سيوة مستقر آمون رمز الشمس وسرها، إليها حج الإسكندر الأكبر قاصداً زيارة معبده وأملاً في الاستماع إلي كبير الكهنة. ظل ما سمعه الإسكندر سراً بينه وبين الكاهن الأكبر. فقط رأي المقربون منه ابتسامة تزين وجه أشرق بعد كدر. أيضا قصدتها كليوباترا وأبت أن تعود قبل أن تمنح جسدها إكسير الحيوية بالسباحة في مياه ينابيعها المعدنية الطبيعية.تقع سيوة في عمق الصحراء الغربية علي بعد 820 كيلومترا جنوب غرب القاهرةمتفردة بمياهها الصافية، وملاحاتها، وأشجار الزيتون والنخيل وتغمرها خيمة من شمس ذهبية لا تغيب صيفاً أو شتاءً. تمنحها الدفء والتفاؤل. من شمس بلادي تغزل أيادي المكافحين ثريات الأمل. يتبدد ظلام المحروسة. يصير سلاسل من نور. علي امتداد نحو خمسين فدانا تنتشر آلاف الألواح الشمسية في واحة سيوة بمحافظة مطروح في تجسيد حي ومثالي للتعاون المصري الإماراتي. تعتمد سيوة في تغذيتها الكهربائية علي وحدات الديزل. نقل الوقود إلي سيوة يستنزف الكثير من الوقت والوقود أيضا. إنشاء محطة خلايا شمسية قدرة 10 ميجاوات تسمح بإمداد أكثر من ستة آلاف منزل ومنشأة عامة باحتياجاتها من الكهرباء. منظومة إنتاج الكهرباء تعتمد علي تناغم العمل بين الديزل -كمصدر أساسي بنسبة لا تتخطي 25% - والخلايا الشمسية. عشرة أشهر هي فترة تنفيذ المحطة. منذ سبع سنوات فقط كان سعر الميجاوات من الخلايا الشمسية نحو ستة ملايين دولار. حالت هذه الأسعار –آنذاك- بين انتشار الخلايا الشمسية دون مساندة حكومية. انخفاض الأسعار بنحو 80% هبط بالسعر إلي المليون دولار ووضعها في صدارة مشهد الطاقة، وعلي رأس قائمة المنافسة مع المصادر التقليدية، تلك المعتمدة علي النفط والغاز والفحم. يساندها في ذلك تحسن كفاءتها عاماً بعد عام. بحلول عام 2013 بلغت الخلايا الشمسية مستوي تنافسية الشبكة في إيطاليا، وألمانيا، وأسبانيا وتقترب من هذا المستوي في شيلي، والمكسيك، وفرنسا دون حاجة إلي دعم حكومي. عِظم عائدات استثمارات الطاقة المتجددة شجع قطاعات عديدة علي الاستثمار. ففي ألمانيا، يمتلك المزارعون وأصحاب المنازل 46% من السوق المحلية للطاقة المتجددة. أيضا، أقدمت شركة إيكيا السويدية المتخصصة في صناعة الأثاث ومستلزمات المنازل علي إنشاء نظم طاقة متجددة توفر لها نحو 37% من احتياجاتها من الكهرباء. أما جوجل فقد تنوعت استثماراتها بين الطاقة الشمسية والرياح لتصل إلي 1.4 مليار دولار مدفوعة بالعائدات الإيجابية التي تحققها هذه المشروعات. سلسة وولمارت اتجهت إلي ذات السياق أيضا. ولعل المؤشر الدال علي تحول الأسواق يبرز في ارتفاع استثمارات الدول النامية من 27 % إلي 43% في الفترة من 2007 حتي 2013. ارتفاع كفاءة النظم وانخفاض أسعارها تحدان من ارتفاع أسعار الكهرباء، مما مكن الخلايا الشمسية وتوربينات الرياح من المنافسة خلال السنوات الثلاث الأخيرة والانتشار علي صعيد كبير. فعلي الرغم من انخفاض إجمالي الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة إلي 214 مليار دولار بعد أن كانت 250 مليار دولار، ارتفع إجمالي القدرات المركبة مما يؤكد انخفاض الأسعار. أيضا، ترجمت هذه النسب إلي ارتفاع مشاركة القدرات المركبة المتجددة لتوليد الكهرباء من 20% إلي 58% من إجمالي المصادر، خلال عامين فقط (2011 – 2013). اتاح انخفاض الأسعار التوسع في استخدام نظم الطاقة المتجددة وبخاصة الخلايا الشمسية في التطبيقات المنفصلة عن الشبكة حيث يصعب المقارنة مع البدائل الحرارية. ومع تميز النظم المتجددة بإمكانية دمجها مع نظم إنتاج كهرباء أخري حرارية ومتجددة مثل، الخلايا الشمسية مع الديزل، والخلايا الشمسية مع المركزات الشمسية، والمركزات الشمسية مع الغاز الطبيعي أو الفحم. الأمر الذي يجعل النظم المتجددة البديل المثالي للمناطق النائية والريفية البعيدة عن الشبكة. سيوة هي كلمة البدء في برنامج التعاون المصري الإماراتي في مجال الطاقة. سلسلة المحطات تتوالي وتنتشر في ربوع مصر، سيوة، الفرافرة، أبو منقار، درب الأربعين، مرسي علم، حلايب، شلاتين، وغيرها. يضاف إلي ذلك أكثر من سبعة آلاف نظام إنارة بالخلايا الشمسية تنتشر في القري النائية، والنجوع، والمستوصفات، والمدارس، ودور العبادة، ونقاط الشرطة. الهدف توفير الكهرباء لحوالي 167 ألف شخص يعانون أو محرومون من الإمداد بالكهرباء لعدد 264 قرية وتجمع ينتشرون في ثماني محافظات.التعاون المصري الإماراتي يمتد عبر شرايين الطاقة إلي بناء المدارس والمنازل وشبكات الصرف، وتأهيل الشباب لسوق العمل، وخطوط السكك الحديدية، والكباري، وغيرها كثير. إن ما نراه الآن ليس سوي امتداد لما بدأه مؤسس الإمارات الشيخ زايد رحمه الله.