في المنوفية .. صراع تجار المخدرات نهايته الموت

المجني عليه
المجني عليه

محمود صالح - إيمان البلطي

  كانت الساعة متأخرة، والليل يوشك أن ينقضي، عندما استيقظ «علي» فزعًا على صوت سيارة اقتربت من منزله وطرق أحدهم بابه ثم رحلت السيارة بسرعة.

مشاعر متضاربة في لحظة واحدة انتابته فجأة، ولم يدر بنفسه إلا وهو يصرخ صرخة مدوية أيقظت كل جيرانه،  خرج يستطلع الأمر، فوجد جثة شقيقه أمام منزله، والدم يسيل منها، تفاصيل أكثر عن واقعة قرية كفر الخضرة التابعة لمركز الباجور بمحافظة المنوفية ترويها السطور التالية.

كان تامر شاب له الكثير من التجارب السيئة في حياته، ولنفسه الضعيفة دور في أن يسلك أكثر الطرق المنافية والخاطئة، ولم يستمع يومًا لنصائح أهله، وسلك طريق رآه هو السبيل لجني المال، رافضًا أن يعرف نتيجته، وراضيًا فقط بالأموال التي تُغدق عليه طالما هو سالكه.

هذا الطريق كان تجارة المخدرات، بكل أنواعها، ولكي يتعظ شاء المولى أن يسقط مرة في قبضة رجال الأمن، وحكم عليه بالسجن، وقضى عقوبته.

لكن لم يتعظ ولم يرجع، بل أنه استكمل طريقه غير عابئ بمخاطره، والتي إحداها كانت تلك التجربة المريرة التي تعرض لها.

خرج وكأنه لم يُسجن يومًا واحدًا، واستكمل طريقه وكأن شيئا لم يكن، بل إنه تمادى في تجارة المخدرات ووسع نشاطه، إلى الحد الذي جعله يأخذ بضاعة من أحد التجار دون أن يدفع ثمنها، وتهرب أكثر من مرة من الدفع، وكان تهربه هذا هو آخر مسمار دقه بيده في نعشه.

في إحدى المرات، اشترى بضاعة من تاجر على سبيل بيعها ودفع قيمتها فيما بعد، لكن - لسبب لا يعمله إلا هو - لم يدفع المال للتاجر في الموعد المحدد، وماطل في الدفع أكثر من مرة، حتى ظن التاجر أن اتامرب يستهزئ به، وأنه نصب عليه، ومن وقتها قرر أن ينتقم منه.

في ساعة موعودة رن هاتف تامر، رقم غريب يظهر على شاشة الموبايل، رد وكان المتصل شخصٌ صوته جهوري. األو .. ازيك يا تامر .. أنا كنت عايز منك بضاعة بكذا، أنا جايلك من طرف فلان، انتهت المكالمة بالاتفاق على الصفقة، في المكان والموعد المناسب وجرى ترتيب البضاعة لحين تسليمها، وفي المكان المتفق عليه كان تامر بصحبة صديق له يملك سيارة في الميعاد المحدد، دقائق وكان التاجر ومعه اثنين آخرين في سيارة أخرى يقتربان منه وعندما نزل التاجر من سيارته أدرك اتامرب أن هذه المكالمة لم تكن إلا حيلة لاستقطابه، وهو ما تم لهم بنجاح.

دارت بينهم مشادة كلامية في البداية، وتطورت المشادة حتى أصبح قتالا بالأيدي، وانتهى بطعنة امطواةب تلقاها اتامرب من هؤلاء الثلاثة في غفلة عن صديقه الذي جاء به. وقتها كان التاجر ومن بصحبته بمجرد أن رأوا المشهد والدم يسيل من جسد اتامرب في حالة ذعر، ولم يدروا إلا وأحدهم يصيح بالآخرين ايالا بينا بسرعة من هناب.

وبالفعل في غمضة عين كان التاجر ومن معه فصوا ملح وداب، وقتها وجد صديق اتامرب وحده في موقف كهذا، ولم يدر ماذا يفعل، كل ما جاء في ذهنه أن ينقل اتامرب بسرعة إلى أقرب مستشفى لإسعافه، لكنه كان يخشى أن يُدخل نفسه في اسين وجيمب بسبب إصابة اتامرب.

ولأنه عجز عن التفكير اتصل بصديق لهما يملك سيارة، وحكى له عن ما حدث، وطلب منه أن يحضر بسرعة حتى يتصرفان سويًا في تلك الواقعة.

بالفعل دقائق وحضر الصديق السائق، واتفقا على أن يذهبا به إلى بيته، وهناك يبلغان أهله بما جرى وينتهي الأمر على هذا.

قبل أن يستقل اتامرب السيارة محمولاً على أكتاف صديقيه كانت الروح فيه ولم يمت بعد، والنفس ما زال في جسده، لكن الدم هو الآخر يسيل كنافورة لا تتوقف، وفي الطريق، انقطع النفس، وصعدت الروح إلى بارئها، وقتها زاد الموقف تأزمًا، وأصبح من الصعب على الصديقين أن يدخلا بجثمانه على أهله، ولذلك لم يجدا حلا إلا إلقاء جثمانه أمام منزله ويطرقان الباب ويهربان، وأهله يتكفلون بما يحدث .

ولقرب منزل شقيقه الأكبر اعليب كان الحل في أن يذهبا إليه أولا، وبالفعل كانت السيارة تقف أمام بيت شقيقه، وفي لحظة ترجلا من السيارة وحملا الجثمان وألقيا به أمام المنزل، ثم طرق أحدهما الباب وفرا هاربين، كانت خيوط القضية معقدة في البداية، لكن بمجرد ما تم تحديد هوية السيارة وقائدها بدأت القضية في طريقها للحل وكشف لغزها.

مفاجأة

تم تحديد السيارة وهوية قائدها، وتبين أن صاحبها حاصل على دبلوم وله معلومات جنائية، ومقيم بدائرة مركز شرطة سرس الليان، وبالفعل بعد أن تم القبض عليه اعترف بتفاصيل الواقعة.

بعد اعترافه بساعات كان الثلاثة أشخاص ومن بينهم التاجر، القاتل، في قبضة أجهزة الأمن بمركز شرطة الباجور، واعترفوا بوجود خلافات مالية بينه و›تامر›  على تجارة المواد المخدرة لكونه مدين له بمبلغ مالي، وتهربه من السداد، فاستعان قاتله بباقى المتهمين، واتصل أحدهم بالمجنى عليه بزعم شراء مواد مخدرة ، واتفقا على التقابل بدائرة مركز شرطة الباجور، ولدى حضور اتامرب للمكان المتفق عليه رفقة صديقه بسيارته، كان فى انتظاره المتهمين بسيارة ملاكى قيادة أحدهم، وحدثت مشادة كلامية تطورت لمشاجرة تعدى احدهم على أثرها على المجنى عليه بسلاح أبيض امطواة ا وأحدث إصابته بجرح طعنى واستولى منه على هاتفين محمول بالإضافة إلى مبلغ مالى، ولاذوا بالهرب بالسيارة، وأيدهم في اعترافاتهم صديق المجنى عليه المقبوض عليه مسبقا. وتبين أن لاثنين منهم معلومات جنائية. وأرشد أحد المتهمين عن الأداة المستخدمة بجانب الهاتفين المستولى عليهما بالإضافة إلى المبلغ مالى، واعترف بإنفاقه جزء من المبلغ المالى المستولى عليه على متطلباته الشخصية ، بينما أرشد أحدهم عن السيارة قيادته وأرشد صديق المجنى عليه عن سيارته المستخدمة فـى إلقاء الجثة.

كان القاتل والمقتول سبق الحكم عليهما في قضايا مخدرات، ولهما سجل حافل بتلك الجرائم، وصديق المجنى عليه له أيضًا سابقة موجودة في سجله، وشريك القتل الذي كان معه هو الآخر له معلومات جنائية، وكانت القضية كلها  من بدايتها تنذر بأن تجار مخدرات أنهوا حياة أحدهما وهو ما ثبت بعد التحري والتحقيق. وبالفعل تم تحرير محضر بالواقعة وأحالته الأجهزة الأمنية بقسم شرطة الباجور إلى النيابة العامة.