بعد حظر بريطانيا «حماس» l بداية النهاية لـ«إخوان أوروبا»

اليمين المتطرف والضغط على جونسون
اليمين المتطرف والضغط على جونسون

خالد حمزة

منذ أيام قليلة وفى خطوة غير مسبوقة، أقر مجلس العموم البريطانى المذكرة التى تقدمت بها وزيرة الداخلية بريتى باتيل، لتصنيف حركة حماس بجناحيها السياسى والعسكرى إرهابية، وتضمن الحظر عقوبات بالسجن تصل لـ 14 سنة أو الغرامة، على من يدعم حماس أو يرفع أعلامها أو شعاراتها، وتم إقرار المذكرة لتعديل قانون الإرهاب لعام 2000، بحيث يمتد الحظر المفروض حاليا على الجناح العسكرى لحماس ليشمل الحركة بجناحيها.

القرار يفتح الباب أمام حظر جماعات ومنظمات متطرفة، تنشط فى بريطانيا منذ عقود، وتثير المخاوف من شبهات تمويلها للإرهاب داخل وخارج بريطانيا، تحت شعار جمع التبرعات وخدمة الدعوة، واتخاذها من بعض المساجد والمنظمات الخيرية ستارا لذلك، وعلى رأسها جماعة الإخوان المحظورة، وينضم لعدة قوانين سابقة ضد الإرهاب فى بريطانيا أبرزها اقانون المنعب الذى يهدف للحد من تورط الأفراد والمجموعات فى الإرهاب، وقانون الطوارئ لتشديد العقوبات على مرتكبى الجرائم الإرهابية، ومنع إطلاق سراحهم المبكر، ورغم أنه خلال المناقشات فى مجلس العموم، أثيرت مخاوف بشأن آثار الحظر على تسهيل الحوار بين القوى المختلفة فى منطقة الشرق الأوسط، ودور بريطانيا فى دعم الأعمال الإنسانية فى قطاع غزة الذى تسيطر عليه حماس، إلا أن وزيرة الداخلية البريطانية بريتى باتيل، أعلنت أنها تقدمت بالمذكرة للبرلمان، لتعديل الفصل الثانى من قانون الإرهاب، لحظر حماس بالكامل، بما فى ذلك جناحها السياسى، وتصنيفها إرهابية، مع ضم الجناح السياسى لها للقائمة السوداء.

وأكدت الوزيرة، أن لحماس قدرات إرهابية، تتضمن الوصول لأسلحة متطورة على نطاق واسع، وأن أى شخص يؤيد الحركة أو يرتب اجتماعات لدعمها أو يدعو الناس لتأييدها، أو يعتبر عضوا فيها، سيواجه عقوبة بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، وقد تصل لـ14 عاما حسبما قالت صحيفة الجارديان البريطانية، بموجب القوانين الجديدة التى سيقرها البرلمان، وبموجب ذلك، سيعتبر ارتداء الملابس التى تشير إلى أى فرد ما عضوا أو مؤيدا لمنظمة محظورة، أو نشر صورة لعنصر أو العلم أو الشعار جريمة جنائية بموجب قانون الإرهاب لعام 2000، وسيمنح القانون السلطات البريطانية، الحق فى ملاحقة مؤيدى الحركة وعناصرها، ومصادرة أموالهم وأى أصول لها وقياداتها فى بريطانيا، كما أن كل من يثبت دعمه لها، سيتم توجيه اتهامات له بتمويل الإرهاب، كما سيمنع الأعضاء والمناصرين للحركة من دخول البلاد، وكان من أسباب صدور القانون، الظروف الأمنية التى أعقبت حادث مدينة ليفربول الإرهابى، والتى ثبت أن إسلاميين متطرفين كانوا وراءه.

ويعتبر تصنيف حماس إرهابية، ضربة كبيرة لجماعة الإخوان التى تنتمى لها الجماعة، التى تتخذ من المملكة المتحدة مركزاً رئيسياً لها، ومع ترقب عقوبات وحظر لحركة حماس، فمن المتوقع أن يمتد ذلك لشعارات الجماعة، كما يمثل حظر حماس، ضربة جديدة لجماعة الإخوان المنقسمة، بين جبهة إبراهيم منير فى لندن، ومحمود حسين فى اسطنبول، ويقول نص ميثاق تأسيس حماس فى عام 1988، إن الحركة جناح من أجنحة الإخوان بفلسطين، ولكنها حاولت فى عام 2017 غسل يديها من الانتماء للإخوان، وحذفت إشارات التبعية للجماعة من وثيقتها السياسية، فى خطوة وُصفت بالشكلية فقط، وكانت بريطانيا قد أدرجت فى عام 2001 فصائل عز الدين القسام الجناح العسكرى لحماس، على القائمة السوداء دون الحركة بالكامل.

وحسب صحيفة الجارديان البريطانية ووكالة بلومبرج الأمريكية للأخبار، فإن لدى حماس أنشطة مالية واستثمارية متعددة فى بريطانيا، كما أنها تنشط لجمع التبرعات، وكل تلك الأنشطة ستخضع للتجميد ومعها كيانات إعلامية مثل فضائية الحوار الإخوانية، التى تبث من لندن ويديرها الفلسطينى الإخوانى اعزام التميمىب، كما أن حماس تدير صندوق إغاثة فلسطين فى لندن، تحت مسمى دعم القضية الفلسطينية، ولهذه الكيانات فروع لها تنتشر فى أوروبا، وتخشى الحركة من امتداد الحظر لها مستقبلا بعد الخطوة البريطانية، خاصة أن حكومات بعض الدول الأوروبية، قامت بالسابق بحظر وتجميد بعض هذه الصناديق بعد ملاحظة ورصد توجيه أموالها، لتمويل أنشطة حماس.

كل تلك الخطوات، ستؤثر على حماس وعلى جماعة الإخوان، التى تعتبر أحد مصادر تمويل الحركة، التى لها استثمارات كبيرة فى بريطانيا، حيث بموجبه أصبحت حماس غير مشروعة، ويُمنع التعامل معها، وهذا ما سيؤثر على الجمعيات الإسلامية العاملة فى بريطانيا، التى تقدم مساعدات لحماس، ولتقييد عملها ومصادرة حساباتها، وما حدث هو بداية تحول حقيقى فى موقف بريطانيا من جماعة الإخوان، التى تقع فى القلب منها حركة حماس، وسيجعلها تراجع موقفها من الحركة، وهو الأمر الذى قد يثير قضية تمويل الجمعيات التابعة للجماعة، وسيغير وجهة نظر بريطانيا عن الجماعة الى غير رجعة، بعد أن كانت توصف بأنها جنة الإخوان فى أوروبا، حيث ضمت كياناتهم الاقتصادية وصناديق تبرعاتهم، وتأسس بها موقع إخوان أون لاين الناطق بالإنجليزية والموجه للغرب، كما أقام فى لندن لسنوات طويلة: عدة قيادات إخوانية وأبرزهم حاليا: إبراهيم منير مسئول جناح لندن للجماعة.

واللافت للنظر هذه المرة، أن بريطانيا ما بعد بريكست وجائحة كورونا، بدأت بالتغيُّر، ومراجعة الكثير بما يتعلق بأنشطة المنظمات والجمعيات على أراضيها، حيث كانت موطنا وملاذًا آمنًا لجماعة أنصار الشريعة التى تزعمها مصطفى كمال مصطفى الشهير بأبو حمزة المصرى، الذى جاء إلى بريطانيا عام 1979، واتخذ من مسجد فينسبرى بارك، منطلقا لخطبه قبل طرده منه واعتقاله، إلى جانب حزب التحرير الإسلامى المتطرف.

وبالتوازى، هناك دوائر كثيرة أمنية وسياسية، تضغط من أجل فتح ملف الإخوان، كما أن ما حدث، كان تنفيذا لتوصيات خلصت إليها دراسات ميدانية للأجهزة الأمنية، بشأن تعدد الحوادث ذات الخلفية الإرهابية التى شهدتها بريطانيا، وتوصلت لحقيقة أن الجمعيات والأنشطة المغلقة التى ترتبط بالإخوان المسلمين، قد تكون بشكل أو بآخر، الحاضنة التى تربى الشباب على التشدد والعزلة عن المجتمع، وتهيئته نفسيا لتنفيذ العمليات العشوائية، أو ما يُعرف بعمليات الذئاب المنفردة. 

ووفقا لتقرير لصحيفة التايمز البريطانية حول المجلس الإسلامى فى بريطانيا وارتباطه بالإخوان، تقول الصحيفة إن تقريرا للحكومة البريطانية، يقول إن أكبر مؤسسة إسلامية فى بريطانيا، وأكبر جماعة للطلبة المسلمين فى بريطانيا، لهما صلات غير معلنة بجماعة الإخوان، وان المجلس الإسلامى فى بريطانيا، وهو مؤسسة يندرج تحت مظلتها أكثر من 500 هيئة إسلامية فى البلاد، يزعم أنه مؤسسة غير طائفية، ولكن يُعتقد أن مؤيدى الإخوان لعبوا دورا كبيرا فى إقامته وإدارته، ويقول التقرير إن الجماعة تنخرط فى السياسة، عندما يكون ذلك ممكنا، ولكنها تلجأ أحيانا للإرهاب لتنفيذ أهدافها، وأنها تدعو فى الغرب للا عنف، ولكن الرسائل التى ترسلها إلى مؤيديها باللغة العربية، عادة ما تحتوى دعوات لذلك، ورغم ذلك فإن قرار عدم حظر الجماعة فى بريطانيا، يسمح بأن يستمر مؤيدوها بجمع التبرعات لأعمالها ليس فى بريطانيا فقط، بل حول العالم، رغم مطالبات مستمرة لعدد معتبر من النواب فى مجلس العموم البريطانى، لاتخاذ قرار حاسم بحظر الجماعة فى بريطانيا، وتصنيفها كجماعة إرهابية، مع مطالبات عدة لنواب بريطانيين لوزيرة الداخلية، بتقييم نشاط جمعيات الإخوان الاقتصادى، للتأكد من عدم استخدامه فى تمويل التطرف، والتأكد من منعها من استخدام شبكة الإنترنت لنشر التطرف للتابعين لها، ومراقبة الخطب والدروس التى تبثها لأتباعها، لتعويضهم عن ارتياد المساجد التى أُغلقت بسبب جائحة كورونا، وحظر دخول أعضائها من الذين يدلون بتعليقات متطرفة.