دراسة شاملة لـ الوزراء حول تأثير أوميكرون على سلاسل التوريد العالمية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلا معلوماتيا حول تأثير متحور أوميكرون على سلاسل التوريد العالمية.
وأشار التحليل إلى أن جائحة "كوفيد -19" عصفت بسلاسل التوريد العالمية فى عام 2020 إبان انتشار الفيروس فى العديد من دول العالم؛ وفى ظل ظهور المتحور "أوميكرون" دبت حالة من عدم اليقين والاضطراب والترقب؛ حيث بات يشكل تحديا جديدا فى الوقت الحالى بشأن تأثيره على الاقتصاد العالمى وعلى سلاسل التوريد العالمية.

اقرأ أيضا| عارض شائع يدل على الإصابة بمتحور «أوميكرون»

وأكد تحليل المركز أنه فى ضوء الاستجابة للتداعيات التى فرضتها الجائحة، فقد شهدت ممارسات إدارة سلاسل التوريد على المستوى العالمى العديد من التغيرات التى طرأت عليها أبرزها:
1- قيام بعض مسؤولى شركات التوريد العالمية حول العالم بتغيير استراتيجيتهم فى ضوء التعامل مع الأزمة الحالية، فبعد أن كانت جميع الشركات تتطلع إلى توسيع قاعدة تعاملاتها، وتوزيع أنشطتها التصنيعية والإنتاجية حول العالم للاستفادة من الميزة التنافسية للدول، أصبحت الشركات تسعى حول أقلمة Regionalizing Supply Chains وتوطين عمليات التوريد؛ لتلافى أزمة الإغلاق فى حالة عدم اليقين الموجودة فى ظل المتحورات الجديدة.

وأوضح تقرير شركة "ماكينزى" فى نوفمبر 2021 أن 92% من الشركات المستطلع رأيها قامت بتغيير استراتيجيتها بهدف جعل سلاسل التوريد أكثر مرونة، وكان القطاع الأكثر مرونة والأكثر تغييرا فى الاستراتيجية هو القطاع الطبى؛ حيث اعتمدت 60% من الشركات الطبية على سلاسل التوريد الإقليمية، فى الوقت نفسه قامت 33% من الشركات المستطلع رأيها بنقل مراكز الإنتاج إلى الأسواق النهائية، بينما جاء قطاع الصناعات الكيميائية الأقل استجابة للتغيير فى نمط سلاسل التوريد الخاصة بهم، ويرجع ذلك إلى الطبيعة الهيكلية للصناعات الكيميائية من حيث إنها صناعات كثيفة الأصول، وذات تكلفة ومواقع إنتاجية كبيرة مما يصعب أقلمتها، أما فيما يخص شركات السيارات، والدفاع، والفضاء فقد قامت 22% فقط من الشركات المستطلع رأيها بالاعتماد على أقلمة الإنتاج.

2- تباينت استجابة القطاعات المختلفة لتداعيات الجائحة، فوفقا للدراسة التى أجرتها شركة "إيرنست يونج" الأمريكية على 200 شخص من المسؤولين التنفيذيين لسلاسل التوريد لمجموعة الشركات فى الولايات المتحدة الأمريكية فى قطاعات مختلفة، وهى: شركات المنتجات الاستهلاكية، والبيع بالتجزئة، وعلوم الحياة، والمنتجات الصناعية، والسيارات، والتكنولوجيا الفائقة فى نهاية 2020 لقياس أثر الجائحة على سلاسل التوريد العالمية، تبين أن إجمالى الشركات التى تعرضت لتأثير سلبى نتيجة انتشار الجائحة بلغ حوالى 72%، علاوة على ذلك، أفادت 47% من الشركات أن الجائحة أدت إلى تعطل القوى العاملة لديها؛ مما نتج عنه تعرقل فى سلاسل التوريد.

وأفادت الدراسة أن الشركات التى تضررت بشدة جراء الجائحة هى شركات السيارات، وشركات المنتجات الصناعية، حيث أشارت الغالبية العظمى منها (ما يقرب من نحو 97% من شركات السيارات، وشركات المنتجات الصناعية) إلى أن الجائحة قد نجم عنها العديد من الخسائر الفادحة، وعلى صعيد آخر، أفادت 11% من الشركات أن للجائحة تأثيرا إيجابيا عليها، وقد كانت أكثر الشركات التى شهدت تحسنا إيجابيا جراء الجائحة هى الشركات المختصة بعلوم الحياة Life Sciences؛ وذلك لأنها تنتج منتجات ضرورية، كما تطلبت تداعيات الوباء أن تقوم هذه الشركات بخلق منتجات جديدة مثل الأمصال واختبارات "كوفيد-19"، والتى زاد طلب المستهلكين على منتجاتها بنسبة 71% كما تمكنت من تصنيع منتجات جديدة بنسبة زيادة حوالى 57%.

3- خططت الشركات لزيادة التوريد للمناطق الأكثر قربا؛ لضمان بناء سلسلة توريد مرنة وفعالة لديها القدرة على الاستجابة للاضطرابات فى ظل الجائحة، ولكن انتهى بها الأمر إلى زيادة المخزون، وأوضحت دراسة "ماكينزى" أن الشركات قد لجأت بصورة أكبر إلى زيادة المخزون من المنتجات الاستراتيجية، فعلى سبيل المثال كانت نسبة الشركات التى خططت خلال عام 2020 لارتفاع المخزون حوالى 47% من إجمالى الشركات، فى حين أن التنفيذ الفعلى خلال الاثنى عشر شهرا الماضية قد أظهر ارتفاعا مقداره 14% عما كان مخططا له فى مايو 2020.

وأوضحت نتائج الدراسة أيضا زيادة المخزون على طول سلسلة التوريد بنسبة 15% عما كان مخططا له فى عام 2020، علاوة على ذلك، أوضحت النتائج انخفاض نسبة أقلمة الشركات لسلاسل توريدها بنسبة 13% عما كان مخططا له فى عام 2020، كما لم تنجح الشركات فى تحقيق الإجراءات المرجوة المخطط لها بشأن التوريد للمناطق الأكثر قربا، وزيادة قاعدة الموردين، حيث كانت تستهدف 40% فى مايو 2020 بينما بلغ ما تم تنفيذه بالفعل خلال الإثنى عشر شهرا الماضية نسبة 15%؛ مما يعكس بدوره عدم قدرة الشركات المستطلع رأيها على الاستجابة للجائحة بمرونة كافية.

وعلى الرغم من لجوء الشركات في أوقات الأزمات، وحالات عدم التيقن إلى تخفيض استثماراتها فى التكنولوجيا، فإن الشركات - استجابة لتداعيات الجائحة- قد زادت فى استثماراتها فى التكنولوجيا الحديثة للاستفادة من مزايا سلاسل التوريد الرقمية بغية ضمان استمرار أنشطتها الاقتصادية، فقد أوضحت دراسة شركة "إيرنست يونج" أن 64% من المديرين التنفيذيين لسلاسل التوريد الذين شملهم الاستطلاع قد أفادوا أنه سوف تتسارع وتيرة التحول الرقمى لسلاسل التوريد العالمية فى أعقاب الجائحة.

وأكد تحليل مركز المعلومات أنه فى ضوء استمرار مخاطر أزمة سلاسل التوريد العالمية فى ظل ظهور متحورات جديدة، واحتمالية تسببها فى إبطاء مسيرة الاقتصاد العالمى، تسعى الدول كافة إلى جعل سلاسل الإمداد الخاصة بها أكثر مرونة فى استقبال الأزمات من خلال الدراسات المتعمقة لأسواق الإمداد، وتحديد أقرب البدائل فى حالات الأزمات، فضلا عن ذلك يجب التوجه نحو الأتمتة، وسلاسل القيمة الرقمية من خلال ربط نظام التعليم بالتحول الرقمى، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات فى مجالات التعليم خاصة المتعلقة بالهندسة وعلوم الحوسبة، والذكاء الاصطناعى التى ستسهم بدورها فى تأهيل العاملين بسلاسل التوريد، وزيادة كفاءتهم للتعامل فى أوقات الأزمات، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية التكنولوجية اللازمة لمواكبة التغيرات العالمية.