فواصل

استقرار منطقة ساخنة

أسامة عجاج
أسامة عجاج

(من الظلم البين) ،التعامل مع الجولة الخليجية الأولي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، علي انها ضمن الإعداد للقمة الخليجية القادمة ال٤٢  ،التي تستضيفها الرياض خلال الأسبوع القادم،  فهكذا امر ، يتم البحث فيه في اجتماعات وزارية، تضم دول المجلس، تبحث يتم طرح كافة الملفات علي صعيد المواقف الخليجية السياسية، تجاه قضايا العالم والمنطقة ،وأيضًا تعزيز التعاون المشترك، علي كافة الأصعدة اقتصاديًا واستثماريًا وتجاريًا، ويتم عرض نتائجها أمام القادة وإصدار قرارات بشأنها،   فأمر هذه الجولة التي ستستمر خمسة أيام ،وسبقها رسائل من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الي القادة، والتي حملها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان،  يتجاوز ذلك بكثير، ليصل الي اعادة صياغة لمنظومة خليجية جديدة، وتوافق يسعي الي (تصفير المشاكل) البنية بين دولها، مع التنفيذ الأمين لاتفاق العلا في يناير الماضي،  الذي شهدته القمة الخليجية السابقة، والتي شاركت فيها مصر، ووضعت أسس سليمة لتجاوز أزمة الدول الرباعية مع قطر ،الي التعامل مع دول الإقليم في المنطقة المتاخمة، وتحديدًا مع تركيا وإيران وهو البعد الثاني للجولة الاستراتيجية . 
ولعل بداية الجولة من مسقط  في سلطنة عمان، إشارة بدء مرحلة تنشيط العلاقات السعودية مع السلطنة، وكانت اول مؤشراته ان السلطان هيثم بن طارق، اختار المملكة  لتكون اول محطة في زيارته الخارجية، وسط رغبة من قيادة البلدين، في فتح صفحة جديدة، تتضمن مستوي غير مسبوق من إطلاق المبادرات المشتركة، والتعاون بين البلدين في مجالات اقتصادية ذات طبيعية استراتيجية، ومنها  الاستثمار في إقامة منطقة صناعية في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم  ،وافتتاح منفذ الربع الخالي، والطريق البري بين البلدين،  كما ان الجولة تمثل بناءا سعوديا، علي ماتم انجازه خليجيا في تنفيذ اتفاق العلا، الذي ظل يرواح مكانه، ويتحرك تنفيذه ببطء، حتي اشهر الصيف الماضي، حيث بدأت اللقاءات علي مستوي اعلي، وشهدنا الصورة الشهيرة في سبتمبر الماضي،  التي جمعت بين أمير قطر الشيخ تميم، وولي العهد محمد بن سلمان، ورجل المهام الصعبة في الإمارات الشيخ طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي، والتي كانت مؤشرًا لنهاية سعيدة لسنوات من الخلاف المحتدم من يونيو ٢٠١٧.
وهناك بعد آخر للجولة –والتي تعد تدشينا لمرحلة من (تصفير المشاكل الخليجية) -وهو العلاقات مع الإقليم، خاصة  مع إيران وتركيا ،وعلينا ان نشير الي الدور الإماراتي المهم، الذي جري بهذا الخصوص ،حيث نجحت الإمارات، في اتخاذ خطوة مهمة الي الأمام،  باتجاه إنهاء الأزمة مع تركيا، بالزيارتين التي قام بها كلا من الشيخ طحنون، التي كانت تمهيدًا للثانية خلال الأسابيع الماضية للشيخ محمد بن زايد الي انقرة، ولقائه مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ،والتي تصب في مسار تهدئة التوتر الذي ساد العلاقات بين السعودية والإمارات خلال الأعوام الماضية،  إذا صدقت التوقعات وكان هناك لقاء بين ولي العهد السعودي وأردوغان الذي تصادف وجوده في قطر،  او ان الأمر كما قال وزير الخارجية القطري الشيخ  محمد بن عبدالرحمن، بانه (تصادف زمني) فهناك رغبة تركية اعرب عنها اردوغان في أكثر من مناسبة، لتطوير علاقات بلاده مع دول الخليج ومصر،  وازالة سوء الفهم، ومن المهم في هذا الشأن ان يكون هناك اتفاق خليجي علي آلية موحدة لعلاقات مع تركيا. وهو المطروح في الجولة .  
ويبقي البعد الخاص في جولة ولي العهد، والمتعلقة  بالعلاقات مع إيران، ويبرز هنا من جديد الدور الإماراتي، من خلال الزيارة التي انتهت منذ ساعات لطحنون بن زايد الي طهران، وتقديمه دعوة للرئيس الإيراني لزيارة الأمارات، ومن المستبعد  ان هكذا تحرك لا يتم بتنسيق مع كل دول الخليج، وفي القلب منها السعودية، حيث شهدت الفترات الماضية، تمايز في المواقف تجاه إيران ،بين دول لها علاقات طبيعية معها وهي سلطنة عمان والكويت وقطر ،وبين الدول الثلاثة الأخرى التي اتسمت بالتوتر السعودية والبحرين والأمارات، ولعل التحرك باتجاه إيران، يعود الي استباق نتائج الحوار حول الملف النووي، وتوقع نجاحه، رغم الصعوبات التي التي تواجه ذلك ،خاصة في ظل استبعاد طرح فكرة مناقشة سياسات ايران الإقليمية، ضمن الملفات المطروحة في الحوار ، مما دفع دول الخليج الي الدخول بنفسها في بحث ذلك، وفق مقاربة علي أساس سياسية عدم التدخل في شؤون الدول الخليجية، والبحث عن حل توافقي للازمة في اليمن، والساحات الأخرى            
كل التوقعات تشير الي توافر عوامل عديدة لتشهد منطقة الخليج استقرار سياسيا بعد ان عاشت سنوات توتر  ونحن في الانتظار