هل تقضي الشروط الجديدة في عقود الزواج على زيادة حالات الطلاق؟

صورة ارشفية
صورة ارشفية

مع كثرة أسباب الطلاق في السنوات القليلة الماضية، سعت العديد من الأسر المصرية، تدوين شروط جديدة في عقود زواج بناتهن، تعالج أسباب الطلاق الشائعة في المجتمع، مثل إتاحة الفرصة لها للعمل، عدم إجبارها على خدمة أهله، وغيرها من الشروط التي يراها البعض بدعة، بينما يراها البعض ضمانة للحفاظ على استقرار الحياة الزوجية، ومن الأسرة التي يتبعها الحفاظ على المجتمع.
 
وكان الزواج في عصور سابقة قائم على كلمة بمثابة «ميثاق غليظ» لا يستطيع أيا من الطرفين الإخلال به، وكانت الحياة بسيطة والاستقرار عنوانها، وكان المجتمع في أفضل حالاته لأن لبنته الأولى تعيش في ود وحب ووئام، بات الزواج تحمه عقود وشروط ومع ذلك يتم التلاعب بها، رغم كثرة الاحتياطات التي حولت عقد الزواج إلى عقد مقايضة والزوج وزوجته لكل منهما شروطه التي يحاول أن يفرضها. 

لا تقف أمام محكمة أسرة إلا وتجد مشاكل أسرية عدة، ينتظر أصحابها الفصل في الطلاق، أو تطلب إحداهن الخلع، نتيجة وجود مشكلة مع شريك حياتها، والأسباب تراها هينة ولكنها أدت لتفكيك أسرة وربما تشريد أطفال والقضاء على مستقبلهم.


«بوابة أخبار اليوم» فتحت الملف مع المختصين والمعنين 

في البداية قال أحمد عبدالحكم الدويني مأذون شرعي، إن هناك بعض الشروط التي تحرص بعض الأسر على استحداثها عند كتابة عقود الزواج وجميعها تضيف لحقوق المرأة وتعتبر إنقاص من حق الزوج. 

وأضاف أنه يعمل بالمهنة التي ورثها عن والده منذ ٤٠ عاما، ولكن مع بداية الألفية الجديدة بدأ بعض الأطراف لا سيما الزوجة وأهلها طلب وضع شروط منها ما يتم قبوله وكتابته في العقد ومنها ما يتم رفضه وأحيانا يرفض كتابة عقود لإلحاح أحد الطرفين على وضع بنود تحلل الحرام. 

وأشار إلى أن أهم الأمور التي تحرص الزوجة على إضافتها ما يتعلق بعدم التضييق عليها في عملها بعد الزواج، ألا ينتقل للعيش بها في منزل العائلة، كتابة جميع المنقولات الزوجية باسمها، عدم زواج الرجل من أخرى قبل الحصول على إذن كتابي منها، مؤكدا أن هذا الشرط من أضعف ما يكون لأن الشرع يحل للرجل التعدد ومن ثم فإن عقاب مخالفته لا تزيد عن غرامة مالية صغيرة على الرجل. 

واستطرد: أن أهم الشروط التي طلبها أحد الطرفين وتم رفضها لتعارضها مع صحيح الدين، عندما طلب الزوج ألا تشارك زوجته أطفاله في المستقبل في الميراث، موضحا أن العقد يكون باطلا إذا ما ذكر فيه هذا الشرط. 

وأردف الدويني قائلا إنه كثرت في الآونة الأخيرة حالات الزواج بدون حضور والد الزوجة وهو ما يتم رفضه حتى ولو حضر جميع أفراد عائلتها، لأن بدون موافقة الأب وهو على قيد الحياة يبطل الزواج، مضيفًا أنه زادت الحالات التي يطلب فيه مؤخر مبالغ زهيدة تصل ل ٥٠٠ جنيه ويتم رفضها فورا لأنها لا توافق الواقع الذي نعيشه، وتعتبر إهدار لحق الزوجة. 


وأوضح الدويني، أن بعض الأسر البسيطة والمتواضعة ماديًا تحرص على كتابة مؤخر يفوق قدرات الزواج رغبة منهم في تكتيف الزوج وإجباره على الاستمرار في الزواج أو كضامن لابنتهم حتى وإن كانت هناك شروط تحتم الطلاق، لافتا إلى أنه قام بكتابة العديد من عقود الزواج للفنانين والأثرياء ولم يبالوا جميعهم بقيمة المؤخر التي غالبا ما تكون ضعيفة مقارنة بقدراتهم المادية. 

وأكد أن أهم أسباب الطلاق في الفترة الأخيرة يرجع سببها إلى زيادة استخدام التليفون من قبل الزوجة، نومها المتأخر، إهمال بيتها وعيالها وعدم درايتها بالمسؤولية الزوجية، عدم الاهتمام بنظافة بيتها وعيالها، إضافة إلى الأسباب المادية، أو إدمان الزوج وتفضيل مطالبه الشخصية على مطالب أسرته. 


وحذر من أن يشمل العقد بند يتعلق بتحديد مدة الزواج لأن الزواج حينها يصبح باطلًا. 

وأوضحت الدكتورة سعاد صالح استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه لا مانع من كتابة شروط لا تؤثر على صحة عقد النكاح، مضيفة أنه لا يجوز كتابة أي شرط يلغي حق من الحقوق الشرعية للرجل أو المرأة. 

وشددت على أن عادات وتقاليد المجتمع متغيرة ولذا فإن استحداث وضع شروط تتماشى مع الوضع الحالي لمجتمعنا وعاداته وتقاليده الحالية، وتخدم مصالح أحدهما، ولم يأت نص شرعي ينهي عنها، فإنه لا خلاف على وضعها. 

وأكدت أنه لا مانع من وضع شرط يحدد مدة الزواج، لظروف يراها الزوج والزوجة أنفسهم، أو لاختبار مدى نجاح العلاقة في فترة ما وعلى أساسها يحددوا إذا ما كانوا سيستمرون أم لا، موضحة أن الحرام هنا عدم الالتزام بالاتفاق ما يعد مخالفة لنص قرآني واوفو بالعهد. 

ومن ناحية أخرى انتقد الدكتور أحمد كريمه استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بعض الشروط التي يريد البعض إضافتها في عقد الزواج، قائلاً "عيب تتكتب في عقود زواج المسلمين". 

وتابع كريمة، أن إضافه شروط في عقد الزواج قد أتاحها  الفقه الحنبلي في باب الشروط في عقد النكاح، والذي نص على أنه يجوز للمرأة عن إنشاء عقد الزواج أن تشترط أو وليها على الرجل ألا يتزوج دون علمها أو يخرجها من بلدها، منوهًا عن ضرورة موافقة الطرفين على كتابة هذا الشرط، حتى يتم العمل بهذه الشروط. 

وأضاف استاد الفقه المقارن، أن طالما أن كانت الشروط عقلانية فلا حرج من كتابتها، ولكن لا تكتب شروط مفادها أنه في حال عدم التزام الزوج وجب لها التطليق، فكل إنسان يمكن أن يكون مقصرًا، ولكن ما يجب التطليق فيه، أن يكون الزوج سارق أو تاجر مخدرات أو لاعب قمار، أو ديوث أو قواد، هذا إلى جانب خوف المرأة من تدين مغشوش، وأن يجبرها بأنماط معينة لا تناسب سنها، أو منعها من عدم وصل رحمها مع أقارب الدرجة الأولى، فإنه من حق المرأة في تلك الحالات أن تضمن لنفسها في عقد الزواج عدم مساس الرجل بهذه الحقوق، ولكن بشرط موافقة الرجل. 


وأوضح كريمة، أن ارتفاع نسب الطلاق ناتج "دلع البنات وتزويج الأب لابنه دون أن يعلمه المسئولية"، مؤكدا أن الزمن تغير عما كان عليه قديما، عندما كانت الكلمة عقد، فكانت الناس تعرف بعضها، ولكن مع الكثافة السكانية أصبحت الناس لا تعرف بعضها جيدًا، ولذا  أضحى من حق الفتاة تأمين نفسها بما تراه مقبولا وعقلانيا، مضيفًا أن يجب ألا تترك المرأة لهوي الرجل. 

وشدد على حرمانية الزواج محدد المدة مسبقًا، لأنه أشبه بنكاح المتعة للشيعة، وهو باطل عند أهل السنة والجماعة، موضحًا أن باب الضرر شمل كل هذه الأمور قبل أن يفكر أحد في وضع مثل هذه الشروط. 

ومن جانبه قالت الدكتورة إيمان عبد الله خبيرة علم النفس والعلاج الأسرى، إنه من حق الزوجة أن تكتب في عقد زواجها الشروط التي تراها كفيلة بضمان مستقبلها ومستقبل أطفالها، وعدم تشردهم، نتيجة دخولها في خلافات وصراعات مع زوجها.

وأكدت أن ما استلزم اتخاذ تلك الإجراءات وكتابة تلك الشروط، المتغيرات المجتمعية الحديثة الناتجة عن العولمة السلبية التي أثرت سلباعلى مجتمعاتنا، إلى جانب انتهاء الأسرة الممتدة التي كانت تربي وتوعي، وأصبح الشباب غير واعي، و٦لا يدرك معظم الأفعال التي يرتكبها، ولا يجد من يلومه عليها.

وأضافت أن ما نشهده في مجتمعاتنا وما نراه في المحاكم حوّل عقد الزواج من شيء مقدس إلى شيء مدنس يتم التلاعب ببنوده، ويتم التزوير والتدليس من قبل الزوج حتي يظلم زوجته، بطرق ملتوية .

وذكرت إيمان، بعض الشروط التي يجب أن يشتمل عليها عقد الزواج والتي تم استنتاجها من مشاكل حدثت بالفعل وتنظرها المحاكم حاليًا، فتم تحويل هذه الأسباب التي ربما يراها البعض غريبة ومستحدثة إلى شروط يشتمل عليها عقد القادمين على الزواج، لتفادي مثل تلك الخلافات.

وكان أول هذه الشروط أن يحق للزوجة الطلاق في حال ثبت إصابة الزوج بأي أمراض نفسية أوعصبية تعيق تعامله مع الزوجة، إضافة إلى حقها في طلب الطلاب إذا اكتشفت ضعفه الجنسي وعدم قدرته على أن يعطيها حقها الشرعي، الذي قد يسبب حالة نفسية للزوجة في حال عد حصولها عليه أو تحويلها إلى سيدة منحرفة، مشددة على أن فحوصات ما قبل الزواج تكون غير دقيقة في أحايين كثيرة.

حالات الولادة عندما تكون الفتاة عذراء أو إقامة نصف علاقة بين الزوجين مما يكون له عواقب كبيرة على الزوجة لضعف القدرة الجنسية للرجل، مضيفة أهمية وضع شروط للمستحدث من الأمور مثل النقل والإقامة في مكان أخر حيث تشترط عليه ألا ينقلها لمكان لا تريده أو يمنعها من العمل.

كما طالبت بألا يعتد بالطلاق الشفوي وأن يكون هذا مثبت في عقد الزواج حتى لا يكون مستقبل الزوجة متوقف على كلمة من زوجها في وقت عصبية منه، أن تضع شرطًا على زوجها أن يكتب لها محل السكن الزوجي مدى الحياة وليس لحين بلوغ أطفالها السن القانوني.

وأضافت أنه من المهم أن يكون هناك شرطًا يجبر الرجل على ألا يغيب عن البيت أكثر من شهور لظروف العمل، إلى جانب حقها في طلب الطلاق في حال هجرها لمدة ال شهور دون أن يعطيها حقها/ مؤكدة أن غياب الزوج عن البيت لسنوات عديدة قديدة قد يصيب الأولاد بعقدة «أوديت» والبنات بعقدة «إلكترا» وهو ما يعني انحرافهم ويهدد بوقوع علاقات محرمة بين البنت ووالدها الذي تراه كل فترة وكأنه رجل غريب تنكشف عليه، وكذلك الولد مع أمه.

ولفتت إلى أهمية وضع شروط تضمن عدم استيلاء الزوج على أموال زوجته، أو الإهانة أو التعدي عليها بالضرب، مبدية اعتراضها الشديد على الزواج الوقتي لانه يؤدي إلى انقراض الأجيال لأنه يقوم على المتعة دون الإنجاب.

ومن جانبه قال الشيخ إسلام عامر نقيب المأذونين أن هناك شروط يلتزم بها المآذيين في مصر طالما أنها لا تحرم حلالا ولا تحلل حرامًا، وأن تكون بموافقة الزوجين مثل أن تكون العصمة بيد الزوجة، وأن يضعوا شرطا فيما يتعلق الاقتران بعمل أو وظيفة، وشرطا اخر حول الاقتران بزوجة أخرى بدون إذن كتابي من الزوجة، ومن حقها أن تضع شرطًا ألا يطلقها غيابي، رغم أن هذا حق أصيل للزوج ولكن من جقه أن يتنازل عنه .

وانتقد عامر الهيئات والمنظمات التي تدعي دفاعها عن حقوق المرأة وتطرح شروطًا لا أساس ديني وعرفي ولا تقاليدي لها ، ولا يتم الاعتداد عليها من قبل النمأذون لكونها أمورا تحرم حلالا أو تحلل حراما.

اقرأ أيضأ:الإحصاء»: عدد الذكور أكبر من الإناث في مصر وحالات الطلاق وصلت 222 ألفاً

وأكد نقيب المأذيين، أن ديننا الإسلامي دين فطرة ويجب علينا أن نساير التطور في مجتمعنا بما يتماشى مع أمور ديننا، ونبتعد عن البدع التي تهدف إلى التشكيك، مشددًا على أن الطلاق الشفوي لا تهاون فيه ولا مساس به، فالزواج كلمة وهي بمثابة ميثاق غليظ كما قال رب الأرض والسماء.

وأوضح أن الخلافات الزوجية وليدة وقتها وعصرها وموقعها الجغرافي ومن ثم لا يعقل أن يعمم سبب طلاق حالة ونريده شرطا في عقد زواج الآخرين فهذا يوازي تقدير للبلى قبل وقوعه.

وأكد أحمد مهران الخبير القانوني، أن المشرعى في القسيمة الجديدة ينص على أنه يحق لكل طرف أن يضيف شروطا طالما أنها لا تحرم حلالا ولا تحلل حراما.

وأضاف أن أي شروط يتم وضعها في عقد الزواج بعيدة عن الواقع تكون باطلة والعقد صحيح، موضحًا أن الأساس  في عقد الزواج هو الاستمرارية حيث إنه عقد مؤبد فلا يصح أن يكون مشروطا بمدة معينة.

وأشار إلى أهم الأسباب الطريفة والغريبة في عقد الزواج، "زوج بيلعب بلايستيشن" و"وزوج يمنع زوجته من التدخين" و"زوج بيغير على زوجته".

مع زيادة عدد السكان كان من المفترض أن يقابلها زيادة عدد حالات الزواج، إلا أن الواقع يشير إلى غير هذا، فقد زاد السكان وتجمد عداد الزواج وتحركت مسرعا عقارب ساعة الطلاق، مع العلم ان نسبة التعليم زادت والأوضاع تحسنت وتفتحت العقول أكثر مما كانت بفضل مواقع التواصل الاجتماعي وعصر السموات المفتوحة.

إلا أن التقاليد والعرف الاجتماعي والعادات قد اندثرت، وأصبح الجواز كصفقة تملي الزوجة شروطا وكذلك أمها وأبيها من أجل يقوووا موقف ابنتهم ويضع الرجل شروطه ويظل الأمر وكأنه مقايضة بين الطرفين. 

وتغير موقف الأم  بين  قديما وحديثا، فالأم التي كانت تقول لابنتها "هدى السر واستحملي وملكيش غير زوجك وعيالك، دا حبيبك وبيغير عليكي، اتلاقيكم اتحسدتوا طولي بالك، عيب يا بت قدام الناس يقولوا سايبه بيت جوزها ليه، طيعي زوجك هو كل دنيتك".

أما الأم أصبحت تقول في أيامنا الحالية "لو غلبك بالمال، اغلبيه بالعيال، لو قالك ابوكي قوليله ابوك وامك، لو داسلك على طرف دوسي على رقبته، لو على صوتك سيبيه وتعالى بيت ابوكي مفتوح، متزعليش نفسك وحقك هيجي وبالقانون هنخليه يقضي باقي حياته في السجن"، و مثل هذا الكلام كفيل بأن يخرب بيوتا ويدمر اسرا ويفكك مجتمعات بل ويزرع نوع من الحقد والغل وعدم القبول لدى الطرفين، كما يجعل هناك حالة من الندية من قبل الزوجة يجعلها تأبى أن تأتي على حساب نفسها، من أجل أن تسير الأمور، ولذا كثر الخلاف والشقاق بين الأسر المصرية.

اقرأ أيضأ | المفتي: إدمان السوشيال ميديا أحد أسباب زيادة حالات الطلاق