خذلان المحترفين و«لحظة الانفجار» وراء خروج الجزائر

الجزائر «حامل اللقب»  بقيادة محرز تفشل فى تجاوز دور المجموعات فى أكبر مفاجآت البطولة
الجزائر «حامل اللقب» بقيادة محرز تفشل فى تجاوز دور المجموعات فى أكبر مفاجآت البطولة

ودَّع المنتخب الجزائرى، مساء الخميس الماضى، بطولة كأس أمم أفريقيا مبكرًا، وأبكى جماهيره العريضة، التى وصلت للكاميرون أملاً فى المحافظة على العرش الأفريقى.


خروج الجزائر مثَّل أكبر مفاجأة فى البطولة الأفريقية، خاصة أنه قبل أسبوع فقط، كان «محاربو الصحراء» المرشح الأول لتحقيق اللقب.
خروج الجزائر لم يكن عادياً، حيث فشل «الخضر» فى تحقيق أى انتصار، ولم يسجلوا سوى هدف واحد، فى مجموعة لم تكن من بين الأصعب فى البطولة، خاصة مع وجود منتخبين بإمكانيات متواضعة، وهما منتخبا غينيا الاستوائية وسيراليون.


لعنة البطل
قبل الدخول فى أسباب الخروج الحقيقية، لا بد من التطرق لنقطة «لعنة البطل»، وهى الظاهرة التى تصيب الأبطال فى عالم كرة القدم، والتى تتجلى بوضوح فى أفريقيا.
فى 32 نسخة لأمم أفريقيا، فشل حامل اللقب بعبور دور المجموعات فى النسخة التالية 13 مرة، وفى مرتين لم يتأهل أصلاً للنسخة التالية.
هذه «اللعنة» أصابت منتخب الجزائر هذه المرة، كما أصابت مصر بالسابق فى 2012 ونيجيريا فى 2015 وكوت ديفوار فى 2017.أسباب اللعنة تقع عادة بسبب الإصابة بنوع من أنواع التشبع مع قليل من الغرور الذى يتسلل إلى نفوس حامل اللقب، بالإضافة إلى تسليط الضوء أكثر من اللازم على اللاعبين مما يزيد الضغوط.


المحترفون
من أبرز أسباب الخروج المبكر للجزائر، هو فشل المحترفين فى تقديم مستواهم الذى يقدموه فى أنديتهم، خاصة بالمقارنة مع منتخب المحليين الذى قدم أداء كبيراً وحقق كأس العرب قبل أسابيع قليلة.منتخب الجزائر وضع ثقته كاملة فى رياض محرز، نجم مانشستر سيتى، وسعيد بن رحمة، نجم وست هام، وسفيان فيغولى، نجم جلطة سراى، وعدد من المحترفين الآخرين الذين فشلوا فى صناعة الفارق، مثل حارس بالقبلة ورامز زروقى.
أسباب «خذلان» المحترفين لجماهيرهم، قد تكون بسبب الضغوطات الكبيرة التى وضعت عليهم من أنديتهم الأوروبية، للابتعاد عن الإصابات والالتحامات، مما يبعد اللاعبين عن الدخول فى المواجهات الصعبة بكامل تركيزهم.


والنقطة الأخرى هى الحرب الكبيرة التى شنتها الدوريات الأوروبية، خاصة الإنجليزى، على بطولة أمم أفريقيا، بسبب سوء التحضيرات وسوء التوقيت، مما أدخل نجوم أوروبا المشاركين فى حالة ذهنية مشتتة، وهذا ما بدا واضحاً على نجوم البريميرليج مثل محمد صلاح وساديو مانى ورياض محرز وآخرين.هذه الضغوطات لم تكن موجودة فى نسخة أمم أفريقيا 2019 فى مصر، لأنها أقيمت فى فصل الصيف، ولم تتعارض مع الدوريات الكبرى، ولم تسودها أجواء جائحة كورونا ولا التنظيم السيئ، الأمر الذى ساعد المنتخب الجزائرى بالدخول بحالة تركيز كبيرة وتحقيق البطولة.
الضغوطات وبلماضى


المنتخب الجزائرى وضع نفسه تحت ضغوطات كبيرة، فرضتها الجماهير والإعلام والمدرب جمال بلماضى نفسه، أدت للوصول إلى حالة «الانفجار» التى وصلها «الخضر». الضغوطات أبرزها كانت بالحفاظ على سلسلة «اللا هزيمة»، والتى وصل فيها إلى الرقم 35، على بُعد مباريات قليلة من تحطيم الرقم العالمى لإيطاليا.
هذا الرقم القياسى سبَّب نوعاً من «الهوس» لدى الجماهير الجزائرية، وأثَّر على المنتخب، الذى فشل بتحطيم الرقم القياسى على بُعد مباريات قليلة، وأمام منتخب متواضع مثل غينيا الاستوائية. الضغط الآخر وضعه تألق منتخب الجزائر فى كأس العرب، وتحقيقه اللقب بتشكيلة «شبه احتياطية»، مما رفع من سقف التوقعات للمنتخب الجزائرى فى أفريقيا، وأصبح أى شىء غير اللقب يعتبر فشلاً ذريعاً للمنتخب «الأقوى أفريقيًا».
ملاعب الكاميرون كانت سيئة، وهو ما لا جدال عليه، ولكن وضعها فى خانة «أسباب الهزيمة الجزائرية» أمر غير واقعى. فملاعب الكاميرون المتواضعة، قدَّم عليها نجوم كوت ديفوار ونيجيريا مستوى كبيراً، وهى المنتخبات التى يلعب أغلب لاعبيها على ملاعب أوروبا المثالية، فى أكبر أندية العالم.
الملاعب «المشوّهة» هى لعنة تصيب الجميع، ولطالما كانت سمة بطولات أفريقيا بالسابق. ومثله التحكيم السيئ، الذى لطالما كان من علامات البطولات الأفريقية، وسوء التحكيم تعرض له الجميع فى البطولة، وبالعكس، فإن المنتخب الجزائرى لم يتعرض لحالات تحكيمية شديدة الجدل، وعانى من سوء الحظ وسوء المستوى فقط.


صفعة ضرورية
قد يكون خروج «محاربو الصحراء» مؤلماً فى أمم أفريقيا، لكنه قد يمثل «صفعة الاستفاقة» للمنتخب، كى يعيد ترتيب أوراقه قبل مباريات الحسم المؤهلة لكأس العالم 2022.