سند إنساني

سارة شوقي
سارة شوقي

تعز علي نفسي وأعز عليها ولا ارضى أن ارى انكساري في نظرة من شخص رغم اتفاقي مع فكرة أن الناس للناس وأن الاصدقاء وجدوا من أجل هذا وخلقنا الله قبائل وشعوب لنتعارف لنكن عونًا وسندًا نضيف لذّة للحياة، رفقاء روح وبلسمًا للجروح، رفقاء يكونوا لنا سببًا للرضا والسعادةِ المتكاملة، أرواحٌ نلتقيها مؤنسةٌ للقلب مُذهبةٌ للوحشة ينبع منها علو الهمم والنفوس التواقة للقمم .

ربما أحيانًا نحتاج لعزلةٍ مع أنفسنا لجمع شتات أمرنا مبتعدين عن النفاق والتملق مبتعدين عن ضجيج البشر، انعزال مؤقت حتى نلمم شتاتَ أرواحنا لنِعُد للعالم بقوة وحماس من جديد .
إن الانعزال لم يكن ولن يكن حلًا فدعوة الاستغناء عن الناس دعوةٌ كاذبةٌ مضادةٌ لفطرةِ الإنسان، دمار للنفس، جالبةٌ للأمراض، وحدةٌ موحشةٌ تتأكل بها النفس إلى ان تؤدي بها إلى الهلاك .

إن العلاقات هي كل شئ كل شئ موجود في الأساس لانه في علاقة مع شئ اخر ولا يوجد شئ في انعزال تام علينا جميعًا التوقف عن التظاهر بأننا أفرادًا يمكننا العيش وحيدين، ورغم كل هذا مازال العديد من الناس يدفنون رأسهم في الرمال كالنعام ولديهم الكثير لتمجيد الاستقلال الشخصي ويرون الفردية كفضيلة لكنني لا ارى في هذه المفاهيم سوى أنها تثقل الهموم وتقتل الحياةَ العملية والعاطفية، وأن الاشخاص الذين لا يمتلكون مهارة التواصل مع الاخرين ليفكروا او يتصرفوا بشكل جماعي قد يكونوا منتجين بمفردهم لكن سيؤدي هذا إلى انهيار حياتهم المهنية والعاطفية سريعًا .

إن التواصل هو أحد أهم المهارات المهنية والحياتية التي لا يمكن لاحد أن ينكرها ، إن الاشخاص الذين يبنون فطريًا شبكة قوية من العلاقات يبنون شركات ناجحة، إن النجاح يولد نجاح وإن بالفعل الاثرياء يصبحون اكثر ثراءًا، إن شبكتهم من الاصدقاء والزملاء المهنين اقوى أداة لهم .
فالفقر ليس انعدام الموارد المالية فقط بل هو الانعزال عن نوع الاشخاص الذين يمكنهم أن يساعدوك أن تصبح شيئًا افضل، لا توجد فضيلة في الفقر إنه مرض في العقل ويجب أن نشفى في الحال من هذا المرض والصراع العقلي، إن اعتقادك بأن المال أساس كل شر يُسبب في إبعاد المال عنك، إنك تفتقد الشئ الذي تسخط عليه، ولن تستطيع أن تجذب شيئًا تنتقده، إن عقلك الباطن يحول هذه الخرافات ويحققها في واقعك، إن صورة حياتك ما هي إلا صورة مصورة عن ما يدور داخل عقلك .

إن التواصل الحقيقي هدفه ايجاد كل الطرق الممكنة لجعل الاخرين اكثر نجاحًا وقوة، مازلت أؤمن أنّ من يخشى الوحدة لن يقسو، لن يترك أحبابة يخوضون صراعاتهم  فرادى.
 علينا أن نصبح أكثر استعدادًا لطلب العون من الاخرين بنفس القدر  لاستعدادنا لتقديمه وإلا ستكون نصف معادلة فقط .
ان مفتاح النجاح هو الكرم والعطاء
وبالرغم من كلّ القسوة وكسر الخواطر في هذا العالم مازلنا نؤمن أنّ الحبّ عطاء الكلمة عطاء النصيحة عطاء الابتسامة عطاء ، وأن السعادة في العطاء، إنَّ الأسرةَ التي تَزرعُ في تُربة أبنائِها حُب العطاء لا يأفل لها نور، ولا يخبو لها شُعاع، وتمتد بركَة حياتِها من مُحيط أسرة إلى أمّة.

اعلم ان ثمّة أشياء كثيرة مروّعة تدفع كلّ يومٍ إلى الجنون أو القسوة أو الانعزال لكنّ إيمانينا المتجدد يجعلنا نقف لنكن للناس ذلك الشخص الذي طالما تمنيّناه، ذلك الذي يشعر بما في قلوب الصامتين دائمًا، يخرج الكلمة في الوقت المناسب فتصنع يوما جميلًا لاحدهم، إن السعادة في العطاء فكلما أردت من الحياة شيئًا أمنحه للآخرين، إنني على يقين أن سعادتنا تبدأ داخلنا وأننا حين نمنح السعادة ستعود لنا أضعافًا وعلينا ان لا نندم على حبٍ أو احساس أو نصيحة قدمناها يومًا بكل الصدق، فسوفَ تكشفُ لنا الأيامُ أن ما بقي داخلنا من مشاعر الحب والعطاء كان أجمل وأبقى مما في أعماقِ انسانٍ تخلّى او غدرَ، فالذي يصنعُ الفضيلة لا يندمُ عليها، والذي يرسمُ خطوطَ الجمال لا يعنيه أبدا أن يرسم غيره أشكالَ القبح.

وقد اظهرت البيانات العلمية على مدار نصف قرن أن القوة مثل العدوى تنتقل عبر العلاقات الاجتماعية، وإن سر الصحة والسعادة أصدقاء سعداء و أصحاء . 

الحياة - اصدقاء - عطاء - سعادة - نجاح .