في الشارع المصري

هذا الإنسان أُحبه

مجدي حجازي
مجدي حجازي

بقلم: مجدي حجازي

الأربعاء الماضى، يوم حزين أرق بلاط صاحبة الجلالة، حيث فقدت ابنًا بارًا من خيرة أبنائها، إنه الكاتب الصحفى ياسر رزق، العاشق لمصر، أخلص لقضاياها وتفاعل مع همومها بجده واجتهاده، فبادلته حبًا بحب، فتوج أميرًا لصحافتها، وتألق فى خطاه على بساط مهنة البحث عن المتاعب.. عايشها بكل وجدانه، ولكنها نالت منه، حيث أرهقت قلبه وأصابته بالوهن، وفاجأته «ذبحة قلبية» لم تمهله، حتى وافته المنية، وليس أمامنا من سبيل غير الرضا بقدر الله، ونقول: «إنا لله وإنا إليه راجعون».

هذا الإنسان أحبه.. لقد التقيته للمرة الأولى عام 1986 عندما كان طالبًا بالسنة النهائية بقسم الصحافة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، حيث أتى إلى جريدة «أخبار اليوم» بصحبة د. فاروق أبوزيد أستاذ الصحافة وعميد كلية الإعلام آنذاك، ضمن كوكبة من زملائه بالدفعة، الذين يتربعون الآن على قمة الهرم الإعلامى فى مصر.. وكانت تلك الزيارة بصدد معاودة إصدار جريدة «صوت الجامعة» كـ «معمل صحفى» لطلاب قسم الصحافة، وأراد د. فاروق أبوزيد حينها نقل خبرتى فى مجال الإخراج الصحفى لطلاب كلية الإعلام، خاصة أننى كنت الحاصل على جائزة التفوق الصحفى «الأولى» من نقابة الصحفيين عام 1985.. ومنذ ذلك الحين توطدت علاقتى مع ياسر رزق، بعد التحاقه بالعمل فى جريدة «الأخبار» فور تخرجه، حيث عرفته دمث الخلق، الصدق شيمته، صلادة المواقف مبدأه، فيض العطاء منهجه، لينطوى على خصال قلما تجدها فى هذا الزمان.. وجدته صحفيًا نابهًا، يمتلك موهبة فذة حباه الله إياها، يملؤها ذكاء يقظة الحضور والمعرفة، فاستحق أن يسطع بين أقرانه ليتبوأ مناصب صحفية، فكان إضافة حقيقية لكل موقع شغله.. فسيظل تاريخ الصحافة شاهدًا لنجاحاته، فلن ننسى الطفرة التى أحدثها بمجلة «الإذاعة والتليفزيون» عندما تولى رئاسة تحريرها عام 2005، ويسجل له فضل الثورة التحريرية لجريدة «الأخبار» عندما ترأس تحريرها فى 18 يناير 2011، وعندما شاءت الأحداث أن تبعده عن محبوبته جريدة «الأخبار» تألق حين تولى رئاسة تحرير جريدة «المصرى اليوم» عام 2012، ثم يعود ثانية عام 2014 لمعشوقته جريدة «الأخبار» رئيسًا لتحريرها، ثم رئيسًا لمجلس إدارة دار «أخبار اليوم».. كل ذلك مضاف إلى إبداعاته الصحفية من حوارات ومقالات وانفرادات خبرية وحملات.. ومع ثقل المسئوليات وتزايد أعباء الطموحات آثر التفرغ للكتابة، فكان ثماره شهادته على العصر الذى عايشه فى آخر إبداع تجلى بإصدار كتاب «سنوات الخماسين».. وتولى مسئولية رئاسة مجلس إدارة دارنا الحبيبة «أخبار اليوم» الصديق الخلوق الكاتب الصحفى أحمد جلال، حفظه الله ووفقه.


رحم الله ياسر رزق، وجزاه خيرًا عما قدم، وأشهد الله أن هذا الإنسان أحبه، نسألكم الدعاء وقراءة الفاتحة.. والله غالب على أمره، وتحيا مصر.