أوراق شخصية

الإبحار عبر المكان والزمان

آمال عثمان
آمال عثمان

ما بين أحدث العواصم المصرية، إلى أقدمها وأهمها فى التاريخ، مدينة «طيبة» سيدة كل المدن، أبحرتُ هذا الأسبوع عبر الزمان، حلّقتُ عبر المكان مع أوركسترا فيينا الفلهارموني، بقيادة المايسترو الإيطالى الشهير «ريكارديو موتي»، أحد أهم وأفضل قادة الأوركسترا فى المشهد الموسيقى العالمي، جاء الأوركسترا إلى مصر بعد غياب 70 عاماً منذ زيارته الأولي، وقدّم حفلا تاريخياً بمناسبة افتتاح «الكونسيرت هول» بمدينة الفنون والثقافة، تلك المدينة التى تقف شامخة فى قلب العاصمة الإدارية الجديدة، لتكون معقلا يلعب دوراً تنويرياً فى تشكيل الوعى والارتقاء بالذوق والحس الجمالي، وحصناً منيفاً شاهقاً يحتضن الإبداعات الفنية والثقافية رفيعة المستوى من داخل وخارج مصر.


ولا أخفيكم سراً أننى ارتحلت إلى سماء عاصمة الموسيقى النمساوية، عبر مجموعة المقطوعات الموسيقية الساحرة التى قدمها الأوركسترا الفلهارموني، من مؤلفات عمالقة الفن الموسيقي، وبراعة وتَجْلِيَة وتمكن المايسترو «ريكاردو موتي» الذى احتفل بعيد ميلاده الثمانين، وما زال يقود الأوركسترا بروح ووجدان شاب فى العشرينيات، وخلال تلك الأمسية الفنية الرائعة التى ارتوينا فيها من روعة الموسيقى حتى الثمالة، لفت انتباهى حضور د. مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، وأعضاء حكومته بالكامل، وشعرت بالسعادة لاهتمام المسئولين فى الجمهورية الجديدة بالأعمال الموسيقية الراقية، وبتعزيز قيم الثقافة والفنون، وإدراكهم الواعى بأهمية الفنون فى بناء الإنسان المصرى وجدانياً وروحياً، وتنمية حسه الجمالي.


ومن أوبرا العاصمة الجديدة، أبحرت إلى مدينة «طيبة» الجميلة، إحدى أهم مدن مصر القديمة، وأكثرها ثراءً، والعاصمة الدينية والسياسية للبلاد لفترة طويلة من الزمن خلال التاريخ المصرى القديم، ارتحلت عبر الزمن لأعيش احتفالات عيد «الأوبت» حينما كان نهر النيل يفيض بمياهه العذبة على الأرض السوداء، ويمنحها الرخاء والخصوبة والنماء، وعشت أجمل وأزهى اللحظات مع الاحتفال المهيب الذى شهد فيه العالم لأول مرة خروج زوارق الإله «آمون» من قدس الأقداس بمعبد الكرنك، إلى ساحة الحرم الجنوبى «معبد الأقصر»، عبر طريق المواكب الاحتفالية الكبرى، المعروف بطريق «الكباش» الذى ظل حبيساً منسياً آلاف السنين، تحت الركام والعشوائيات والأبنية الحديثة، ذلك الحلم الأثير الذى طالما راود الأثريين وعشاق الحضارة الفرعونية عقوداً طويلة.
.. وللحديث بقية