قلق غربي من تزايد النفوذ الصيني في القارة الإفريقية

أرشيفية
أرشيفية

• وزارة التجارة الصينية: 2.07 مليار دولار حجم الاستثمار الصيني المباشر في إفريقيا في الأشهر الـ 7 الأولى من 2021.

• الاستثمار الصيني في إفريقيا يشهد زيادة كبيرة، خاصة في خدمات التكنولوجيا والنقل والتخزين والبريد.

• الصين أعلنت عن نيتها تقديم لقاحات ضد "كورونا" لبعض الدول التي تسعى لكسب ودها.


قبل أسبوع تقريبًا أثارت تقارير إعلامية الفزع في نفوس الأفارقة، بإذاعة خبر عن سيطرة الصين على مطار "عنتيبي" الدولي، المطار الوحيد بأوغندا، نتيجة تعثر الأخيرة في سداد قرض من أحد البنوك الصينية لتوسعة المطار، وزادت تلك الأنباء من النظر بمزيد من الريبة والشك تجاه الوجود الصيني في القارة الإفريقية. 

وبحسب تقرير لوكالة "سبوتنيك" بعنوان: "حقيقة استيلاء الصين على مطار عنتيبي"، فإن الاتفاق المشار إليه بين أوغندا والصين تم توقيعه في عام 2015، وبموجبه قدم بنك التصدير والاستيراد الصيني قرضًا بقيمة 207 ملايين دولار بسعر فائدة 2% وهي فائدة متواضعة نسبيًا مقارنة باتفاقيات دولية شبيهة، ومنح الاتفاق فترة استحقاق تبلغ 20 عامًا، تشمل مدة سماح أجلها 7 سنوات، ما يعني أن أوغندا لن تكون مطالبة بسداد أي شيء خلال هذه المهلة التي ستنتهي العام القادم 2022.

وأثار تقرير وكالة "سبوتنيك" أن التقارير الأوروبية عن استيلاء الصين على المطار الوحيد لدولة أوغندا تم تحريره بصيغة مستقبلية تفترض أن الحكومة الأوغندية لن تتمكن من سداد أول الأقساط المستحقة بنهاية 2022، وكذلك افترضت هذه التقارير الإعلامية الصادرة عن صحف ومواقع أوروبية أن الحل الوحيد في هذه الحالة هو استيلاء الصين على مطار "عنتيبي" وبعض الأصول الحكومية الأخرى.

ولكن حقيقة الأمر أن الأزمة التي افترضها الإعلام الذي تناول القضية ستحدث في المستقبل، بخلاف أنه في مثل هذه الأمور التي تتكرر دوليا قد يلجأ الطرفان الصيني الأوغندي إلى زيادة فترة السماح الخاصة بالقرض، أو الاتفاق بوضع غرامات تأخير تُحصل مع سداد أول قرض أو تحصيلها في وقت آخر، وهناك خيارات أخرى عديدة لم تتم مناقشتها أو حسم أي منها بين الطرفين.

ولكن النتيجة التي يؤكدها التناول الإعلامي الغربي لأزمة مستقبلية لمطار "عنتيبي"  هي أن الغرب ينظر بريبة للنمو المتزايد للدور الصيني على مستوى العالم، وبالأخص القارة الأفريقية، وهى المخاوف التي عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، عندما حذر دول إفريقيا من الدور المتزايد للصين، وتعهد بالتزام أكبر للولايات المتحدة اتجاههم، وقال في اجتماع افتراضي مع مسؤولين أفارقة نهاية أبريل الماضي: "نحن لا نطلب من أي شخص الاختيار بين الولايات المتحدة أو الصين، لكنني أشجعك على طرح الأسئلة الصعبة، والبحث تحت السطح، والمطالبة بالشفافية واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن ما هو الأفضل لك ولبلدانك".

فقد سبق وحذرت الولايات المتحدة وحلفاؤها التقليديون من الاستراتيجية التي وصفوها بـ(دبلوماسية اللقاحات) التي تبنتها الصين مطلع العام الجاري، عندما أعلنت الصين عن نيتها تقديم لقاحات ضد "كورونا" لبعض الدول التي تسعى الصين لكسب ودها وتشكيل صورة ذهنية جديدة عن الصين كقوة عالمية مؤثرة في ظل الأزمات.

وفى حقيقة الأمر أن انتهازية الصين للأزمات لم يقتصر على دبلوماسية اللقاحات، ولكن كانت فرصة لدخول الصين بعض الدول الإفريقية وتوسيع قاعدة وجودها في دول أخرى، ففي 27 سبتمبر الماضي نشرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" التقرير السنوي حول العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الإفريقية 2021، وأكدت أن الاستثمار الصيني في إفريقيا بلغ 2.96 مليار دولار في عام 2020، بنسبة زيادة 9.5 % على أساس سنوي. ومن بين القيمة الإجمالية، بلغ الاستثمار المباشر غير المالي 2.66 مليار دولار، ورصد التقرير أن الاستثمار الصيني في قطاع الخدمات بإفريقيا يشهد زيادة كبيرة، خاصة في خدمات التكنولوجيا والنقل والتخزين وخدمات البريد.

وقالت الوكالة إن بيانات صادرة عن وزارة التجارة الصينية أظهرت أنه في الأشهر الـ 7 الأولى من عام 2021، بلغ الاستثمار الصيني المباشر في إفريقيا 2.07 مليار دولار، ما يعد أداء أفضل من المستوى المسجل للفترة نفسها في عام 2019، أي قبل جائحة "كورونا".

ونجح نادى "باريس" ومجموعة العشرين نجحت في مطلع 2021، في إقناع الصين بالانضمام إلى مبادرة تعليق سداد خدمة الدين العام التي بدأ تطبيقها في أبريل الماضي، وهي المبادرة التي أوقفت تسديد 5,7 مليارات دولار من الفوائد المتراكمة على حوالي 50 دولة، إذ تعتبر الصين هي أكبر دائن لدول القارة الإفريقية.