حروف ثائرة

ابتسامة مدبولى وقوى الشر

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

استمتعت بحوار قناة «بي. بي. سي» مع د.مصطفى مدبولي، حوار مهم ليس فقط لأهمية القضايا التى طرحها لكن أيضاً لأداء رئيس وزراء مصر خلاله، والذى جاء راقيا ومميزا من عدة جوانب، ويؤكد أنه يستعد لكل الأمور بجدية، ورغم أن د. مدبولى لم يحمل ورقة طيلة الحوار، لكنه أجاب بسيل معلومات على كل الأسئلة التى يبدو أنه توقعها، وكما يقال «ذاكرها كويس». فجاء ظهوره بالقناة الأشهر عالميا يليق برئيس وزراء مصر، لقد بدا طيلة الحوار واثقا مهذبا مسترسلا وملما بكل إجاباته، لم تفارق الإبتسامة وجهه حتى مع الأسئلة التى اعتقدت المذيعة انها صعبة، وكما يقال «وضعت د. مدبولى فى خانة اليك»، متوقعة عصبيته أو ارتباكه، لكنه ظل على هدوئه وابتسامته وتمكنه، مستعينا بالمعلومات والإستشهاد بتجارب دولية تدعم موقف مصر بالقضايا المختلفة. وهنا وكما نشكر د.مدبولى نشيد كذلك بمستشاريه للإعلام والمعلومات، وكل من شارك فى ظهور رئيس وزراء مصر بتلك الصورة الرائعة.

ورغم الأسلوب المستفز للمذيعة احيانا، لم يتخل عن إبتسامته وهدوئه وترديد كلمات من عينة «حضرتك، إسمحيلي، بعد إذنك، يا أفندم»، وهنا لا نلوم على المذيعة أو نتهمها بشىء، فتلك مدرسة فى الإعلام لها تلاميذ ومريدون، بل وأساتذة بمصر، أن تستفز الضيف ليخرج ما يحاول إخفاءه أو يخرج عن شعوره، وكلاهما يزيد جاذبية الحوار وانتشاره، لكن لم يكن لدى رئيس الوزراء بدولتنا القوية ما يخجل منه ليخفيه، لذا لم ينزلق للعصبية. واستمرت ابتسامته.

وبثقة «المذاكر جيدا» جاءت الردود المقنعة، ولم يسع للإنكار بلا معني، بل أقر بالكثير، وساق لكل موقف مبرراته المقنعة للمحايدين والمنصفين، وفى سؤال حول الغلاء وغياب مردود النمو الاقتصادى على المواطنين، رد بالأرقام والمشروعات المختلفة وليس بكلام مرسل، مؤكدا أن الدولة لا تنكر المشاكل لكنها تسعى لحلها، والتضخم الذى بلغ 4%، اكد أنه تخطى قبل سنوات 30%، وسيصل فى السنوات العجاف لكورونا 6 % وهذا إنجاز، ومعه حق، وسألته المذيعة عن الدين العام مستنكرة وصوله 91 % من الناتج المحلي، وكذلك 137 مليار دولار دين خارجى وأنه فشل للحكومة.

وبهدوء شرح د. مدبولى أن الدين كانت نسبته منذ ست سنوات 108 % وتراجع قبل كورونا إلى 87 % وكان مخططاً وصوله 83% لولا كورونا، والديون الخارجية أمر طبيعى فى دولة تنمو، وضرب مثلا بالنمور الاسيوية، وكيف ان الدول الكبرى هى الأكثر استدانة، ثم طمأن الجميع أننا فى الحدود الآمنة، حيث يشكل الدين ٣٢ ٪من الناتج المحلي، وجاء دور السؤال عن هيمنة الجيش على الاقتصاد، واعتقدت المذيعة تململه من السؤال، لكنه فاجأها بالشكر عليه شارحا باستفاضة وثقة ووضوح الحقيقة، وأن الجيش لا يعمل إلا فى 1% من الاقتصاد، وفى دول كثيرة تتدخل الحكومات فى الصناعات الإستراتيجية والأنشطة التى تمس الأمن القومى والإستقرار الإقتصادي، وان تلك الشركات سيتم طرح معظمها بالبورصة دعماً للشفافية، وخطة الدولة التى تعتمد على القطاع الخاص.

بعد هذا الحوار نطالب بمزيد من انفتاح الدولة ومسئوليها على الأعلام الدولي، مهما كان موقفه من مصر، فمصر القوية المستقرة والواثقة قادرة على الحوار والشرح بل ومطالبة به، وأخيرا نتساءل عن القوى المتربصة بمصر ليل نهار، بالتأكيد كانوا يجهزون العدة لمهاجمة مصر ورئيس وزرائها بعد الحوار، ترى بعد هذا الأداء المتميز للدكتور مدبولى ماذا سيفعلون؟، أم أن إبتسامة الرجل وأدبه الجم سيكونان موضع النقد؟