يوميات الأخبار

هل يمكن قبول الشاهد قاضياً؟

محمد الشماع
محمد الشماع

دور الفن هنا هو دور الرائد، عليه أن يكشف وأن يفضح وأن يقترح وأن يوجه المجتمع إلى طريق التنمية التى تنفع الناس وتمكث فى الأرض

الشهادات الشخصية، تعطى شهادات شخصية، والمذكرات التى تكتب تعكس زاوية الرؤية للحقيقة التاريخية ولايمكن أن نقبلها باعتبارها كتابة للتاريخ، لأن كتابة التاريخ هى أشبه بمنصة القضاء. القاضى يستمع إلى الشهود الذين عادة ما يناقض بعضهم بعضا، ولكنه يلخص الوقائع ويقلب الرأى مع زملائه، ثم يخرج بالحكم، ولا يمكن أن نقبل الشاهد كحكم أو كقاضٍ لأن هذا يربك المشهد التاريخى ويتجنى على حقيقة التاريخ وإذا كنا نرحب بالمذكرات الشخصية، لكنها تبقى شهادات مخلوطة بالانطباع الشخصى والموقف الطبقى وزاوية الرؤية!


لذلك فالحذر كل الحذر مما يكتب من مذكرات تتلون دائما بشخصية كاتبها، فهو يضخم دوره التاريخى ويحاول تبرير الأخطاء أو طمسها ويترتب على ذلك خلل فى القراءة.


وقد استقامت إلى حد بعيد مناهج البحث التاريخى، وذلك لأهمية دراسة التاريخ باعتباره خبرة الأمة ولا يمكن أن نترك خبرة الأمة للأهواء الشخصية. والنزاهة التاريخية تقتضى الابتعاد زمنيا عن الحدث قبل إعادة تقييمه موضوعيا ونتيجة لتدخل العواطف الشخصية والموقف الطبقى. لقد تعرض جمال عبد الناصر لخصومة شديدة بين أنصاره وبين خصومه، فأنصاره يرفعونه إلى السماء وخصومه يهبطون به إلى سابع أرض!


وتكرر نفس المشهد مع الرئيس السادات ومع حسنى مبارك الذى يعتبر أول رئيس يخلع فى تاريخ مصر الحديثة نتيجة غضبة شعبية عارمة فلم يعدم أن ينهض للدفاع عنه قوم أطلقوا على أنفسهم  جماعة آسفين ياريس. لذلك فإننا لا نستطيع بأى حال من الأحوال أن نقبل الموقف الشخصى باعتباره موقفا موضوعيا، كما لا يمكن أن نتجاهل الشهادات الفردية، ولكنها تبقى فى النهاية شهادات فردية يجب أن تخضع للفحص والدرس والتمحيص التاريخى!
تضليل وتعتيم!


امتشق المصريون سيوف التطهر للقضاء على جماعة فيلم  أصحاب ولا أعز وأعلنوا تكفير المخرج والمؤلف والمشاهدين وقامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن باعتبار أنه لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم!


ذلك لأن الفيلم أطاح بما هو متعارف عليه من سلوكيات قويمة تحكم الأسرة المصرية والمجتمع الشرقى، ولم يسأل أحد من هؤلاء الناقدين نفسه عن سبب إدانته للفيلم!


هل لأنه خرج عن الأعراف؟ إن كان قد خرج عن الأعراف فهو مرفوض، لن يقبله أحد ولن يستجيب إليه أحد، أم أن تلك القضية العنترية تعود لتفاهة المعنى والمضمون لأن قضية الحريات الشخصية لها سياق تاريخى يرتضيه المجتمع والخروج عليها لا يعتبر ثورة تستحق الهتاف والتصفيق كما فعل صديقنا إبراهيم عيسى الذى وقف مصفقا لمنى زكى!


ما ها هنا تكون الثورة أيها القوم، فالأساس فى الفن فى العالم الثالث خصوصا أن له دوراً تنويراً وأنه يتعامل مع الأولويات حسب أهميتها وبعض من أولويات المجتمع فى العالم الثالث هى مناقشة القضايا الكبرى التى تعرقل نمو هذه المجتمعات ومحاولة تنوير الناس بالحلول الممكنة، وهى قضايا لا تعد ولا تحصى يستطيع الفن أن يصول وأن يجول فيها.


وحينما تكون الظاهرة الأبرز هى ارتفاع سن الزواج والصعوبات التى تواجه الشباب فى الحصول على فرصة عمل كريمة أو على مسكن مناسب وما يترتب على ذلك من أمراض ومفاسد اجتماعية وأولها حالة الكبت الجنسى التى يعانى منها الشباب والتى تؤدى إلى شيوع العلاقات المحرمة، فإنه فى ظل مناخ كهذا فإن الكلام عن الحقوق الجنسية للشواذ يصبح تضليلاً وتعتيماً وتشويهاً للواقع، فالأصحاء من الشباب والشابات لا يحصلون على حقوقهم فى تأسيس أسرة كريمة.. فكيف نصاب بالعمى أمام هذا الواقع فننصرف عنه، لكى نبحث عن حقوق الشواذ!


هل سأل صناع الفيلم أنفسهم أو سأل الجمهور نفسه، كم هو متوسط سن الزواج فى مجتمعنا ولماذا ارتفعت نسب العنوسة ولماذا تزدحم محكمة الأسرة بقضايا الطلاق الناتج عن عدم القدرة على الوفاء باحتياجات الأسرة؟!


هذه هى القضايا التى يجب أن يعالجها الفن، لأنه حينما يصبح الخبز غير متوافر لا يجوز لنا أن نفكر فى الجاتوه.


إن مناقشة حقوق الشواذ ظهرت فى المجتمعات الغربية بعد أن حققت تلك المجتمعات فرص العمل والتنمية التى كفلت للمواطن أجرا مناسبا، ونحن مازلنا نتلمس طريقنا لمواجهة المشاكل التى تراكمت علينا عبر سنوات طويلة من الجعجعة التى لا طحين فيها. إن دور الفن هنا هو دور الرائد، عليه أن يكشف وأن يفضح وأن يقترح وأن يوجه المجتمع إلى طريق التنمية التى تنفع الناس وتمكث فى الأرض.


الفن والإسفاف


أن يتجه صناع الفيلم إلى اقتباس فيلم أجنبى أنتجته حضارة مختلفة، لها أولويات مختلفة تناقش مسألة الملل الذى يصيب بعض الأصدقاء، فيقترحون لعبة للتسلية يهتكون بها ستر بعضهم، فليس ذلك فنا يستحق التصفيق والهتاف ولا يستحق الإدانة، ولا الاعتبار، ولا تلك الجعجعة التى نصبناها جميعا بين مؤيد ومعارض، فانقسم المجتمع إلى قسمين على قضية تافهة فكانت الجنازة حرة والميت كلب!!!!

ودفع الفن وهو الرسالة السامية ثمن هذا الإسفاف. وكان بيان نقابة الممثلين تكريسا لهذا الاستقطاب وليس دفاعا عن رسالة الفن السامية، ولا عن دوره الوطنى الذى نتوقع منه أن يساهم مساهمة إيجابية فى معركة التنوير بأن يرفع من وعى المشاهد أو القارئ وأن يعينه على فهم الواقع وابتكار الحلول المبدعة، كى نستطيع أن نبنى وطنا يكفل الحرية، ويكفل حقوق المواطنة. أما هذا الإسفاف الفنى الذى يخون رسالة الفن فإنه أقوى الذرائع لأدعياء التكفير ولأنصار محاربة الحضارة والعودة إلى الماضى التى تعينهم علينا، باعتبار أن التحرر وأن التحضر هو المعادل فى زعم التكفيريين كما فى زعم صناع الفيلم، هو المعادل للشذوذ والانحراف والتسيب. لم يكن هذا فناً ولا إبداعاً يستحق الوقوف والتصفيق يا أستاذ إبراهيم عيسى.


زيادات المرتبات


قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى ٢٧٠٠ جنيه شهرياً قرار أسعد الملايين من العاملين بكل قطاعات الدولة..

القرار صدر دون أية إيضاحات أو تفسيرات للتطبيق الذى انتظره الملايين، ولم تصدر أى جهة أو وزارة كيف سيتم تطبيق القرار وما هى إجراءات التطبيق وهل المبلغ الذى أعلن هو الحد الأدنى للمرتب الأساسى أم المرتب الشامل، وماذا عن المعينين الذين تقل مرتباتهم عن الألف جنيه ولم تصل إلى الحد الأدنى الجديد ومنذ سنوات عديدة قضوها فى العمل، هل ستتم زيادة مرتباتهم حتى لو سبقت مرتبات المعينين الجدد المعينين الأقدم؟. أعتقد أن الدكتور صالح الشيخ رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة يستطيع أن يجيب على كل هذه التساؤلات التى تشغل فكر وعقل العاملين وحتى لا يترك فرصة لإدارات شئون العاملين للتلاعب بمصائر وأحوال العاملين المعيشية والعملية.


أما العاملون فى القطاع الخاص والاستثمارى والتى لها لوائح خاصة أو التى ليس لها قدرة على صرف هذا الراتب كحد أدنى للدخل ما هو العمل؟ ومتى يبدأ الصرف لهذه الزيادات! اتحاد الصناعات والغرف التجارية والقوى العاملة واتحاد العمال بعيدون تماما ويبدو أنهم فوجئوا بقرار زيادة الحد الأدنى لمرتبات العاملين بالقطاع الخاص!!


قانون فى الممنوع!


المجتمع ينتظر إصدار تشريعات غاية فى الأهمية وأولها قانون العمل الذى طال انتظاره وسط متغيرات متعددة اقتصادية وبيئية وصحية ومحاولات مكثفة لزيادة المزايا التى يضيفها القانون الجديد إلى جانب المكاسب التى ضمنتها القوانين السابقة..

المطلوب هو التوازن بين مصالح العمال والمستثمرين والمجتمع حتى يستقر السوق فى مصر.


كذلك المجتمع فى حاجة ماسة لقانون الأحوال الشخصية، وقانون الغارمات وقانون التعداد السكانى، والإسراع فى إصدار اللوائح التنفيذية لعدد من القوانين التى صدرت.


كما أننا فى أمس الحاجة إلى متابعة تفعيل العديد من القوانين التى صدرت، وصدرت لوائحها التنفيذية ولم يتم تنفيذ الإجراءات التى نصت عليها اللائحة التنفيذية، ومنها قانون السايس، قانون تنظيم انتظار السيارات فى الشوارع، لأنه بعد سنوات انتظار لهذا القانون زادت سطوة السايس البلطجى وارتفعت تسعيرة انتظار السيارات دون ضوابط أو أى قواعد نصت عليها اللائحة التنفيذية والقانون..

أخشى أن يكون الونش قد رفع القانون لأنه كان واقفا فى الممنوع!
قمة عربية جديدة!


ماذا لو أن القمة العربية بالجزائر أصدرت قرارات بشأن وضع حد للعمالة الأجنبية فى الدول العربية من خارج الدول الأعضاء بالجامعة العربية..

وإصدار قرارات بتيسيرات لتنقل الأيادى العاملة العربية والإسراع بتفعيل مشروعات إعادة الإعمار فى الدول العربية التى عانت من عدم الاستقرار خلال العقد الماضى وسرعة الانتهاء من إقامة منطقة التجارة الحرة وإلغاء الحواجز الجمركية وتيسير تنقل الاستثمارات ورءوس الأموال العربية واستكمال مشروعات الربط الكهربائى ومد الطرق وربط خطوط السكك الحديدية وشبكات النقل البرى والبحرى والجوى..

بين الدول العربية، أعتقد أن ذلك لو تحقق سيكون أعظم إنجاز يصدر عن القمم العربية المتتالية لصالح الشعوب العربية.


وقفة مصرية


 - الكتاب أوفى صديق فهو لا يكذب ولا ينافق!


 - ذكاء الحكومة فى مواجهة الذكاء الاصطناعى.. من ينتصر؟


 - الحياة غير عادلة فعود نفسك عليها.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا