تعمير سيناء يبدأ من محطة الجبل الأصفر

محطة الجبل الأصفر
محطة الجبل الأصفر

أعد الملف : علا نافع  ــ  ياسين صبرى

لا يعلم كثيرون أن مصر تمتلك أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحى بالشرق الأوسط، وهى الموجودة فى منطقة الجبل الأصفر بالقليوبية، وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى المرحلة الثانية منها لتخدم الضفة الشرقية للنيل بالقاهرة الكبرى، ولكى تستوعب معظم تصرفات الضفة الشرقية للنيل من مياه الصرف الصحى والمقدرة بنحو 3 ملايين متر مكعب يومياً.

وتعمل المحطة على معالجة المياه لتكون صالحة لأغراض الرى لحوالى 50 ألف فدان فى سيناء، إذ يتم ضخ المياه عبر أنابيب داخلية إلى محطة معالجة بحر البقر الداعم الرئيسى لتنمية سيناء، فضلا عن قدرتها على معالجة المخلفات الصلبة أو االحمأةب لاستخدامها كسماد عضوى للأراضى الزراعية وتوليد الطاقة الكهربية.

ولا تتوقف إنجازات المحطة عند هذا الحد بل استفاد القائمون عليها من المياه المعالجة فى الزراعة، حيث قاموا باستصلاح نحو 400 فدان من محاصيل متنوعة كالليمون والزيتون والمانجو إضافة إلى المحاصيل الزيتية كالجوجوبا والكافور، وأثبتت الأبحاث التى قام بها فريق من كلية الزراعة بجامعة القاهرة أمان وسلامة تلك المحاصيل، سواء على الإنسان أو الحيوان، ومؤخراً تمت زراعة محاصيل استراتيجية مثل القمح والقطن والكتان على مساحات متعددة تمهيداً لزيادة الرقعة الزراعية بعد التأكد من أمانها.

ومن المتوقع أن تبدأ أعمال المرحلة الثالثة خلال العام الجارى لزيادة القدرة الاستيعابية للمعالجة اليومية بمقدار 3 ملايين متر مكعب يومياً، وبهذا ستصبح المحطة هى الأكبر على مستوى العالم.

اآخرساعةب زارت المحطة لترصد عن قرب مراحل معالجة مياه الصرف الصحى ومدى الاستفادة منها، كما ألقت الضوء على العاملين فى المحطة والذين هم بمثابة الجنود المجهولين الذين لا يكلون أو يملون من العمل.

على مساحة تزيد على الألف فدان تقع محطة معالجة الجبل الأصفر بمدينة الخانكة والتى تم إنشاؤها فى ثمانينيات القرن الماضى بتخطيط من المشروع العام للصرف الصحى بالقاهرة، وقام بتصميمه المكتب الأمريكى البريطانى لتجميع مياه الصرف الصحى من مناطق مختلفة داخل القاهرة وصولا لبعض المناطق بالقليوبية، مما يحمى الضفة الشرقية للنيل من الغرق وانتشار الأوبئة، يعمل بالمحطة حوالى 700 عامل ما بين مهندس وموظف، لا يتوانون عن متابعة سير العمل متذكرين بفخر زيارة الرئيس السيسى لهم ودعمه لمشروعات البنية التحتية طبقاً للمواصفات العالمية.

أحواض كبيرة تستوعب مياه الصرف والأمطار تمهيداً لحجز الشوائب الثقيلة عنها ومن ثم معالجتها بيولوجياً قبل تصريفها فى الأنفاق الخرسانية التى يبلغ طولها 15 كيلومتراً، وعلى مقربة منها توجد أحواض الترسيب الابتدائى للحمأة وهى المرحلة الأولى من مراحل الاستفادة منها سواء فى تكوين السماد الطبيعى أو غاز الميثان المستخدم فى توليد الطاقة الكهربية، وهناك أكثر من خمس غرف داخل المحطة مقسمة مهامها ما بين التعقيم بالكلور والمراقبة وأخرى للتجفيف الميكانيكى.

يقول المهندس عبدالوهاب حلمى، مدير المحطة: يتم تقسيم مشروع محطة المعالجة الرئيسية إلى ثلاث مراحل تقوم كل مرحلة باستقبال ومعالجة حوالى مليون متر مكعب يوميا، فضلاً عن التصرفات الزائدة من محطة معالجة تنقية البركة وتصرفات مدينة العبور كما تتم فى المرحلة الأولى معالجة الحمأة الناتجة بأحدث الأساليب العلمية، مشيراً إلى أن التكلفة للمرحلة الأولى من المحطة وصلت إلى 1.3 مليار جنيه بتنفيذ من شركات مقاولات مصرية مع أخرى إيطالية.

ويضيف: المرحلة الثانية تم تقسيمها لجزئين، الأول تم الانتهاء من أعمال إنشائه عام 2005 لاستقبال ومعالجة حوالى نصف مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحى يومياً، قد تزيد إلى 650 ألف متر مكعب، وبلغت تكلفة هذا الجزء حوالى 850 مليون جنيه، أما الجزء الثانى فبدأ العمل به فى فبراير 2014 بتمويل من البنك الأفريقى للتنمية، وقد افتتحها الرئيس السيسى عام 2018 بعد الانتهاء من أعمال التطوير.

مراحل المعالجة

وعن مراحل المعالجة يقول: هناك مرحلة ما قبل المعالجة والهدف منها التخلص من المواد الصلبة والرمال والزيوت عن طريق مصافٍ ميكانيكية ضخمة تعمل على إزالة المواد الصلبة الأكبر من 7.5 سم، حيث يتم استقبال مياه الصرف الصحى من الشبكة العمومية إلى المحطة من خلال بوابة الدخول ثم ترفع إلى غرفة مضخات المدخل ويوجد بها 5 مضخات يبلغ تصرف كل منها 5400 متر مكعب فى الساعة، وفور الانتهاء من عملية فصل الرمال والشحوم يتم ضخها بطلمبات إلى غرف مستقلة للتخلص منها فى حاويات خارج المحطة.

يتابع: تأتى بعد ذلك مرحلة الترسيب الابتدائية، وفيها يتم إدخال المياه من خلال غرفة توزيع إلى أحواض الترسيب الابتدائى لفصل 65% من المواد الصلبة العالقة و45% من الحمل العضوى عن طريق الترسيب بالجاذبية، ومن هنا تتكون الحمأة الابتدائية وتضخ من خلال محطتي الحمأة لغرفة الخلط الخاصة تمهيدا لمعالجتها. 

ويشير إلى أن مرحلة المعالجة البيولوجية من أهم المراحل إذ يتم ضخ الهواء إلى أحواض التهوية الأربعة للتحكم فى نسبة الأكسجين المذاب بكمية 2 ملجم لكل لتر لتنشط البكتيريا الهوائية وتعمل على هضم المواد العضوية ثم تموت بعد ذلك، وتستكمل عملية المعالجة البيولوجية بإدخال المياه لأحواض المعالجة النهائية لتترسب الحمأة تمهيداً لإعادة تدويرها، مؤكداً زيادة سعة الأحواض النهائية للترسيب وعددها 12 خزاناً.

وعن المرحلة الأخيرة من المعالجة يقول: مرحلة التعقيم بالكلور هى آخر مرحلة، وفيها يتم معالجة المياه ثنائيا لتصبح صالحة للاستخدام فى رى محاصيل مزرعة المحطة ولإمداد محطة معالجة بحر البقر بها.

كهرباء وسماد

يتابع حلمي: أما معالجة الحمأة فيتم من خلال الهضم اللاهوائى حيث تخلط الحمأة الابتدائية والثانوية بعد تغليظها ويتم ضخها إلى خزانات الهضم التى يبلغ عددها 8 خزانات بسعة تقدر بـ11000 متر مكعب، وتعصر ميكانيكياً بواسطة السيور الضاغطة كى تستخدم بعد تجفيفها كسماد حيوى فضلا عن تحولها لغاز حيوى فى المولدات يغطى حوالى 65% إلى 70% من الطاقة الكهربية للمحطة.

وعن استخدامات المياه المعالجة يقول: بسبب مشكلة نقص الموارد المائية التى باتت تعانى منه مصر دعت الحاجة إلى إيجاد مصادر بديلة للمياه وبرزت فكرة استخدم مياه الصرف وكانت محطة الجبل الأصفر من المحطات الرائدة فى مجال البحث فى هذا الشأن، حيث يروى 300 فدان من المزرعة التجريبية بالمياه المعالجة وتحوى محاصيل متنوعة من ليمون وزيتون وجوجوبا والثمار ذات القشرة فالمعادن الثقيلة كالرصاص والكاديوم تتكون على القشرة مما يجعل الثمار صالحة للأكل.

إدارة أتوماتيكية

وفى غرفة التحكم الخاصة بإدارة المحطة والتى يتم من خلالها تشغيل كافة الأحواض والأجهزة أتوماتيكياً، ويعمل بها 12 عاملاً ومهندساً يتناوبون على أعمال التشغيل والإيقاف من خلال أجهزة الكمبيوتر والمعروفة باسم االأسكاداب، لا يكلون أو يتهاونون، فلديهم سرعة وقدرة على تدارك أخطاء التشغيل ومعالجتها.

ويقول المهندس محمود الشهاوى: يقسم العمل داخل غرفة التحكم إلى أربعة ورديات كل وردية مكونة من 12 فنى تشغيل ومهندس تضطلع مهمتهم فى تشغيل المحطة من ناحية مراقبة معدل التدفق ودرجة الحرارة كذلك جودة كل ماكينة وتصليحها أوتوماتيكيا وهى ميزة لاتوجد فى باقى المحطات بمصر.

ويتفق معه شحتة محمد (فنى تشغيل)، حيث يقول: نتحكم فى كل الغرف والأحواض الموجودة داخل المحطة إلكترونيا، حيث نتابع عمليات ترسيب المياه فى الأحواض وكذلك معالجة الحمأة الابتدائية والثانوية، فضلا عن إمداد المياه المعالجة لمحطة بحر البقر من خلال الأنفاق الخرسانية دون تدخل مباشر سواء من العمال أو المهندسين وهذا بالطبع يؤكد جودة المحطة وتفردها عن غيرها.