حمدين بدوي
اندفاع الشباب وحماسهم شيء حتمي، وله من الإيجابيات ما له، لكن إن وجه فى غير محله جلب ضررًا لا يحمد عقباه، وأدخل الأهل فى دوامة من الحزن لا تنتهى، وهذا عين ما نقصده، خصوصًا فى تلك الواقعة التى شهدتها محافظة كفر الشيخ، وتحديدًا فى مركز فوه. والتى فيها تعدى طالب فى المرحلة الثانوية على زميل له أمام مدرسة البنات، بعد خلاف كان بينهما فى بداية العام الدراسي، وانتهى الوضع إلى أن الجاني ما زال هاربًا، والمجنى عليه دخل المستشفى بعدما أصيب بعاهة مستديمة، وأجرى أكثر من عملية جراحية أسفرت عن 240 غرزة في الوجه والرأس. تفاصيل تلك الواقعة فى السطور التالية.
قبل ما يقرب من شهر، كانت محافظة كفر الشيخ على موعدٍ مع جريمة قتل شهدت أحداثها منطقة دوران الـ 47 بالقرب من نابولي، وميدان اللواء أحمد ذكي عابدين فى نطاق قسم أول كفر الشيخ.
تلك الواقعة والتى راح ضحيتها إبراهيم طارق إبراهيم عطية، الطالب فى المرحلة الثانوية، كانت مفجعة بسبب الطريقة التى تمت بها، والتى استغل فيها قاتله، والذي كان يتربص له، خروجه من درس خصوصي، وباغته من الخلف وأصابه بجرح قطعى فى رقبته وفر هاربًا، بعدها سقط إبراهيم غارقًا فى دمائه وقبل أن يذهبوا به إلى المستشفى كانت روحه قد صعدت إلى خالقها.
فى تلك الواقعة، والتى كانت فيها الجاني والمجنى عليه زميلين، وكان السبب فيها حسب التحقيقات مشاجرة بين الزميلين على حب فتاة، وكان هذا السبب دافعًا لأحدهما أن يقتل الآخر، هكذا بكل بساطة.
من الممكن أن يكون هذا السبب فى مخيلتك سببًا تافهًا أو أن هناك سببًا آخر كان وراء هذه الجريمة، لكن عندما تعرف أن الكثير من تلك الوقائع التى تحدث بين التلاميذ فى المدارس وخصوصًا فى المرحلة الثانوية يكون السبب وراءها فتاة، وهو نفس السبب الذي كان وراء ما حدث أمام مدرسة كريم ابوزامل بمركز فوه.
فتاة
القصة بدأت بخلاف بين هشام وأمين، البالغان من العمر 18 عاما، واللذين على الرغم من أن كل واحدٍ منهما فى مدرسة مختلفة عن الأخرى، إلا أنهما وبحكم انتمائهما لنفس المركز ويعيشان فى نفس المدينة تعرفا على بعضهما البعض من خلال الدروس الخصوصية، وفى الحقيقة لم تكن بينهما ثمة صداقة أو حتى زمالة، لكن ما جعل طريقهما يتلاقى هو سبب واحد، وكان هذا السبب، فتاة!
كان الخلاف الأول بينهما فى بداية العام الدراسي، لم يكن خلافًا بسيطًا، بل أنه تطور حتى أن إدارة المدرسة التى فيها اأمينب قد علمت بخبر ما حدث بينه وبهشامب وعاقبته بإنذار بالفصل، ونتيجة لتصرفات اأمينب غير المفهومة، وأخلاقه التى تبيّن أنه بعيد عن البعد عن أخلاق طالب العلم، ومشاكله التى تزيد يومًا بعد آخر، قررت إدارة مدرسته معاقبته بالفصل.
كان وقع الفصل من مدرسته عليه صعبًا، وكان يريد أن ينتقم من أى أحد كان سببًا فى هذا القرار، ولم يجد أمامه إلا اهشامب خصوصًا بعد أن كان الخلاف الذي حدث بينهما هو السبب الأولى لما آل إليه وضعه، ورأى أنه لولا هذا الخلاف ما كان قد فُصل.
وعليه رأى أن ينتقم، وأعدّ فى سبيل هذا الانتقام كل ما يمكن أن يُعدّ، بدأ بمراقبة اهشامب وعرف موعد دروسه الخصوصية وموعد فصول التقوية التى يأخذها بعد أن ينتهى من يومه الدراسي، وفى اليوم الموعود، كان الحدث الأفظع.
كان اهشامب قد أنهى يومه الدراسي ولم يتبق أمامه إلا بعض فصول التقوية التى يأخذها، وفى الوقت نفسه اأمينب ينتظره بالخارج، وعندما خرج اهشامب من المدرسة متوجهًا إلى حصة درس خارجي، كان اأمينب يتعقبه، وفى الطريق، وتحديدًا أمام مدرسة كريم أو زامل للبنات، والتى بجوار مدرسة اهشامب كانت الواقعة.
كان اأمينب بعينه يراقب تحركات المارة فى الشارع، ويراقب تحركات اهشامب، وعندما رأى أن الشارع قد هدأ، وقل المارين فيه، باغت اهشامب من الخلف فجأة، مستلا من جيبه اكترب كان قد أعده خصيصًا لهذا الأمر، ودون أن ينتبه اهشامب أصابه بجرح قطعي كبير فى الرأس، ولم يقف الأمر على هذا، بل أنه تمادى فى جرحه حتى أنه أصابه فى الوجه أيضًا إصابات بالغة، مما جعل اهشامب يعجز عن مقاومته، وسقط على الأرض غارقًا فى دمائه.
«كتر»
اضطرب الوضع فجأة، خصوصًا بعد صرخات اهشامب، ومع ركض المتواجدين نحوه فر اأمينب هاربًا قبل أن يمسك به أحد، وعندما رأى الناس وجه اهشامب انتابتهم قشعريرة، من هول المنظر وغزارة الدماء التي غطت وجهه، وعليه حملوه على الفور وتوجهوا به إلى مستشفى التأمين الصحي بفوه.
التشخيص المبدأي لحالة اهشامب كان وجود جروح قطعية فى الوجه والرأس، مما استدعى إجراءه أكثر من عملية جراحية، حتى يتسنى لهم السيطرة على الدم النازف من وجهه بصورة كبيرة، وضمد تلك الجروح، ووصل إلأمر من خطورته إلا أن جروحه وصلت الى 240 غرزة، وحتى الآن ما زال فى المستشفى حتى يخضع لعمليات تجميلية لا أحد يعلم هل ستأتي أثرها أم لا؟
وبخصوص الحالة التى عليها اهشامب وآخر المستجدات تواصلت اأخبار الحوادثب مع والده، والذي أفاد قائلًا: ايعني إيه طالب يبقى رايح مدرسته في أمان الله يطلع عليه طالب بلطجي بمشرط اكترب يشوه وجهه ورأسه، ويخليه بين الحياة والموت أمام المدرسة،والمؤلم أن تأتي هذه الإصابات في الوجه، أنا مش عايز غير حق الولد الغلبان اللي اتشوه وجهه وربنا وحده العالم هو هيقدر يرجع المدرسه تاني ازاىب.
درس خصوصي
تعود بداية الواقعة عندما تلقى اللواء أشرف صلاح مدير أمن كفر الشيخ، إخطارًا من اللواء خالد المحمدي مدير المباحث الجنائية، يفيد بأن طالبًا انقض على زميله في غفلة أمام مدرسة كريم ابو زامل الثانوية بنات بفوه، الساعه ٢بعد الظهر، وهو ذاهب لحصة الدرس الخصوصى، مما أحدث به تشوهات، ونقل لإجراء عملية جراحية بوجهه بمستشفى بفوه المركزى.
وبعد أن تحرر محضر إداري بقسم فوه بكفرالشيخ بتفاصيل الواقعة، كثفت الأجهزة الأمنية مجهوداتها حتى تم القبض على اأمينب قبل هروبه خارج المحافظة، وبالعرض علي النيابة العامة أمرت بحبس الطالب المتعدى وإيداعه بدار رعاية الأحداث.