طرقات 

السكان وانهيار التنمية 

حسن هريدي
حسن هريدي

"العيل بيجي برزقه"  و   " اللي ملهوش ولد ملهوش سند" و" اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب" , تلك أمثال ومورثات شعبية, اعتاد الناس تردديها عند الحديث عن كثرة  أنجاب الأطفال ,ومستوي معيشة الأب, وقدرته على تعليمهم التعليم الجيد , ومعيشتهم في مستوي معيشي كريم ,  دون التفكير فيها, وفي زمان قيلت فيه ,  وأسلوب الحياة التي قيلت فيه,  والحياة التي نعيشها اليوم ,فما يصلح بالأمس ليس بالضرورة أن يصلح اليوم في ظل  تغير أسلوب ومنهج الحياة قديما وحديثا .
قديما كان الناس ينظرون إلى كثرة الأبناء  على كونها " عزوة" , تزيد الرجل وجاهة ومكانه وقوة في مجتمعة المحلي , كون الحياة تعتمد على مبدأ القوة , وأيضا كان الأبناء  يعتبرون السند , والعون للشخص في زراعة الأرض , بحكم أن الزراعة كانت تقوم على الأعمال العضلية , التي تحتاج إلى كثرة عدد العاملين.
 وأيضا كان الرجل صاحب ثروة عندما يمتلك عدد كبير من الذكور يهابه الناس في مجتمعة المحلي لأنه يمتلك عدد كبير من الرجال , قادرون على البطش بكل من يتجرأ على والدهم , وأيضا كانت العائلات تكتسب عزوتها وقوتها بكثرة أعدادها لذلك أطلق الناس مثل شعبي أخر " اللي ملهوش ولد ملهوش سند" وأيضا كان بالنسبة للمرأة حماية ولذلك أطلق مثل شعبي آخر "يغلبك بالمال أغلبيه بالعيال" في إشارة لامان المرأة في الحياة الزوجية .
ولذلك أطلق الناس العنان في  الإنجاب الأبناء دون النظر إلى المستوي التعليمي والمعيشي الذين يعيشون فيه وهنا ظهرت حالات التسرب من التعليم وعمالة الأطفال لعدم قدرة الأب على الإنفاق على أبنائه لكثرة عددهم مع التطور الكبير في أسلوب الحياة التي أصبحت تعتمد على العقل والفكر أكثر من العضلات والعدد .
والغريب وفي ظل الحديث عن الانترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والزراعة الحديثة وعصر الكمبيوتر والريبورت ودخول التكنولوجيا إلي أساليب وطريقة الزراعة وخروج الإنسان رويدا رويدا من حقل العضلات إلى حقل الفكر والإبداع  يفكر البعض في كثرة الإنجاب  في الوقت أن رجل واحد يستطيع  أن يفعل بعقلة ما لا يستطيع عشرة من الرجال القيام به وبذلك أصبحت تلك المورثات الشعبية عن كثرة الإنجاب خاطئة  لان الزمن أصبح غير الزمن .
نري مثلا في العصر الحديث  رجل يجلس خلف عجلة قيادة اللودر يستطيع رفع ونقل مئات الأطنان من الأحمال في وقت قياسي يحتاج نقلهم بالأسلوب القديم مئات الرجال وعدد سنوات طويل جدا, كذلك ما يقوم به المحراث الزراعي في حرث الأرض الزراعية خلال ساعة يحتاج شهر كامل لانجازه بواسطة الفأس.
التغيير الذي طرأ على العصر وأسلوب ومنهج الحياة جعل أن بإمكان شخص واحد يربح ملايين الجنيهات بأسلوب عمل يعتمد على العقل كما هو مع  صاحب تطبيق " كريم " للنقل التشاركي , وتطبيق فوري للمدفوعات المالية الالكترونية , وغيرها من الأفكار الحديثة حققت لأصحابها مستوي معيشي أفضل بكثير بالمقارنة بإنسان مازال يستخدم عضلاته في كسب رزقه .
وبالانتقال إلى مستوي اكبر وهو الدولة نري أن مصر تزيد سنويا بمعدل 2.5 مليون نسمة سنويا أي أن مصر تزيد دولة كل عام خاصة أذا علمنا أن هناك دول تعدادها لا يتجاوز تعداد مدينة مصرية من حيث السكان , والغريب ان المواطن يلوم على الدولة أن مستواه المعيشي لا يتحسن رغم الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في التنمية من بناء مدارس ومستشفيات وإنشاء الطرق وتوفير آلاف فرص العمل سنويا .

القضية خطيرة, إذا نظرنا ماذا يحدث لو توقفت الدولة لمدة عام واحد  فقط عن  بناء مدارس جديدة  ,كم يصل  معدل كثافة الفصول لاستيعاب الطلاب الجدد ,إذا  علمنا آن هناك بعض الفصول تصل كثافتها إلى 70 طالب في الفصل الواحد حاليا, بالوضع الحالي . 
كيف نتخيل الوضع في حالة توقف الدولة عن بناء  المستشفيات جديدة لمدة عام , هل تستطيع المستشفيات استيعاب المرضي الجدد ؟,أذا علمنا أن الدولة تكافح من اجل توفير عدد الأسرة للمرضي حاليا , كيف سيكون الوضع في تلك اللحظة , ماذا يفعل  الشعب في حالة عدم قدرة الحكومة في توفير آلاف فرص العمل الجديدة , لاستيعاب  قوة العمل الجديدة , ماذا يفعل المواطن أمام تدبير احتياجاته إذا لم تستطع الدولة الإسراع بخطوات التنمية لمواجهة الزيادة السكانية الرهيبة حاليا .
تكمن خطورة القضية انها بمثابة البلاعة  التى تلتهم ثمار التنمية المستدامة ليظل المواطن يدور في فلك صديق المعيشة ونقص الخدمات ويلقي اللوم على الحكومة والدولة التى لا تفعل شىء من وجه نظرة .
وكان الحياة توقفت عند كثرة الأطفال وتقع مسألة اطعامهم وتعليمهم ومسكنهم وتامين حياتهم على الدولة وحدها دون إدراك حقيقة دور الفرد داخل المجتمع كونه وحدة بناء المجتمع .
القضية لا تخص الأسرة وحدها أو التعليم وحدة او الحكومة وحدها أو الإعلام وحدة  وإنما هي قضية مجتمعية منوط بالمجتمع كلة القيام بدورة الحقيقي من أجل المواطن والوطن لحياه أكثر ازدهارا ورخاء