في الصميم

المنتخب.. بين «كيروش» والمنظومة «الفاسدة»

جلال عارف
جلال عارف

بالطبع.. نتمنى التوفيق لمنتخبنا فى مباراتيه الباقيتين ضمن مجموعته، والصعود للأدوار التالية، والمضى إلى ماهو أبعد وأفضل فى بطولة كنا نتمنى أن تكون الثامنة فى سجل بطولاتنا الإفريقية، حتى صدمنا المنتخب ومدربه «كيروش» بهذا الأداء الكارثى أمام منتخب نيجيريا العادى جداً. وهى الصدمة التى لا يمكن أن تمر بسهولة بصرف النظر عما سيحدث فى البطولة أو ما ستنتهى إليه حكاية «كيروش» التى تتعاقب فيها المفاجآت!

وبلا شك فإن «كيروش» مدرب له اسمه فى عالم التدريب، وله نجاحاته، وله أيضاً اخفاقاته التى ألقت به من تدريب أندية مثل «ريال مدريد» الى أبواب الاعتزال قبل أن تتاح له فرصة تدريب منتخبنا فى محاولة لتعويض اخفاقات المنتخب الافريقية على مدى عقد كامل، وعلى أمل يتجاوز المشاركة فى كأس العالم القادمة إلى تقديم أداء يعوض الأداء الكارثى فى مونديال موسكو.

افتكاسات الخواجة كيروش فى اختيار اللاعبين ثم الذهاب لبطولة افريقيا بدون مباراة واحدة بالمنتخب بعد اكتماله، انتهت بالافتكاسة الكبيرة فى مباراة نيجيريا باللعب بفريق نصفه يلعب فى غير مركزه.. وكله يلعب بدون خطة واضحة وبلا روح على الإطلاق (!!) ويبدو أن الأمر كان فى ذهن نجمنا المظلوم مع المنتخب محمد صلاح الذى بدا غير متفائل قبل انطلاق البطولة وهو يقول إن اللاعبين سيبذلون كل جهد رغم أن المنتخب ليس بين المرشحين الأوائل للبطولة!!

ومع ذلك فإن تحميل الخواجة «كيروش» كل المسئولية يبدو أمراً عبثياً، حتى مع انكشاف فضيحة العقد المبرم معه، وما قيل عن أنه يستعجل إقالته حتى يحصل على مليون ونصف المليون يورو كما ينص العقد الفضيحة (!!).. فكيروش يعلم أن نجاحه مع المنتخب يساوى بالنسبة له أكثر من ذلك بكثير!
وحكاية تحميل المدرب مسئولية المستوى الهزيل للمنتخب أصبحت لعبة قديمة ومكشوفة، لأن الحقيقة، والمسئولية الأساسية تكمن فى الإدارة السيئة أو الفاسدة التى تدير اللعبة الشعبية الأولى منذ سنوات، والمستمرة حتى إشعار آخر أو حتى إصلاح حقيقى!

لقد عايش الجميع فضيحة منتخبنا فى مونديال موسكو قبل أربع سنوات، وقامت الدنيا ثم قعدت واستراحت بعد إبعاد المدرب «كوبر» بينما لم يحاسب أحد من المسئولين الحقيقيين عن الفضيحة حساباً حقيقياً.. والنتيجة أن الكرة المصرية مازالت فى قبضة نفس الإدارة، ونفس المنظومة الكروية التى لا يمكن أن تكون سبباً للفساد ووسيلة للإصلاح فى وقت واحد!!
المنظومة فاسدة، وهذه هى القضية التى لابديل عن مواجهتها مواجهة حقيقية.
نعم يا سادة.. المنظومة فاسدة، ولن يصلحها تغيير مدرب أو حتى نجاحه فى إحراز بطولة مثل التى يخوضها منتخبنا الآن. المنظومة فاسدة لأننا لا نملك فى الحقيقة أى مخطط علمى للنهوض باللعبة الشعبية، وإنما نديرها بالفهلوة والفساد، أو فى أحسن الأحوال - بدعاء الوالدين!!

المنظومة الفاسدة لا تملك سياسة لرعاية الناشئين ولا لتطوير المدرب الوطنى، ولا لتوفير احتياجات المنتخبات الوطنية وإعدادها إعداداً سليماً. والنتيجة هى ما نراه الآن حيث تتحول مسابقة الدورى إلى دورى شركات تنفق بلا حساب (من المال العام) لشراء اللاعبين ولاصطناع من يحضرون مبارياتها بتذكرة مجانية ووجبة جاهزة «ومكافأة» مالية.. بينما الأندية الحقيقية فى عالم الكرة (مثل الإسماعيلى والمصرى والاتحاد) تعيش مع جماهيرها الغفيرة على فيض الكريم.

والمنظومة الفاسدة تبحث عن «السبوبة» وليس عن مصلحة اللعبة.. تطبق الاحتراف بلا احتراف حقيقى. وتترك من هب ودب يعبث  بمصير الكرة دون قواعد تمنع الفساد، وبلا سياسة تضع مصلحة المنتخب أولاً، وتدرك أن متعة الجماهير هى الأساس وليست مصالح جمعية المنتفعين باستمرار الفساد الكروى!!
سوف يذهب «كيروش» كما ذهب غيره من المدربين الناجحين أو الفاشلين، وسيبقى السؤال: هل تظل المنظومة الفاسدة كما هى.. أم أن الإصلاح الحقيقى لأحوال كرة القدم المصرية قد أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل؟!