طبيبة مصرية تشدو أغاني عيد الميلاد في كنيسة «سانت باتريك» بنيويورك

الطبية المسلمة داليا إيهاب يونس
الطبية المسلمة داليا إيهاب يونس

تحت قبة أشهر وأضخم الكنائس الكاثوليكية في نيويورك ذات التصميم القوطي من القرن الثالث عشر والمعروفة باسم كاتدرائية سانت باتريك، تغني لأول مرة في التاريخ الطبية المسلمة داليا إيهاب يونس، ترانيم أعياد الميلاد الكنسية باللغة العربية.

وأتت داليا للولايات المتحدة خصيصًا للمشاركة مع الأخوة المسيحيين باحتفالاتهم بأعياد المسيح عليه السلام.

من هي داليا يونس وماهي قصة الغناء الكنسي الذي تهواه منذ الصغر وكيف وصلت للمشاركة في احتفالات كنيسة سانت باتريك ولماذا وافق الفنان العالمي كامل بطرس قيادته الأوركسترا معها نتعرف كل تلك التفاصيل من خلال هذا اللقاء:

داليا حالة مميزة في العقد الثالث من عمرها تخوض تجربة فريدة، تخرجت من إحدى كليات القمة، وبالتحديد كلية الطب في 2010، مما يعني أنها متفوقة علميا، ولكنها عزفت عن ممارسة الطب، في مقابل عشقها للفن والموسيقي.

الطريف أنها لا تنظر لنفسها بوصفها محترفة للغناء، فهي لازالت تعمل في مجال صناعة المحتوي، ولكنها تسعد بالغناء، فقبل 5 سنوات، كانت تعيش مرحلة صعبة في حياتها، فبحثت في مكنون نفسها عما تحبه لتضيء داخلها طاقة من الأمل، ووجدت أن الفن هو سبيلها للخروج من الأزمة، وتستمتع بالتجربة.

واليوم الأربعاء في الرابعة مساء بتوقيت نيويورك تشدو داليا أغاني "الكريسماس" وهو حلم لديها منذ الصغر، فهي تهوي أغاني الكريسماس المعربة، تلك التي تتغني بها فيروز وماجدة الرومي، والشائع في مصر عن أغاني أعياد الميلاد إما الترانيم الغربية أو الكنسية التي تنشد داخل الكنائس كما تري الطبيبة الصغيرة، وليس للعرض العام. 

ورغم غرابة الأمر بالنسبة للمحيطين بها غير أنها هوت وعشقت تلك الاعمال التي قدمتها نجمتا الفن اللبناني، فألحان الكنسية تعتمد علي الموسيقى الكلاسيكية العالمية، والكلمات عربية، فغزت تلك المعاني قلبها، وبعثت في نفسها الأمل والخير، وكما تقول داليا تلك الترانيم تتحدث عن النبي عيسى عليه السلام وكيف أن ميلاده جاء بالفرحة والخير للبشرية. 

وخطر لديها أثناء أزمة كورونا في 2019 فكرة تتفق مع شخصها المنفرد، لماذا لا تغني تلك الأعمال الدينية، وحملت دعوتها السامية إلى كنيسة جميع القديسين بالزمالك، عارضة الفكرة عليهم خاصة أن لديهم مركز حوار الأديان عن طريق الفنون والمعروف بمركز "جسور".

وفي مصر أرض الحضارة وملتقى الأديان، كانت أول تجربة حضارية مصرية وغناء ترانيم أعياد الميلاد باللغة العربية تؤديه فتاة مسلمة محجبة من خارج المجتمع الكنسي، ولكن الرؤية المشتركة التي جمعت بين مطران الكنيسة الطبيب منير حنا، والطبيبة الصغيرة، تبلورت وخرجت للنور، ورغم الانتقاد المجتمعي اتفق الطرفان على الرؤية المشتركة من حيث القيم والمحبة والانفتاح على الأخر.

لم تعبأ داليا أو تتردد من الانتقادات لكنها استمرت في إيمانها بحوار الأديان والثقافات عبر الفنون والغناء، فقدمت حفلا في كنيسة القديس فرانسيس، الذي حاز على إعجابها لا سيما بعد أن بحثت وعرفت أنه أول داعية للحوار والسلام بين الأديان في التاريخ وجاءت دعوته على أرض مصر في دمياط، وكانت تجربة ملهمة لها. فغنت من كلماتها إجعلني أداة للسلام مستوحاة من أشعار القديس فرانسيس.

ولأن الأحلام بالسعي والجد كثيرا ما يتحقق، عندما علم الدكتور شفيق جبر رئيس إحدى المؤسسات الخيرية عن تجربتها، وكان قد سبق أن جاءت داليا للولايات المتحدة في إحدى منح تبادل الثقافي مع نفس المؤسسة، عرض عليها أن تتقدم بالغناء في كاتدرائية سان باتريك خلال المسابقات التي تجري بالولايات المتحدة، وتقدمت للمسابقة والتي حازت على إعجاب المسؤولين خاصة أنها ستقدم الأغاني الكنسية باللغة العربية مع إعادة توزيع للأغاني على الإيقاع الشرقي. 

وكانت التحدي الأكبر أمام داليا أنها لأول مرة تغني خارج مصر، ولا تعرف موسيقيين يتطوعون بالعزف معها في الولايات المتحدة، وجاءت المفاجأة بعد أن نشرت علي السوشيال ميديا أزمتها، فإذا بالحظ يضحك لها ويتوالى عليها المتطوعون إلى أن توصلت للتعاون مع   كامل بطرس قائد الأوركسترا والفنان العالمي الذي تقدم لمساعدتها مؤازرتها، بعد ما أعجب بفكرة دمج الموسيقي الشرقية مع الموسيقي الكلاسيكية والآلات الغربية.