لتفادى حملات إغلاق مراكز الدروس الخصوصية

«السناتر» تهرب إلى «الأونلاين» لجذب طلاب الثانوية

طلاب الثانوية العامة ينجذبون لدروس الأونلاين
طلاب الثانوية العامة ينجذبون لدروس الأونلاين

أحمد جمال

فى الوقت الذى تزايدت فيه حملات تنفيذ القانون الخاصة بمراكز الدروس الخصوصية كان الاتجاه السائد لدى عدد كبير من المعلمين الاتجاه نحو التعليم الإلكترونى سواء عبر تقديم فيديوهات للمناهج الدراسية عبر ايوتيوبب أو من خلال تدشين منصات إلكترونية خاصة بهم شبيهة بتلك التى دشنتها وزارة التربية والتعليم أو من خلال تحويل مكان السنتر إلى مقر لتحصيل ما يُسمى بـالكود الذى يتم شراؤه لمشاهدة الحصة من المنزل عبر فيديو للطلاب.

أصبحت هناك سوق موازية للدروس الخصوصية لا يعلم أحد عنها شيئاً، فإذا كانت حملات تنفيذ القانون استطاعت غلق وتشميع عدد من السناتر فإنه مع تحول الدروس الخصوصية من التفاعل المباشر بين المدرس والطلاب إلى تفاعل غير مباشر عبر الأدوات الإلكترونية المختلفة سيكون الأمر أكثر صعوبة، خاصة أن هناك بعض المعلمين يمارسون عملهم من خارج البلاد، إلى جانب أن بعض المعلمين استطاع أن يصنع شهرة لنفسه خارج حدود الدولة عبر شرح مناهج دول عربية مجاورة.

وينص قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 على أن يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من أعطى درسا خصوصيا فى مركز أو سنتر تعليمى أو فى مكان مفتوح للجمهور بصفة عامة، ويعاقب أيضا مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، كل من ساهم أو اشترك بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة.

لم يعد اأسد الفيزياءب واامبراطور التاريخب نماذج معروفة لدى طلاب العاصمة فقط، فمع التطور الجديد أصبح الطالب الذى يقطن فى محافظة سوهاج مثلاً قادراً على الوصول إلى المعلم المشهور فى القاهرة، وهو ما ساعد المعلمين على توسيع دائرة انتشارهم فى حين أن التوجه العام كان يستهدف حصار الدروس الخصوصية، وهو ما يُعنى أن هذه الثقافة سيكون من الصعب تغييرها طالما كانت هناك وسائل متطورة وطالما ظل امتحان نهاية العام بمثابة بعبع للطلاب يحاولون مواجهته عبر الدروس الخصوصية.

قالت حبيبة محمد، طالبة بالصف الثالث الثانوي، إن االسناترب بشكلها التقليدى أخذت فى التراجع منذ العام الماضي، وخلال هذا العام اتجه كثير من زملائها إلى التفاعل مع المعلمين المشهورين عبر المنصات الإلكترونية الخاصة بهم، فيما اختار أغلبنا الذهاب إلى السنتر مرة واحدة فى الأسبوع للحصول على اأكوادب الحصص، إذ يكون هناك شخص مسئول داخل كل سنتر مهمته الأساسية تسليم الأكواد للطلاب فى مقابل مادى للحصة تتراوح ما بين 70 و120 جنيهًا على حسب ما يحدده المعلم.

وأضافت أن الحصة داخل السنتر دائما ما تتراوح مدتها بين ثلاث إلى أربع ساعات بعكس الحصة التى يستفيض فيها المعلم عبر المنصات أو الفيديوهات وتصل فى بعض الأحيان إلى عشر ساعات مقسمة إلى أجزاء ما بين امتحان على ما جرى دراسته فى السابق وعملية حل الواجبات الأسبوعية وشرح المنهج الجديد وتقديم النماذج والأسئلة، فى حين أن كل معلم لديه مساعد أو أكثر يستطيع الطالب اللجوء إليه حال كان بحاجة لفهم جزئية معينة ويكون ذلك عبر مجموعة يدشنها كل معلم لطلابه على اواتسابب.

ذهبت حبيبة للتأكيد على أن ما يجرى وصفه بـاسناتر الأونلاينب تحقق أكثر من هدف إيجابى بالنسبة للطلاب، لأنها توفر عليهم وقت الذهاب لحضور الحصة خارج المنزل، خصوصا أن السناتر يشارك فيها عدد كبير من الطلاب يكون بالمئات وهناك مخاوف من انتقال فيروس كورونا بينهم فى وقت يكونون فى أشد الحاجة لكل دقيقة للمذاكرة، كما أن الحصة الأونلاين يمكن أن يسجلها الطالب ويحتفظ بها للعودة إليها مجدداً ويكون فى أجواء أكثر هدوءاً داخل المنزل.

وقالت ميادة عبدالله، ولية أمر أحد الطلاب بالصف الأول الثانوي، إن الكثير من المعلمين يخشون من حملات غلق السناتر واختاروا التواصل مع الطلاب عبر الأونلاين، ودشنوا قنوات خاصة بهم على موقع ايوتيوبب، بل إن بعضهم يتيح الدروس بشكل مجانى لطلاب الصفين الأول والثانى الثانوى لجذب الطلاب إليه فى الثانوية العامة والتى تكون بمقابل مادي، مشيرة إلى أن المعلمين يرون أنهم يسايرون تطورات وزارة التربية والتعليم التى دشنت منصات إلكترونية مدفوعة.

وأوضحت أن سناتر الأونلاين تتماشى مع بعض الطلاب الذين كان لديهم مشكلات فى توفيق أوقاتهم مع المعلمين الذين يريدون التعامل معهم، وهناك إمكانية لأن يشاهد الطالب الحصة فى الوقت الذى يحدده، وأصبح هناك جدول لدروس أونلاين وآخر لدروس السناتر العادية، مشيرة إلى أن إتاحة المعلمين سُبلا عديدة للتفاعل مع الطلاب عبر المنصات والمواقع الإلكترونية وتطوير قدراتهم ومهاراتهم لتقديم حصص تفاعلية يجعل الطلاب أكثر انجذابا إليها.

وأشارت إلى أن المساعدين الذين يتولون مهمة التواصل المباشر مع الطلاب والإجابة عن تساؤلاتهم يكونون أكثر أهمية من المعلمين أنفسهم ويجد الطلاب فرصة للتقارب مع هؤلاء لأنهم يكونون من طلاب كليات التربية من تلاميذ المعلم من الخريجين.

واعتبرت إيناس محمد، ولية أمر طالبة بالصف الثالث الثانوي، أن المشكلة الحقيقة التى تواجه أولياء الأمور فى الدروس الإلكترونية أنه لا يكون هناك إمكانية للتواصل المباشر بين ولى الأمر والمعلم كما الحال فى السنتر التقليدى للتعرف على مستوى الأبناء ومدى تطوره على مدار العام الدراسي، وكذلك فإن طول فترة الحصة التى قد تصل إلى 10 ساعات يستنزف أذهان الطلاب وقد لا يكون فى صالحهم بأوقات عديدة.

وأضافت أن المعلمين يحاولون التواصل مع الطلاب من خلال تنظيم حفلات تعارف جماعية، وأن أحد المعلمين ينوى جمع طلابه فى إحدى المحميات الطبيعية على أطراف القاهرة خلال إجازة نصف العام الدراسي، وآخر قام بحجز قرية سياحية فى منتجع العين السخنة، بالإضافة إلى الهدايا المستمرة التى تكون موبايل اآيفونب أو 1000 جنيه أو شهادات تقدير وهدايا أخرى لتشجيعهم.

وقالت رحاب سامي، عضو ائتلاف معلمى مصر، إن شركة مايكروسوفت العالمية توفر تدريبات مستمرة للمعلمين نحو كيفية التواصل مع الطلاب عن بُعد وأن وزارة التربية والتعليم ترعى هذه التدريبات التى من المفترض أن يجرى تطبيقها فى كافة المدارس مع انتشار فيروس كورونا، غير أن الذى حدث أن كثيرا من معلمى السناتر لا يتبعون وزارة التربية والتعليم استفادوا من تلك البرامج وقاموا بتطويعها لتكون بديلة عن السناتر بشكلها التقليدي.

وأكدت أن الكثير من المعلمين ينشر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى لجذب الطلاب ويقدم حصصا مجانية لبعض الدروس على موقع ايوتيوبب لجذب الطلاب وتكون الاستمرارية مع هذا المدرس أو ذاك بمقابل مادي، مشيرة إلى أن غالبية المعلمين يتواصلون مع الطلاب من خلال برامج اتيمزب أو ازوومب.

وأشارت إلى أن الكثير من معلمى الدروس الخصوصية اتجهوا للتواصل مع الطلاب فى البلدان العربية المجاورة، سواء كان ذلك لشرح المناهج التعليمية أو لمساعدتهم فى إعداد الأبحاث المطلوبة منهم، وأن مواقع التواصل تشهد انتشاراً لما يمكن تسميتهم بـاسماسرة الدروس الخصوصيةب والذين يقومون بمهمة التواصل بين الطلاب العرب تحديداً فى دول الخليج وبين المعلمين المصريين.

وأوضحت أن االسمسارب يحصل على القيمة الأكبر للدرس ويكون هناك إقدام من جانب المدرسين عليهم لأنها تحقق لهم عوائد مالية أكثر مما يتقاضونه فى الداخل، وفى بعض الحالات يكون هناك تواصل بين المعلمين والطلاب أو الباحثين العرب بشكل مباشر وهو ما يؤشر على أن الدروس أونلاين ستكون أكثر جذبًا للمعلمين أيضًا لما تحققه لهم من مكاسب تفوق ما كانوا يحققونه عبر السنتر التقليدي.

وأكدت أن الجزء الأكبر من المدرسين الذين طوروا قدراتهم عبر آليات التفاعل الإلكترونى مع الطلاب لا يتبعون وزارة التربية والتعليم وأن هؤلاء اضطروا لتطوير مهاراتهم للحفاظ على مهنتهم الرئيسية وهى الدروس الخصوصية، كما أن أغلبهم يحقق شهرة واسعة لأن الطلاب فى ظل الأونلاين يختارون الاستماع إلى شرح معلم أو أكثر للمادة الواحدة تحديداً فى مرحلة الثانوية العامة.. لكن فى المقابل، فإن سها حسني، ولية أمر طالبة بالصف الثالث الثانوي، أشارت إلى أن ابنتها لم تقتنع بالجدوى من الشرح الإلكتروني، وفى الوقت ذاته لديها مخاوف من الذهاب إلى السنتر وهو ما دفعها للجوء إلى الدروس االبرايفتب ويصل عدد الطلاب فى الحصة الواحدة إلى أربعة أو خمسة طلاب.