي الأجانب لم يتعاملوا مع آثار هكذا، وسيرة ميريت باشا تؤكد ذلك، وتمثاله في مدخل المتحف المصري، حتي الحكام الذين فرطوا في أندر ما نملك خلال القرن التاسع عشر لم يسلموا آثارنا لشركات خاصة تستهدف الربح فقط، إنما أهدوها إلي حكومات، وتحتفظ بها متاحف العالم الآن، بعضها خرج خلسة وأضرب مثالاً برأس نفرتيتي، »الجميلة التي أتت»‬ وهذا معني اسمها، هذا التمثال خرج بطريق غير قانوني بداية القرن الماضي، ورغم ذلك فشلت جميع المحاولات لاستعادته، وأصبح تراثاً ألمانياً، بل أثمن ما تمتلكه ألمانيا، لا تسمح بسفره، ولا إعارته، وقد أمضيت في مواجهة التمثال ساعات طويلة، أخذتني حسرة، فبرلين تكتسب الآن قيمة إضافية من وجود التمثال بها، وكدت أصل والعياذ بالله إلي الكفر وأحمده علي خروج هذا التمثال لما يحيطه الألمان به من عناية واعتباره من رموزهم القومية، ولو كان لدينا لخرج إلي هذه الشركة الخاصة، كل قطعة مسافرة إلي اليابان في أهمية رأس نفرتيتي، لأنه الزمن عينه، نفس المسافة التي لا يمكن لأمة أخري أن يوجد لديها ما يبلغ هذا العمر. سيدي، هل تتصور أن هذا المعرض كان سيضم العجلة الحربية لسلفك »‬توت عنخ آمون»، هذه العجلة التي تبدو في عجلتيها آثار التآكل الذي لحق بهما في المعارك وسيرها في تل العمارنة وطيبة، كان الأثري العظيم الدكتور أحمد فخري وهو من جيل الأثريين الأوائل العظام الأمناء يشير إلي تلميذه ـ وقتئذ ـ الدكتور علي رضوان أحد أكبر علماء المصريات في العالم والذي اعترض علي سفر عدد من القطع المهمة إلي هذا المعرض في اليابان، عندما علمت يا سيدي بسفر العجلة الحربية كتبت في الأخبار عدة مقالات عن رمزية سفر العجلة التي كانت مخصصة لقائد الجيش المصري منذ ثلاثة آلاف وستمائة عام، اعتبرتها إهانة للعسكرية المصرية، وتفضل أعضاء اللجنة المختصة بالاعتراض، وقرأ المهندس إبراهيم محلب ما كتبت وأصدر تعليماته بعدم سفر العجلة، تصور يا سيادة الرئيس رؤية هذا المسئول الذي يوافق علي سفر عجلة من الخشب حالتها واهنة جداً، تفك ثم تركب، تفك ثم تركب، لمدة أربع مرات، هل يوجد لدي أي جيش في العالم معدة حربية يبلغ عمرها ستة وثلاثين قرناً؟ هل يوجد يا سيدي الرئيس، من يطاوعه قلبه علي إرسال مثل هذا الرمز ليكون مؤجراً لشركة إعلانات، لقد جري تنفيذ هذه الجريمة منذ ثلاث سنوات عندما أرسل معرض يحتوي علي قطع من مجموعة توت عنخ آمون، وسُلم المعرض بما فيه العجلة الحربية إلي  شركة خاصة، هنا أقول إن مثل هذه القطع لا توجد جهة في العالم جديرة باستلامها حتي لو كانت علمية كبري، هذه القطع في جلال الأهرامات، فهل تتصور إمكانية إرسال الأهرامات للعرض في الخارج وبواسطة شركة إعلانات، لقد عدت من نيويورك وكتبت وأبلغت النائب العام، ولم يحدث شيء، وللأسف مازال نفس المنطق سارياً، بل إنه استفحل، إذ أعلن وزير الآثار عن سفر أربعة معارض أخري خلال الشهور القادمة، كلها من مجموعة الملك توت عنخ آمون. سيدي الرئيس، لا أريد أن أطيل عليك، وسوف أرسل إليك ملفاً كاملاً من واقع وثائق وزارة الآثار، ومن قبل هيئة الآثار، لكي تري حجم الآثار التي أرسلت إلي الخارج خلال السنوات العشر الأخيرة، وجميع القطع التي أرسلت تأثرت، ويعترف الوزير الأسبق بتحطم تمثال نادر لا يوجد شبيه له في ألمانيا، أقول علي سبيل الاختصار وضرب المثال فقط، إن معظم قطع هذا المعرض الذي افتتح هذا الأسبوع في اليابان وسوف يستمر لمدة عام في أربع مدن، سبق إرسالها في معرض عام 2007 إلي بازل ثم تنقلت في العديد من المدن التي تقع في أربع قارات، أوروبا وأمريكا واستراليا واليابان ثم اليابان ثم أخيراً اليابان مرة أخري. سيدي، كان التفريط في سفر الآثار، وطول تنقلها يتم في إطار منظومة متكاملة من الفساد، والفساد في مجال الآثار لم تعرفه مصر في أسوأ مراحل الانحطاط والاستعمار، استخدمت الآثار في العلاقات العامة ولتكريس شهرة بعض الأشخاص، هذا وضع سقط في ثورتي يناير ويونيو، استمراره محبط ويؤكد أنه لا شيء تغير، وإذا كان بعض المسئولين في هذه الوزارة التي كانت نكبة علي الآثار يقولون إن المعارض ستجلب لهم مالا. أقول إن سفر هذه القطع النادرة والمخاطرة بها ليس حلاً، إنه حل قصير النظر إذا افترضنا حسن النوايا، وخطير جداً إذا أصغينا إلي ما يتردد بين الأثريين والمهتمين بتراث مصر القومي. سيدي  الرئيس.. آثار مصر تملأ متاحف العالم، وأذكر أنني كنت في زيارة إلي مدينة صغيرة في المجر، في متحفها وجدت ستة مومياوات، إن المجموعة النادرة في متحف تورينو والتي جمعها أشهر لصي آثار في العالم بلزوني وكان لاعباً في السيرك قبل أن يجيء إلي مصر تعتبر أهم مجموعة خارج مصر بعد المتحف المصري الذي ساءت أحواله وتخلو معظم فتارينه منها قطع مهمة جداً مثل آنية اخناتون من الألباستر والتي لا يعرف أحد أين هي الآن، في اللوفر مجموعة مهمة تحتل سراي كامل من القصر الضيف، أيضاً في المتحف البريطاني، في المتروبوليتان بنيويورك، في الجامعات العالمية متاحف صغيرة أو كبيرة للآثار المصرية، العالم ليس في حاجة إلي الفرجة علي مجموعات تحتوي قطعاً نادرة، لا مثيل لكل منها، تزيد من قيمة مصر الثقافية بوجودها في المتاحف المصري وتزيد رغبة الأجانب للحضور ومشاهدتها، تحدثت عن مخاطرة إخراجها وما يتهددها من فقد وتدمير وتزييف، من يريد أن يري نفائس الآثار فليأت إلي مصر، وعندئذ سيكون العائد أكبر وأشمل، بدلاً من دفع تذكرة دخول بدولارات معدودات ستنفق للإقامة وسائر ما يحتاج إليه السائح، هذه بديهيات، ولكن التوسع في هذه المعارض (خمسة في وقت واحد من مجموعة توت عنخ آمون كما أعلن الوزير المسئول مؤخراً) هذا التوسع يستفيد منه بعض الموظفين والمسئولين، فلتعلم يا سيدي أنه من رابع المستحيلات إقدام ألمانيا علي إعارة رأس نفرتيتي إلي مصر ولو ليوم واحد، فلماذا هذا التهاون ومخالفة القانون، لا أطلب منك سيادة الرئيس إلا حماية ربع تراث الإنسانية الذي تضمه مصر بتطبيق القانون، القانون المهدر الآن، ماذا يقول القانون؟ سأورد يا سيادة الرئيس نصوص ومبادئ قانونية محورية وجوهرية: > ينص قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، إلي وجوب احترام حرمة الأثر، وحدد الحرم المحمي بثلاثة كيلو مترات. (جاء ذلك في المادة 20). أرجو أن تنظر إلي الأهرام، العجيبة الوحيدة المتبقية من عجائب الدنيا السبع وحتي الخمسينيات كان ممكناً رؤيتها من جميع أنحاء القاهرة، عندما تمر بالقرب منها أرجو من سيادتك أن تبحث عن الأهرام بالبصر، لقد حوصرت بالعشوائيات وتقزم. > تقضي أحكام القضاء التي وردت طبقاً للقانون المصري وقانون حماية الآثار بأن: »‬الآثار المصرية هي ملكية عامة للدولة، بل هي مرتبة أسمي من الدومين العام، إذ تعد ملكية عامة للشعب المصري تخرج عن مجال دائرة التعامل، لا يكون لأي سلطة كانت وزيراً أو رئيساً للوزراء المساس بها، ولا يقبل أي تصرف قانوني يترتب عليه نقل حيازتها القانونية أو المادية، ولو بصفة مؤقتة إلي الغير بمقابل أو غير مقابل، فإن فعلت كان القرار منهدماً لعدم مشروعيته، ولا يرتب أي آثار قانونية قبل الدولة المصرية كما لا يرتب أي حق لأي جهة علي هذه الآثار». إن موضوع تسليم الآثار المصرية غير المكررة والنادرة بالمخالفة للقانون إلي شركة خاصة للإعلانات في اليابان ليس جديداً، الجديد المحزن هو الاستمرار في نفس النهج، خاصة بعد تبدل الأوضاع وإسقاط الظروف المؤدية إلي الفساد وتولي أمور الوطن ومقاديره من قبل قيادة وطنية، نزيهة، وأضع تحت النزاهة عشرات الخطوط، غير أن هذه الأوضاع الجديدة لم تترجم إلي نسق يشمل المجتمع خاصة في مجال الآثار، إن استمرار نفس أسلوب التعامل يلقي إحباطاً عاماً يضر بالوضع العام كله في مرحلة جد حساسة، أورد يا سيدي نص حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 3 ديسمبر 1994، في الطعن رقم 943 لسنة 40 قضائية عليا علي الحكم الصادر في الدعوي رقم 8052 لسنة 47 قضائية قضاء إداري بتأييد الحكم الصادر في 22 يناير 1994 بعدم مشروعية قرار الهيئة القائمة علي شئون الآثار ومخالفته لقانون حماية الآثار، عندما سلم عدد 72 قطعة من الآثار المصرية الفريدة التي يُخشي عليها من التلف لشركتي إعلانات يابانية للتكسُّب من عرضها مقابل مليون وسبعمائة وخمسين ألف دولار أمريكي بصالات المحلات التجارية من خلال نقلها إلي تسع مدن يابانية بهدف ترويج البضائع التي تبيعها المحلات اليابانية. سيادة الرئيس.. لم يتغير شيء، السياسة الفاسدة، المستهترة بتراث مصر القومي ماتزال تحكم المسئولين عن آثار مصر، واستفحل الأمر بعد إنشاء وزارة خاصة بالآثار، أثبت الواقع منذ إنشائها حتي الآن أنها أضرت بآثار مصر ضرراً بليغاً. هل يرضيك يا سيادة الرئيس أن يعرض تراث أسلافك من الفراعنة العظام والذين كانوا محاربين شجعاناً قبل أن يكونوا ملوكاً في محلات تجارية للترويج لبضائع؟ إذا كان هذا جري في عهد سابق كان من أسسه الفساد، فلا أرضي لك استمراره في طور حالي سمته النزاهة ومبعث للأمل، استمرار هذه السياسات مجلبة لليأس ومن ثم القلقلة الروحية والمادية وهذا ضار للوطن. اسمح لي يا سيادة الرئيس أن أنقل من مذكرة خطيرة أعدها المحامي الدولي والمثقف الكبير الدكتور علي الفتيت عام 2001، رفعها إلي رئيس الدولة وقتئذ، بعد أن يورد الحكم الخاص بسفر الآثار إلي اليابان، إلي شركة تجارية يورد أسبابه، يقول ما نصه: وأثبت الحكم في أسبابه صراحة ما نصه: »‬إن ملكية هذه الآثار أسمي من الملكية العامة، وبوصفها تراثاً أثرياً حضارياً وفنياً عريقاً لشعب مصر علي مركز »‬بيريز» للسلام العصور والتاريخ، بل إنها تعد تراثاً مشتركاً للإنسانية جمعاء وليس للشعب المصري وحده، إذا اعتبر العالم ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم »‬اليونسكو».. فلا يجوز أن تكون الآثار المصرية القديمة الضاربة في جذور التاريخ.. ما يجوز التصرف فيه بالبيع والإيجار أو العارية أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات القانونية، وأنه من غير المتصور أن يكون تمثال أبو الهول أو الأهرامات أو المعابد الثرية العريقة أو أقل قطعة أثرية محلاً للتصرفات القانونية، الأمر الذي تكون معه هذه الآثار خارجة عن دائرة التعامل، وأنه سبق القضاء لمجلس الدولة أن حكم بذلك في 8/5/1979 في الدعوي 199 لسنة 32 قضائية، فالآثار جميعاً يحظر أن تكون محلاً للتعامل». ٣ ـ تعاقد الهيئة القائمة علي شئون الآثار مع شخص أمريكي ليقوم بتسويق عرض 72 قطعة أثرية نادرة بالولايات المتحدة الأمريكية في خمس مدن منها للتكسب مقابل مبلغ مليونين من الدولارات الأمريكية، وذلك لمدة ثلاث سنوات ومع عرض المستنسخات منها من أول يناير 1996 إلي أغسطس 1998، وذلك بالمخالفة للحظر الوارد في المادة العاشرة بقانون حماية الآثار: وقد أصدر مجلس الدولة في 16/1/1996 في الدعوي 2410 لسنة 50، وأيدته المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في يونيو 1997 في الطعون أرقام 1947، 2363، 2766 لسنة 42 قضائية إدارية عليا ضد الهيئة القائمة علي شئون الآثار، أدانتها فيه مؤكدة الحكم الصادر في الدعوي الخاصة بالقطع الأثرية التي أرسلت لليابان (بند ثانياً أعلاه) بعدم مشروعية قراره ومخالفته القانون مقرراً: »‬وأنه تصرف غير جائز إيراده علي الآثار التي تعد مملوكة للشعب المصري، وتخرج بطبيعتها عن مجال دائرة التعامل، ولا يُقبل أي تصرف قانوني بنقل حيازتها ـ منقولاً وعقاراً ـ إلي الغير أياً كان هذا الغير، أو التخلي عن السيطرة المادية أو القانونية مما يجعله مشوباً بالبطلان لعدم مشروعيته، وأن ذلك من شأنه أن يعرّض الآثار للسرقة، وهي أضرار تتعرض لها الكنوز المصرية ولا يمكن تدارك آثارها السلبية علي التراث الوطني والحضاري للشعب المصري». سيادة الرئيس.. لم يتغير في الأمر شيء، يسلم أجمل ما تمتلكه مصر إلي شركة إعلانات، قطاع خاص، بدون ضمان رسمي من الحكومة اليابانية، هنا أعود إلي تأكيد أمرين: > الأول أرجو ألا تصغي إلي مبالغ يذكرها الموظفون عن مقادير التأمين، كما قلت لسيادتك، أموال العالم كله لا تساوي قطعة صغيرة. • الثاني.. الأمر لا يخص الآثار الفرعونية فقط، ولكن هناك عملية تجريد لذاكرة مصر الثقافية، خاصة الآثار الإسلامية التي تنتزع من المساجد والأسبلة والمراقد، ولم يضبط شخص واحد ممن ارتكبوا هذه السرقات التي يستحيل أن تتم بدون خبرة فنية رفيعة، وأضرب مثالاً بمنبر جامع المرداني الذي تم تفكيكه بالكامل، وللآثار الإسلامية حديث خاص. بعد خروج قناع توت عنخ آمون الفريد للعرض في الخارج، وكان هذا الحدث المؤسف فاتحة الكارثة التي أدت إلي الوضع الذي شرحته أصدر مجلس الشعب قراراً بعدم سفر القناع إلي الخارج. الآن.. مجلس الشعب لم ينتخب بعد، والسلطة في جانبكم طبقاً للدستور، أضع أمامكم اقتراحين أحدهما عاجل والآخر آجل. • أولاً: قرار بوقف سفر الآثار المصرية إلي الخارج، النادر منها وما يخشي عليه من التلف، هذا قرار يفعل القانون القائم بالفعل. • ثانياً: تحويل وزارة الآثار إلي هيئة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، علي أن ينشأ في المخابرات العامة إدارة خاصة لحماية التراث القومي كله وليس آثار مصر الفرعونية فقط، لأنه من الواضح أن قوي خارجية وعصابات دولية تنشط الآن لتجريد مصر من عماد قوتها وجوهر حضورها، الأساس المادي لحضارتها. هذا ما نأمله في بداية مرحلة جديدة، توفر لها علي المستوي الأعلي قيادة وطنية، نزيهة، ولكن لا تزال البنية فاسدة، لذا لزم التقويم. أعانك الله علي تحديات الوقت سيادة الرئيس.