شهرزاد

أتجوزت ماما ليه؟!

ريهام نبيل
ريهام نبيل

اتصل بي زوجي في طريق عودته ليسألني عن طلبات المنزل. أصر ابني الأصغر «آسر» على محادثة أبيه.. أعطيته الهاتف بحسن نية .. لأفاجئ بسؤاله يخترق أذني « بابا.. إنت اتجوزت ماما ليه؟!!» .. تركت ما في يدي «ورميت ودني».. سمعت آسر يقول «مش موافقة تجيبلي اللي أنا عاوزاه» .. سمعت ضحكة زوجي وهو يجيب على سؤاله «معلش يا ابني .. القدر!» .. مر الموقف الفكاهي بعد أن عرفت غلطتي، وبدأت التودد لطفلي وتحقيق مطالبة كي استرد مكانتي لديه.

لم أتوقف بعدها عن التفكير في أبعاد هذا الموقف.. فاكتشفت أن صورة الأب المرعب «سي السيد» قد تراجعت منذ فترة طويلة.. وبعد أن كان أفراد الأسرة يهابون غضب الأب الذي قد يصاحبه عقابا يتفاوت طبقا للموقف والحالة المزاجية، أصبحت الأم هي «البعبع» الذي يثير الرعب.. تحول طبيعي ناتج عن تغيرات أصابت المجتمع المصري.. لم تعترض عليه الأم باعتبار التربية دورها الأساسي، لكن المشكلة أن بعض الأباء استغلوا الفرصة ليظهروا كملائكة بريئة.. ويرجعون بعد يوم طويل من العمل ليلبوا طلبات الأبناء ويحققوا أحلامهم دون نقاش وجدال أو حتى عقاب أو عتاب على أخطائهم التي عانت منها الأم طوال اليوم.

الطريف أنني قد مررت بنفس الموقف وأنا طفلة، ولكن مع تبادل الأدوار، عندما كنت أسأل والدتي «لماذا تزوجت أبي»، بعد كل مرة يعنفني فيها.. أيقنت أن هذا التساؤل والشعور بالسخط من الأبناء أحيانا، هو ضريبة كانت مفروضة على الأب في الماضي.. ولكنها أصبحت من نصيب الأم في ظل سباقها مع الزمن لمحاولة أداء واجباتها بكفاءة عالية.. وهذا ما اكتشفته بعد أن رويت ما حدث لبعض صديقاتي، ووجدت مواقف مشابهة، يريدوا فيها الأبناء استبدال أمهاتهم بحثا عن الملاك الذي يحقق جميع مطالبهم دون تعنيف أو نقاش.

قد يبدو الأمر فكاهيا، لكنه يثير قضية مهمة تتعلق بأساليب التربية.. فقد شكت بعض صديقاتي من أن أزواجهن يتعاملون مع الموقف باستهانة، خاصة أنه يحقق لهم مكاسب معنوية لدى الأبناء بعد غياب يوم كامل في العمل.. وهو الأمر الذي قد ينعكس بالسلب إذا استغله الأبناء دون أن ينتبه الكبار إلى أن براءة الأطفال لا تخلو من بعض الاستغلال لتحقيق مكاسب.. لهذا حمدت الله أن زوجي ليس من بين هؤلاء الذين ينخدعون بـ»لعب العيال».