سامويل ثيس في حوار صريح: أعمل من أجل الطبقات المهمشة

الممثل الصاعد اليوشا رينرت
الممثل الصاعد اليوشا رينرت

إنچى ماجد

حالة من الجدل الجماهيرى حققها الفيلم الفرنسى Softie أو رقيق بعد عرضه فى المسابقة الدولية بالمهرجان؛ بسبب موضوعه المثير للجدل والذى يناقش الميول الجنسية لطفل فى العاشرة من عمره؛ ومع ذلك قوبل الفيلم بإعجاب جماهيرى كبير بسبب تميز أداء بطل الفيلم الممثل الصاعد اليوشا رينرت؛ وكذلك جرأة المخرج سامويل ثيس فى تناول ذلك الموضوع الشائك؛ فى ثانى أفلامه الروائية بعد فيلمه الأول Party girl ؛ والذى فاز بجائزة Caméra d’Or فى دورة مهرجان كان لعام 2014 , وفى حوار حصرى أخبار النجوم تحدث سامويل عن دوافعه لتقديم ذلك الموضوع؛ وعن تبنيه لقضايا الطبقات العاملة

ما الذي ألهمك لتقديم هذا الفيلم؟

الفيلم مأخوذ عن قصة حياتى إلى حد كبير؛ فهو مقتبس من طفولتى الخاصة ولكنى أضفت عليه بعضا من الخيال السينمائى؛ فلم أريد أن أكون ملتزما بالواقع؛ ولو نظرتى إلى فيلمى الأول Party Girl ؛ فهو أقرب إلى عمل وثائقى أرشيفى؛ فيما يتعلق بحياة عائلتي وبالأخص  والدتي - التى لعبت دور البطولة فى الفيلم - كما أننى قدمت فيه البيئة التى نشأت فيها؛ وعندما قررت تقديم Softie أردت أن أنتقل إلى الجانب الروائى؛ ولكن مع الالتزام بتقديم جانبا من قصة حياتى؛ وكأن Softie بمثابة امتداد لفيلمى الأول؛ وفى فيلمى الثانى كان همى هو طرح سؤال: في أي نقطة فيحياة الطفل تظهر الرغبة في التحرر؟ ؛ فالفيلم ينطلق من فكرة الصحوة؛ أى صحوة سواء كانت عاطفية أوفكرية أوجنسية. 

 الصحوة الجنسية لصبي يبلغ من العمر عشر سنوات موضوع شديد الحساسية فما هو النهج الذى اتبعته عند كتابة سيناريو الفيلم؟

كان هدفى منذ كتابتى للمسودات الأولى للسيناريو؛ أن يكون الفيلم من منظور جوني الطفل؛ فالفيلم يعبر عن نظرة الطفل للعالم المحيط به؛ وكذلك اكتشافه لميوله الجنسية؛ وقد أخبرنى الكثير من الناس بعد مشاهدة الفيلم؛ أنه كان من الأفضل لى أن أقسم الفيلم على فيلمين؛ ليكون الأول عن رغبة جونى فى تحرير نفسه من بيئته؛ بينما الثانى فيكون عن تنامي الرغبة الجنسية لديه؛ ولكن بالنسبة لي المسألتان مرتبطتان ارتباطا وثيقا؛ ولا استطيع فصلهما عن بعضهما؛ فقد كنت أرغب في تقديم كلا البعدين؛ وبالفعل موضوع الرغبة الجنسية لدى الأطفال لا يزال من المحرمات؛ وهناك مسئولية في طريقة تقديمها؛ وبحاجة إلى التفكير كثيرا فيما ستعرضه؛ ولهذا اخترت البقاء على الجانب المتحفظ فى تصوير تلك المشاهد.

يتميز الفيلم بفريق من الممثلين قدموا أداءا متميزا - وبالأخص الصغير اليوشا رينرت -حدثنا كيف عثرت عليه؟

لقد أخذنا وقتا طويلا فى البحث بشكل عشوائى في منطقة لورين - المنطقة التى تدور بها الأحداث - من أجل ايجاد من سيجسد شخصية “جوني” ؛ وكما تعلمين الأطفال دائما ما يكونون خادعين؛ ولذا عليك أن ترى الكثير منهم؛ وفكرة أنه يمكن لأي شخص أن يجيد التمثيل هى فكرة خاطئة؛ لذا أمضينا وقتا طويلا خلال البحث؛ فقد كنت أبحث عن طفل طويل الشعر رقيق الطبيعة؛ تعايش بالفعل مع نفس القضية التى يطرحها الفيلم؛ وبالفعل جاء “اليوشا” وكان لديه المواصفات التى نبحث عنها؛ كما أنه كان يتدرب على دروس رقص معاصر؛ وقد تحدثت مع والديه وأخبرتهم بقصة الفيلم؛ فقد أردت أن يكون الأمر واضحا بشكل كامل؛ وقد أخبرونى أنه فى النهاية قرار أليوشا؛ ولهذا طلب منى وقتا للتفكير فى الأمر؛ ليتصل بي مرة أخرى بعد بضعة أيام؛ قائلا إنه يشعر أنه قادرا على الدفاع عن الشخصية؛ وأنه يريد تقديمها فى الفيلم؛ وبالمناسبة اليوشا ليس كجونى فى الحقيقة؛ ولهذا كان شجاعا للغاية لقبول الدور.

وما الأسلوب الذى اخترته لتوجيه الممثلين خلال التصوير؟

كان نص الفيلم الذى كتبته مليئا بالكلمات والتفاصيل؛ ولكنني لم أرد أن أعطيه بهذه الصورة لأبطال الفيلم؛ فلم أرد أن أربطهم بنص ثابت؛ ولذلك كان الأداء نابعًا من الارتجال فى كل مشهد على حدة؛ وقبل كل مشهد كنت أعطيهم التفاصيل العريضة بالمشهد؛ واجعلهم ينطلقون من خلال ارتجالهم الخاص.

 تناولك للطبقة الاجتماعية الشعبية فى الفيلم كان قاسي حقا ولكنه لم يكن فى نفس الوقت تناول اتهامى لأفرادها.. فهل كان ذلك بسبب وجود الحب والألفة بين أفرادها؟

 من المهم جدا بالنسبة لي أن أصنع أفلاما تعرض عالم هذه الطبقة الاجتماعية؛ لأنها تختفي ببطء من المشهد السينمائي - على الأقل في فرنسا -ومن المهم جدا التحدث عن لقصص تلك البيئة الاجتماعية؛ أنا مهتم بذلك حقا ولذلك سأقوم أيضا بتصوير فيلمي القادم في فورباخ؛ فهى بمثابة منطقة سينمائية للغاية؛ فهى منطقة حدودية تعاني من تراجع التصنيع؛ مثل غيرها من المناطق التي سلبناها من مصدر عملها الرئيسي؛ هذا يجعلني حزينا ويجعلني أرغب في سرد قصص سكان تلك المنطقة؛ ولا يمكن كذلك تجاهل إنها منطقة لها تاريخ طويل مع الهجرة؛ ومع كل تلك العوامل تأتى فورباخبمثابة انعكاسا لفرنسا اليوم. 

من الواضح أنك مرتبط بشدة بمدينة فورباخ.. فهل ستبقى هى موقع التصوير الدائم لأعمالك؟

إنها أشبه بعملية متسلسلة ستؤدي بشكل شبه مؤكد لانتقالى لمكان آخر يوما ما؛ ولكن في الوقت الحالي؛ لم أنته من هذا المنطقة بعد؛ وبالمناسبة أنا معجب بفكرة أن أفلامي تمتلك هوية اجتماعية ومكانية؛ فأنا مؤمن أن مدينة مثل فورباخ تمثل عالم كبير يعاني من عجز التمثيل؛ وخاصة أن الطبقات العاملة صارت تختفى تدريجيامن وسائل الإعلام الرئيسية؛ بالطبع كانت احتجاجات السترات الصفراء بمثابة عودة لتمثيل الطبقات العاملة؛ لكنها سرعان ما اختنقت ولم تستمر فى رسالتها.

وبالعودة إلى فورباخ، أعتقد أن أفلامي تكمل بعضها البعض؛ففيلم “فتاة الحفلة” كان عبارة عن قصة امرأة تريد الهروب من المجتمع ،بينما تناول  Softieطفل صغير يريد الانشقاق عن طبقته؛ والانضمام إلى الحياة بوتيرتها المستقرة بأي ثمن.