إنهــا مصـــــــر

لأنها مصر

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

 مصر أمة عظيمة وكريمة بين الأمم، قد تضعف ولكن ينقلب
ضعفها قوة وعزيمة، لا تسقط أبدا لأن الله يرعاها ويحميها ويكتب لها دائما السلامة.. لأنها مصر.


انصهرت الرقائق المتتالية للحضارات والديانات المتعاقبة فى الهوية المصرية، فأفرزت شخصية منفردة لها ميزات أصيلة، وجعلت السمات الأساسية مزيجا من التسامح والتعاطف والسكينة وقبول الآخر، واحتواء الجميع تحت مظلتها الوارفة.


الشخصية المصرية تعكس دائما مكونات الإبداع الفنى والثقافى والحضارى،وجعلتها منهجاً للرقى والوعى، وسطعت أنوارها فى سماء المنطقة كلها، واحتلت مكان القلب فى الثقافة العربية بكل فروعها.


دستور مصر هو «التعايش السلمى الآمن» بين أبناء كل الديانات، وكل من يعيش على أرضها،المسلم يذهب إلى المسجد، والمسيحى إلى الكنيسة، ولا فرق فى الشكل والملامح والزى واللكنة واللسان بنكهة مصرية، وحفظها الله من الصراعات الدينية والطائفية التى تمزق الأمم وتشرد الشعوب، واتخذت الاديان هاديا للحياة الآمنة لكل ابنائها.


لم تكن الازمات والتحديات التى مرت بها عيباً أو سببا لاختراق سلوكيات المصريين والتنقيب عن مساوئهم  وإنما حافز على العمل والارتقاء والكسب الحلال والغنى المشروع.


الأم المصرية كنموذج هى المكون المؤثر فى المجتمع ويقولون عنها بحق بمائة رجل، وتخرج على أيديها اعظم الرجال، والثقافة الحياتية للمرأة غير المتعلمة لا تقل ثراء عن الشهادات، وأهم بنودها الأصول والاحترام.


لم يكن المصريون يعرفون الكذب، إلا فى فترات التدهور وظهور الذين يزيفون الحقائق مثل الجماعة الارهابية، التى أذاقت البلاد كل انواع الأكاذيب والخداع، وتساقطت أكاذيبها مثل أوراق الخريف.


لم نكن نرى أو نسمع عن جرائم شاذة، ولكنها رغم ذلك لا تعبر عن الحالة المجتمعية، بقدر كونها تنفيثا عن تراكمات منذ سنوات سابقة.


تغيرت فى السنوات الاخيرة بعض سمات الشخصية المصرية وهبت عليها رياح حجبت صفاتها المشهورة بالمروءة والرجولة والشهامة، وأصبحنا نرى أصنافاً غريبة من البشر.


كنا نحترم الاختلاف ولا نحتكم للخلاف، ونعتبر الآخر جزءا من حيوية المجتمع وتفاعله، وعاش على أرض مصر بشر من كل الأجناس والديانات، دون تفرقة فى المعاملة.

، ولكن تظهر على السطح الآن بعض مظاهر التعصب للرأى، وعدم قبول الاختلاف.


نعم حدث بعض التغيير وهبت على الشخصية المصرية رياح أثرت فى معالمها، وحجبت محاسنها وأبرزت بعض مساوئها، وتراجعت بعض السمات الإيجابية، فقد كان شيوخ مساجدنا مثلا رموزا للطيبة والسماحة، وعلى وجوههم يشع نور يعكس حلاوة الإيمان، والآن بعضهم يتسلح بالتطرف ويبتعد عن سماحة الإسلام.


لم يكن ولاد البلد و«أولاد الحتة» بالسوء الذى نراه ويترصدون جيرانهم بل كانوا فى منتهى الشهامة، يعرفون العيب، ولا يتلصصون ولا يتحرشون.
أشياء تغيرت وأحوال تبدلت، ولكن يبقى دائما المصرى الاصيل بصفاته المميزة.