رٌكن الحواديت

هموم على الأرصفة!

زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد

رأيت أطفالا يطوفون حول نصف كرتونة كبيرة، بإحدى حوارى إمبابة فظننت أنها لعبة، ولكنى وجدت امرأة مسنة، تحتمى داخلها من البرد، وبجوارها ميزان لم تزن كفتّاه المعاناة بالعدل بين أبناء هذه البلاد.


وكان بجوارها طبق كبير مليء بالوجع، وصنوف من خضار متنوع، لا تصلح أوراقه لتدوى الأحزان، ورءوس فجل لم تشِ إحداها ولو بفكرة للخلاص من هذا الألم.


قالت إنها من بشتيل بالجيزة وعمرها 77 عاما، وتجلس هنا بكمية الخضار لتساعد ابنها الذى لا يكفيه مرتبه من عمله كمؤذن بوزارة الأوقاف، فهو يعول ثمانية أبناء. 


كم تكسبين من بيع الخضار فى اليوم؟


ابتسمت وقالت: الرزق مالوش حساب، ولكن ربما أخسر من رأس المال فى الصيف!


وأكدت أن ابنها حاول مرارا أن يمنعنها من العمل، ولكنها رفضت التخلى عن فرحة أحفادها بعودتها إليهم محملة ببعض الحلوى، وحين سألتها إن كان لها طلب من مسؤول قالت: لا.. ولكن إدعُ لى بعمرة لبيت الله الحرام.


يومها ذهبت إلى الجريدة وقصصت الحكاية على صديقى النبيل هشام عطية مدير تحرير أخبار اليوم فكانت موضوعًا رئيسيا فى صفحة «إحنا معاك» التى كانت معنية بنشر حكايات أمثالها من الكادحين . 


وبعد النشر بيوم واحد فقط هاتفنى أحد فاعلى الخير وقرر التبرع بتكاليف رحلة العمرة، وحين ذهبت لمكانها علمت من جارة لها أن روحها ذهبت فى رحلة ذهاب دون إياب إلى رب البيت الحرام.