فى الصميم

من حروب التحرير لشراكة التنمية موعد يتجدد مع إفريقيا

جلال عارف
جلال عارف

طموح مصر للتعاون المشترك بين دول قارتها الإفريقية بلا حدود. مصر التى تحملت مسئوليتها كاملة فى معركة التحرر والاستقلال التى خاضتها دول إفريقيا وكانت عاصمتها هى عاصمة حركات التحرير التى هزمت قوى الاستعمار وحققت الاستقلال، هى مصر التى تعرف الآن جيداً ضرورة بذل كل جهد لكى يكون التعاون والشراكة بين دول القارة هى الدافعة الضرورية لتحقيق التنمية الضرورية لشعوب إفريقيا التى مازالت تعانى من آثار سنوات طويلة من الاستعمار والاستغلال الأجنبى.


كان انتقال رئاسة تجمع «الكوميسا» إلى مصر قبل أيام مناسبة أخرى للتأكيد على كل ذلك. التجمع الذى يضم 21 دولة من دول شرق وجنوب القارة أمامه الكثير ليحقق المطلوب.

مازال العمل المشترك الإفريقى يحتاج لدفعة قوية. ومازالت العقبات كثيرة وآخرها الآثار الخطيرة لجائحة كورونا التى عانت منها القارة السمراء وأكثر من غيرها فى ظل نظام عالمى ظالم ومختل!


كان لافتاً أن مصر أرادت أن تجعل مناسبة انتقال الرئاسة الدورية لتجمع «كوميسا» إليها هذا العام أكثر من إجراء روتينى. أرادت مصر أن تجعل المناسبة فرصة للتأكيد على التعامل الجاد لتذليل كل العقبات أمام التعاون المشترك بين دول تجمع «كوميسا» ثم بين دول القارة السمراء جميعاً.

وأرادت مصر أن تقول بصدق أن كل إمكانياتها ستكون فى خدمة هذا التوجه الذى لابد أن يكون توجها استراتيجياً لكل دول القارة لكى تستطيع تحقيق تنمية ضرورية فى ظل صعوبات سوف تزداد مع اشتداد التنافس أو الصراع بين القوى الكبرى الأجنبية على النفوذ والثروات فى إفريقيا.


فى خطاب الرئيس السيسى قدمت مصر رؤية محددة للتعامل مع مشاكل «كوميسا» ولتحقيق أكبر قدر من التقدم على طريق الشراكة الحقيقية التى تحقق الخير والتنمية لدول «كوميسا» من خلال برنامج عمل طموح يستمر تنفيذه حتى ما بعد رئاسة مصر الحالية للتجمع، ويفتح الباب أمام شراكة يحتاجها الجميع فى عالم لامكان فيه إلا للتكتلات القادرة على مواجهة احتكارات كبرى لا تريد من أفريقيا إلا أن تظل مورداً سهلاً للمواد الخام كما كانت لقرون طويلة!


الخطوط الرئيسية التى وضعتها مصر انطلقت من دعم كل الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادى بين دول التجمع، ثم فى إطار دول القارة من خلال اتفاقية التجارة الحرة بينها والتى تنتظر دخول حيز التنفيذ بمشاركة أكبر تتحدى العقبات الحالية.


وركزت رؤية مصر لبرنامج عمل السنوات الأربع القادمة على أمرين مهمين: تشجيع الربط البرى والنهرى بين دول التجمع من خلال مشروعات مثل المشروع المصرى «القاهرة - كيب تاون» الذى يربط أغلب دول التجمع.. ثم الاهتمام بالتصنيع والتكامل فى ذلك بين دول التجمع لاستغلال الموارد المتاحة بدلاً من الاكتفاء ببيعها كمواد خام يذهب عائدها الحقيقى للاحتكارات العالمية.


ما طرحته مصر هو رءوس عناوين مطلوب أن يستمر الجهد لترجمتها إلى برامج عمل تلتزم بها كل الأطراف، مع عمل دءوب لتعميق التعاون.. سواء على المستوى الحكومى، أو على مستوى المؤسسات المدنية والقطاع الخاص. غير معقول بالنسبة لمصر أن يظل التبادل التجارى مع دول القارة السمراء فى هذه الحدود مع خمسة أو ستة مليارات دولار. الآفاق متسعة أمامنا وأمام الاشقاء فى إفريقيا. مهمتنا الآن أن نعمق الصناعة الوطنية وأن نطبق معايير الجودة وأن نساعد الاشقاء فى افريقيا بالشراكة فى التصنيع وفى تنويع مصادر الانتاج.


الحكومة فى مصر ملتزمة بهذا التوجه، وهناك نماذج من القطاع الخاص تقدم لشركائنا فى إفريقيا تجارب مشرفة لتعزيز التعاون وتعميق الاستثمار الذى يفيد كل الأطراف. هؤلاء مع الرواد فى هذا المجال من شركات القطاع العام هم القوة التى يعتمد عليها.. هؤلاء يعملون فى صمت ويتحملون المسئولية فى شرف، ولا يبحثون عن «الهبر» طريقاً للثراء، ولا يجعلون من «حمو بيكا» ورفاقه عنوانهم «الثقافى» كما يفعل غيرهم!!