ونحن نضىء الشمعة 104 لحبيب الملايين.. كيف كانت مصر يوم ميلاد عبدالناصر؟

كيف كانت مصر يوم ميلاد جمال عبدالناصر
كيف كانت مصر يوم ميلاد جمال عبدالناصر

تقول السيدة تحية عبد الناصرعن آخر عيد ميلاد تم إقامته للرئيس جمال عبد الناصر فى 15 يناير 1970، إن العائلة احتفلت به فى القناطر الخيرية وقدَّم كلُّ فردٍ منهم هديّة رمزية له، وتقول: «لم يكن الرئيس يشاركنا الاحتفال، كُنا نُحضِّر الحلوى ونضع عليها الشموع ونطفئها، وكان يخرج من حجرته ويرى ذلك فيبتسم ويُحيِّينا وينزل إلى مكتبه». 


«الأخبار» تحتفى بالذكرى 104 لميلاد الزعيم الذى مازال يتربع فى قلوب الملايين، ومنهم الشباب الذين لم يروه ولم يعيشوا إنجازاته وانتصاراته وإخفاقاته، لكنهم يستدعونه ويحملون صوره فى المواقف الوطنية، باعتباره الإنسان البسيط والزعيم صاحب الكاريزما التى جعلت أعداءه يشهدون له قبل أصدقائه، سيظل هو ناصر الفكرة والرمز والكرام.


تعالوا بنا نتعرف على ظروف مصر السياسية والاقتصادية وقت ميلاد الطفل الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الموظف بمصلحة البريد بالإسكندرية الذى كان راتبه يكفى بصعوبة لضرورات المعيشة، وقبل أن يولد الطفل جمال ويطلق صرخته الأولى 15 يناير 1918.

 

توفى السلطان كامل حسين فى 9 أكتوبر 1917، وكان قد عَرض السلطنة على نجله كمال الدين حسين، لكنه تنحى عن ذلك، وارتقى السلطان فؤاد الأول العرش. لم يشأ فؤاد تغيير الوزارة، فعهد لحسين رشدى بتأليفها فى أكتوبر 1917 قبل أن يولد جمال بشهرين.

 

وامتدت هذه الوزارة لأبريل 1919 وضمت إبراهيم باشا فتحى وزيرا للأوقاف، أحمد زيور باشا وزيرا للحربية، وأحمد حلمى وزيرا للزراعة، وإسماعيل سرى وزيرا للأشغال العمومية، حسين رشدى باشا وزيرا للداخلية، وعبد الخالق ثروت باشا وزيرا للحقانية، وعدلى يكن باشا وزيرا للمعارف العمومية، ويوسف باشا وهبة وزيرا للمالية، وصرفت مصر وقتها 3.5 مليون جنيه إسترلينى من خزانتها لمصلحة بريطانيا.


 ولد جمال فى ظل أجواء الحرب العالمية الأولى التى انتهت فى 11 نوفمبر 1918 عقب ولادته بعشرة شهور إلا أربعة أيام، وفى هذه الأجواء طغى على الاقتصاد ازدياد النفوذ الأجنبى فى البنوك والمصانع والمتاجر، وهبط سعرالقطن هبوطًا كبيرا إلى ما يعادل 1.60 جنيه مصرى بعد أن كان سعره 4 جنيهات قبل الحرب، ورفضت البنوك التسليف على القطن، وبدأت البنوك العقارية فى المطالبة بأقساطها، واستعملت الحكومة القسوة فى جمع الضرائب، مما دفع الكثيرين إلى بيع أقطانهم بأدنى سعر «1.20 جنيه».

وبيع المصوغات والماشية، والاستدانة من المرابين لسداد بقية المال المطلوب، وسُمِح للبنك الأهلى بإرسال رصيده الذهبى إلى لندن وإعفاء الأوراق النقدية من الغطاء الذهبى، ومنحت الحكومة علاوة للموظفين لمواجهة الغلاء، مع رفع أجور النقل بالسكك الحديدية ليصل مقدار الزيادة لـ 100%، وألغت عقود التصدير وحصرتها فى عدد محدود من الشركات الأجنبية، وبلغت خسارة مصر من القطن 32 مليون جنيه فى العام الذى ولد به جمال، وخلال عامى 1918 و1919 اتسع نطاق الحراك الوطنى ليشمل طبقات كانت بمعزل عنه كالموظفين والفلاحين وطبقة الأعيان.


ولد الطفل جمال عبد الناصر فى البيت رقم 12 بشارع «الدكتور فنواتى» بحى باكوس الشعبى بالإسكندرية، وأنجبت أمه بعده ولدين هما : عزّ العرب وشوقى، وعندما أتمّ الطفل جمال الخامسة من عمره التحق بروضة بمحرم بك بالإسكندرية، والتحق بعدها بالمدرسة الابتدائية فى الخطاطبة، وانتقل بعدها مع شقيقيه للإقامة عند عمه «خليل حسين»  بالقاهرة التى التحق بها بمدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية.

وكان يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبة فى العطلات المدرسية، وحين وصل فى الإجازة الصيفية عام 1926 علم أن والدته توفيت فأحس بأول صدمة تركت فى نفسه شعورا لم ينسه أبدا، وعندما أتم السنة الثالثة بمدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده عام 1928 عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية بمدرسة العطارين بالإسكندرية، وفى 1929 التحق بالقسم الداخلى بمدرسة حلوان الثانوية، ونقل منها إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية عندما انتقل والده للعمل بمصلحة البوستة هناك، وفى تلك المدرسة تكون وجدان التلميذ «جمال» الفكرى والسياسى.

 

ففى عام 1930 استصدرت وزارة إسماعيل صدقى مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فخرجت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وعودة الدستور، وانتقل جمال مرة أخرى للقاهرة عندما أصبح والده مأموراً للبريد بحيّ «الخرنفش» والتحق بمدرسة النهضة بحى الظاهرالتى أصبح فيها رئيسا لاتحاد الطلبة، ومع زيادة نشاطه السياسى ضدّ الاحتلال الإنجليزى لمصر قرّرت المدرسة فصله لكنها عدلت عن القرار أمام احتجاج زملائه، ليظل التلميذ جمال عنصراً فعالاً فى المظاهرات الطلابية، حين رفع أحمد حسين مؤسس حزب «مصر الفتاة».

شعار: «يا شباب ٣٥ كونوا كشباب ثورة ١٩»، وقد شارك فى المظاهرات المطالبة بجلاء الاحتلال وحمله رفاقه جريحا لمقر جريدة «الجهاد»، وكان عمره وقتها ١٧ عاما، وحين أتم تعليمه الثانوى قررالالتحاق بالكلية الحربية ورسب فى كشف الهيئة فالتحق بحقوق القاهرة ستة أشهر، وفى 1936 اتجهت النية فى المملكة المصرية إلى زيادة ضباط الجيش فتقدم للكلية الحربية وتم قبوله وتخرج منها فى يوليو 1938 والتحق بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد.

وفى 1939 خدم فى الخرطوم وجبل الأولياء، وبحصوله على دبلوم فى كلية أركان الحرب سنة 1951 تمّ تعيينه مدرّساً فيها، إلى أن قام بتشكيل تنظيم الضباط الأحرار وتولى قيادته، وهو التنظيم الذى قام بحركة الجيش التى ساندها الشعب فتحولت لثورة 23 يوليو، وما تلاها ذلك معروف بتنصيب اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية بعد إلغاء الملكية فى 18 يونيو 1953،

وأصبح جمال عبد الناصر الزعيم الشعبى المحبوب وأصبح ثانى رئيس للجمهورية وقضى فى الرئاسة 16 عاما كان خلالها «حبيب الملايين» الذين رفضوا تنحيه عن السلطة بعد نكسة 67 وتمسكوا به كرمز وطنى بدأ على الفور فى إعادة بناء القوات المسلحة، وحرب الاستنزاف بعد أن أطلق مقولته الشهيرة «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، إلى أن لقى ربه فى 28 سبتمبر 1970 بعد أن غير من وجه التاريخ. 
«كنوز »

إقرأ أيضاً|محطات في حياة «عبد الناصر» من التنظيم السري إلى رئاسة الجمهورية