شهرزاد

أصغر جدة

هويدا صالح
هويدا صالح

بقلم/ هويدا صالح

الزواج من مبدع شىء مختلف تماما، نعم كنت سعيدة الحظ حينما تزوجت من كاتب يقدر مشروعى الإبداع، يدعمنى، يرى فى كل ما أفعل شيئا مهما. سارت الحياة على هذا المنوال، اختبرنا الزمن فى مواقف كثيرة، وأتصور أننا استطعنا تجاوز كل مشكلة مرت بنا صغيرة أو كبيرة، فالحياة لا تخلو من منغصات، لكن الفرق بين السعادة والتعاسة هو كيفية مواجهة المنغصات وحل المشكلات التى تواجه أى زوجين دون خسائر فادحة.
ظللنا هكذا أسرة مستقرة ومعنا ابنة وحيدة إلى أن تزوجت الابنة، وعاشت معنا، لا يفصل شقتنا عن شقتها سوى دور وحيد.
سعيد نوح زوجى لديه فائض غير طبيعى من الحنان تجاه الأطفال، وكان دوما يردد كنت جديرا بأن يمنحنى الله سبعة أطفال حتى يتمتعوا بشغفى نحوهم، لكن الله لم يرد له ألا يتمتع بهذا الإحساس وقد قارب على الثامنة والخمسين من عمره المديد بأمر الله.
منّ الله على ابنتنا بثلاثة أطفال أقل ما يمكن أن يوصفوا به أنهم ملائكة صغار بعض الوقت، وشياطين صغار أيضا معظم الوقت. وتحولت الحياة الهادئة إلى حياة يملؤها الصخب والبهجة والصراخ والجرى وراء «القرود» الذين يتشاكسون و يضربون بعضهم البعض. وتحول سعيد المنكب دوما على جهاز اللاب توب يكتب مشاريعه الإبداعية إلى طفل كبير يلعب مثلهم ويشاركهم الصخب والصراخ. وتحولت أنا من الأم والكاتبة التى لا يشغلها شيء سوى الكتابة والقراءة إلى طفلة أكثر منهم مشاكسة وشغبا وصراخا.
 لكن هل هذا الانشغال مع الأحفاد فى لعبهم ومشاغباتهم يشغلنا عن الإبداع؟ لا أتصور ذلك، بل ثمة شحنات نفسية وعاطفية تملأ قلوبنا وأرواحنا ، فنعود إلى الكتابة وقد شُغِفنا حبا فى الحياة والإبداع. وحينما يقول لى أحدهم: كبرت وصرت جدة، فأرد بفرح طفولي:أنا أصغر وأجمل جدة فى مصر.