أسامة فاروق يكتب : صورة مؤجلة

صورة تخيلية للطريق ضمن مخطط تطوير الأقصر فى ٢٠٠٤
صورة تخيلية للطريق ضمن مخطط تطوير الأقصر فى ٢٠٠٤

يكتب : أسامة  فاروق
 مع ظهور اللقطات الأولى من حفل افتتاح طريق الكباش تذكرت صورة أخرى كانت قد عرضت أمامى منذ سنوات. بالتحديد فى 2007 وقت أن كنت فى الأقصر لمتابعة قضية ما هناك. وقتها قادتنى الظروف لجلسة مع اللواء سمير فرج رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر قبل أن تتحول لمحافظة بعدها بسنوات.
فى هذه الجلسة عرض سمير فرج خطة أشبه بالحلم لمدينة الأقصر، لم تكن تتمحور حول الآثار فقط، بل ضمت تفاصيل أخرى كثيرة فى كل الاتجاهات تقريبا «التعليم والصحة والوظائف..الخ» كانت تشبه المعادلات الرياضية لتحقيق التوافق بين المدينة العادية التى توفر لأهلها السكن والخدمات العادية، فى مدينة أسطورية، مدينة المدائن التى لا تشبهها مدينة أخرى، مدينة كل طبقة فيها تضم فى جوفها كنز، وكل مبنى يحمل ذكرى يصعب نسيانها. 


عرض سمير فرج الكثير من الصور على طريقة قبل وبعد.. كيف تم نقل سكان القرنة، وتطوير ساحة الكرنك، ومعبد الأقصر، وهدم قصر الثقافة، وتوسعة الكورنيش..إلخ لكن الصورة التى ظلت عالقة كانت صورة تخيليه لطريق الكباش بعد الافتتاح.وقتها كان العمل مازال قائما ربما فى القطاع الثالث أو الرابع، حيث كان قد تم تقسيم الطريق إلى خمسة قطاعات، الأول طوله 375 متر ويبدأ من معبد الأقصر حتى مبنى المحكمة الوطنية، وقد بدأ العمل فى هذه المنطقة فى يناير 2005 بالتحديد فىالجزء الواقع أمام مركز شرطة بندر الأقصر بحديقة الخالدين، القطاع الثانى طوله 500 متر ويبدأ من مبنى المحكمة الوطنية حتى شارع المطحن، أما المرحلة الثالثة فطولها 650 وتبدأ من شارع المطحن حتى بداية شارع المطار، القطاع الرابع طوله 425 متر يبدأ من طريق المطار وحتى بوابة خنسو بمعبد الكرنك، والمرحلة الخامسة والأخيرة تنتهى عند أبواب معبد الكرنك.

الطريق كما ظهر فى أول لقطات الافتتاح


تذكرت الصورة لأنها كانت تشبه تماما ما شاهدته وشاهده العالم على الهواء مباشرة الأسبوع الماضى فى الافتتاح الفعلى للطريق. تذكرتها لأنى رأيت كيف كان الوضع على أرض الواقع، والذى جعل من صورة كتلك تبدو وقتها أشبه بالحلم المستحيل، فالمنازل كانت لاتزال قائمة فوق ما يفترض أن يكون طريقا أثريا، وكل قطاع من القطاعات الخمسة كان يحمل تحديا مختلفا، القطاع الثانى مثلا تأجل العمل به لسنوات إلى أن يتم  بناء منطقة سكنية جديدة لتكون بديلا مناسبا للأهالى المتكدسة هناك، وفى قطاعات أخرى كانت هناك دور عبادة ومركز شرطة، وذكريات كان المساس بها خطرا يهدد المدينة بالكامل، يكفى أن تعرف أن المساس بهذا كله هو ما عطل العمل بالمشروع لأكثر من 50 عاما! فقد بدأ الكشف عن هذا الطريق فى الخمسينيات، ضمن أعمال قام بها الدكتور محمد عبد القادر واستطاع بالفعل أن يكتشف الطريق الذى يقع أمام معبد الأقصر، وحدد الطريق الذى يصل بين المعبدين، ثم قامت هيئة الآثار برئاسة الدكتور محمد الصغير بالكشف عن الطريق الذى يربط معبد موت بالكرنك وكذلك من بداية الطريق المؤدى لمعبد الأقصر من ناحية الكرنك ليصل عدد التماثيل المكتشفة وقتها إلى 68 تمثال ولكن أعمال الحفائر توقفت بعد ذلك لصعوبة نزع ملكية الأراضى المقامة فوق الطريق.

 

حالة الطريق فى ٢٠٠٧


أتأمل الآن الصور التوضيحية للمسار، والشكل النهائى الذى ظهر عليه، وأتذكر كل التحديات التى كانت قائمة، وكل العثرات التى أخرت ظهور الطريق كل تلك السنوات، لكن أتذكر فى الوقت نفسه أيضا كيف تم تجاوزها وصولا إلى اللحظة الحالية، لا أتحسر على ما مضى لكن أتطلع للمستقبل بصورة ودليل على أننا نستطيع ونستحق.

 

 

أقرا ايضا | شاهد أعمال تطوير الساحة الخارجية لمعابد الكرنك| فيديو