مع احترامى

كوكب تانى

فرج  أبو العز
فرج أبو العز

ملامسة الواقع الفعلى أقصر طريق للسلام الاجتماعى والنفسى للبشر لذلك فإن مراعاة الواقع تصبح إلزامية للحفاظ على توازن المجتمع وعدم إشعار فئات بالمجتمع بأنهم أقل من غيرهم وأن هناك أناسا فى المجتمع نفسه يعيشون فى «كوكب تانى».. هذا الحديث بمناسبة إعلانات مستفزة لشركات عقارية لا تراعى على الإطلاق شعور الفئات محدودة أو متوسطة الدخل بالإعلان عن وحدات تقسيط بمقدمات لا تقل فى أى حال من الأحوال عن 100 ألف جنيه والقسط الشهرى يبدأ من 4 آلاف جنيه حتى ما فوق العشرين ألف جنيه.. هل راعت تلك الشركات فى إعلاناتها متوسط الدخل لدى المصريين بشكل عام؟ وهل راعت الحد الأدنى للأجور والذى رفعته الدولة مشكورة هذا العام إلى 2400 جنيه؟ وهل تدرك تلك الشركات أن هناك فئات فى المجتمع لم تصل بعد للحد الأدنى للأجور قبل الزيادة الأخيرة 1200؟ بل إن الاتحاد العام للغرف التجارية تقدم بمذكرة رسمية للحكومة يطالب فيها باستثناء ثمانية قطاعات من تطبيق الحد الادنى للأجور 2400 جنيه والسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعيشها تلك القطاعات فى ظل جائحة كورونا.. وهل يدرك هؤلاء أن شركات قطاع الأعمال العام الذى يعمل به قرابة الـ 300 ألف عامل على حد معلوماتى المتواضعة لم يستفيدوا بعد من الحد الأدنى للأجور القديم 1200 جنيه؟.. قطعا مثل هذه الاعلانات المستفزة لا تستهدف على الإطلاق فئات محدودى ومتوسطى الدخل رغم ما تمثله تلك الفئات من نسبة لا بأس بها وأظنها الغالبية بين السكان لكن هذا الاستفزاز من شأنه اشعال روح الضغينة بين فئات المجتمع ويوجِد لديهم شعورا بأن هناك أثرياء فى المجتمع لدرجة تمكنهم من دفع قسط شهرى 20 ألف جنيه وما يعنيه ذلك من أن الدخل الشهرى للقادرين على ذلك لا يقل عن ثلاثة أضعاف القسط على الأقل ليستطيع مواجهة متطلبات الحياة.. قد يقول قائل إن ذلك شأن الشركات المعلنة ولا دخل للدولة فيما تروجه من إعلانات و«الغاوى ينقط بطاقيته» لكن ذلك قول حق يراد به باطل وما ذنب خلق الله البسطاء الذين يرون تلك الإعلانات ليل نهار لتترك لديهم إحساسا مريرا بالعجز بل المهانة؟.. على وزارة الإسكان باعتبارها المسئول الأول عن الحركة العقارية أن تتدخل وتعقد اجتماعا عاجلا مع شركات التطوير العقارى خاصة بعد أن تعدت تلك الشركات فى إعلاناتها على البنوك بدعوى أن الاستثمار فى عقاراتها بالتأجير يفوق عائد البنوك الذى لا يتعدى 11% وهذا أمر مقلق للجهاز المصرفى الذى يمثل عصب الدولة وحصن أمان لجانب لا بأس به من الشعب الذى يعيش من عائد مدخراته.. لا شك أن لشركات التطوير العقارى مبرراتها وعلى وزارة الإسكان الاستماع إليها للوصول إلى صيغة توافقية تراعى مصالح الشركات وفى الوقت نفسه الحفاظ على السلام الاجتماعى الذى لا شك سيتأثر بإعلانات مثل: تملك فيلتك بستة ملايين جنيه فقط أو تملك شقتك بأسعار تبدأ من 1.8 مليون جنيه.. هناك دور آخر على وزارة الإسكان بل الحكومة برمتها للمواجهة بتكثيف حملاتها لترويج وحدات الإسكان الاجتماعى والإسكان المتوسط مع الاهتمام بتقديم تسهيلات لتملك تلك الوحدات وعدم تصعيب الأمور بإجراءات روتينية لا طائل منها فهى أعلم بمتوسطات الدخول وبالتالى تحديد أقساط مريحة فى ظل مبادرات رئيس الجمهورية للتمويل العقارى وسكن لكل المصريين وغيرها من المبادرات المهمة التى تتبناها الدولة وصرفت عليها المليارات لتمكين كل مصرى من تملك وحدته السكنية.. الأمر كله يتطلب المرونة فى التفكير والبعد عن الروتين والأوراق الكثيرة المطلوبة لتملك شقة إسكان اجتماعي.. القيادة السياسية تبذل كل غال ونفيس للرفق بالمواطن وتحسين معيشته فى التعليم والصحة والسكن.. ويجب علينا جميعا المساندة للوصول للهدف المنشود..
تحيا مصر وتحيا القيادة ويحيا الشعب.