آثار مصر المنسية.. كنـــــــــــوز يدفنها الإهمال (٢)

مقابر مير بأسيوط تنتظر خريطة السياحة

 الزوار فى مقابر مير
الزوار فى مقابر مير

تغيرت العاصمة التى حكمت مصر عبر الأزمنة، من هنا محافظة أسيوط حكم الفراعنة، الدولة بالكامل وفى عصر الدولة الفرعونية خلال الأسرة السادسة حتى نهاية الأسرة الثانية عشرة، نشأ هنا الإقليم الرابع عشر، فى قرية بسيطة تسمى «مير» بنى حكام هذا الإقليم معابدهم ومقابرهم ولا تزال هذه المقابر شاهداً على التاريخ، وقد ذكر الأثريون عن هذه المقابر بأن نقوش جدرانها تتميز بمحاكاة مدهشة للطبيعة وتفاصيل بالغة الدقة لجميع الأعمال اليومية التى كان يقوم بها المصرى القديم ولكن لا تزال هذه المقابر تحتاج إلى نظرة تطوير ووضعها على خريطة السياحة الداخلية والخارجية.


سجل حافل على جدران خمس عشرة مقبرة لجميع الألعاب الرياضية التى كانت تمارس فى ذلك الوقت والعديد من الصناعات المهمة التى كانت تنتشر فى مصر الفرعونية وكذلك العديد من احتفالات الأعياد والطقوس الدينية والأثاث الجنازى ومناظر الصيد والمسابقات الترفيهية، ومازالت جدرانها تتزين بألوان جميلة تعكس المهارة الرائعة للفنان المصرى القديم.


هنا قرية «مير» غرب مركز القوصية، تبعد 65 كم شمال غرب أسيوط، عندما يختلط الماضى بالحاضر، مجموعة من المقابر المنحوتة فى جسم الجبل، وهى جبانة عاصمة الإقليم القديم لأمراء وحكام المقاطعة الرابعة عشرة، التى عُرفت قديماً فى العصر الفرعونى منذ مايقرب من 3 آلاف سنة قبل الميلاد باسم «كيس»، وعُرفت فيما بعد و فى العصور الرومانية باسم «كوساى» و كان معبودها الإله حتحور، آثار مير، والتى سُميت حالياً باسم القوصية فى العصر الحالى نسبة إلى الإقليم الرابع عشر.


اكتشفها المهندس الإنجليزى مستر «بلاكمان» سنة 1919 كان له الفضل فى الكشف الأثرى والنشر العلمى لتلك المجموعة من المقابر بدعم من أحد أعيان منطقة غرب القوصية سيد باشا خشبة والذى قرر التنقيب بمساعدة مستر بلاكمان، والذى بدأ منذ عام 1910 وكان هذا المكان عبارة عن منطقة اختلطت فيها الزراعة مع الجبال الصخرية فى مشهد غريب يدمج الحياة مع الموت، رحلة كبيرة عن البحث، والاسم الذى يحمله المركز هو بالأساس فرعونى ويعكس اهتمام ملوك الدولة القديمة بأهمية الأماكن التى تتواجد بها مقابر ملوكها وامرائها.


منذ 2420 ق.م كانت هذه المنطقة تبدو لوحة مرسومة من فنان بارع عندما كان ضفة النيل تحدها من جهة الشرق أثناء الفيضان لتظهر صورة الجبل بارزة كمارد شاهق يقف حاجزاً لمنع مياه النيل من الوصول إلى المقابر، حسبما رسمها الفنان المصرى القديم على جداريات الجبل ليترك خلفية عن مظهر هذه المقابر قبل ثلاثة آلاف عام، وقام حكام إقليم القوصية وكبار الموظفين بها بنحت مقابرهم فى التلال التى تحف بوادى النيل شرقاً وغرباً والتى تزين جدرانها بنقوش وصور رائعة، كما تضم نصوصاً تاريخية مهمة وكان ذلك خلال عصرى الدولة القديمة والوسطى أى بداية من الأسرة السادسة وحتى نهاية الأسرة الثانية عشرة 1778 ق.م.
سبع عشرة مقبرة من عصرين


وقد اكتشف سبع عشرة مقبرة فى جبل مقاطعة الإقليم الرابع عشر لحكام القوصية وموظفيها، منها خمس عشرة فى مير، واثنان فى قصير العمارنة على الشاطئ الشرقى للنيل تجاه «نزالى جانوب» ويرجع تاريخ هاتين المقبرتين الأخيرتين وتسع من مقابر مير إلى عصر الدولة القديمة «الأسرة السادسة» أما الستة الباقية فترجع إلى عصر الدولة الوسطى «الأسرة السادسة»، وقد قسمها المهندس الإنجليزى بلاكمان الذى نظف هذه المقابر ووصفها فى نطاق المسح الأثرى لجمعية التنقيب المصرية إلى خمس مجموعات.


وتقع قرية مير فى أقصى منطقة الغرب من مركز القوصية عند حافة الصحراء الغربية.