طب وجراحة العين: لماذا نقبل الفرز الثالث من «القرنية»؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

زراعة القرنية من أهم العمليات التى تتسبب فى إعادة الإبصار للملايين من الأشخاص، والتبرع بها أمر ضرورى للحد من قوائم الانتظار، ويجب زيادة الوعى المجتمعى بذلك.. هذا ما تدعو إليه الدكتورة رانية العيسوى، أستاذ طب وجراحة العين بقصر العينى وكيل نقابة الأطباء، لوضع حل جذرى لمشكلة مرضى زراعة القرنية فى مصر.

 

وقالت أن مصر تعد من أقدم الدول بالشرق الأوسط التى أدخلت تقنية زراعة القرنية سواء الكلى أو الجزئى منذ فترة الستينيات مع أول قانون تم إصداره لزراعة القرنية لعلاج مرضى الحوادث والتهابات القرنية المزمنة الفيروسية والقرنية المخروطية وأمراض القرنية مع تقدم السن والعتامة الخلقية وغيرها التى تمثل نسبة لا بأس بها سنويا من المرضى المترددين على عيادات أمراض العيون.

 

وتمتلك مصر ثروة بشرية من الأطباء المدربين على هذه العمليات ويتمتع بعضهم بشهرة عالمية فى هذا المجال، وهذه العمليات ذات نسبة نجاح عالية فى علاج العمى عند هؤلاء المرضى إذا توافرت الشروط الصحيحة اللازمة لإجراء عملية الزراعة التى سبق التحدث عنها.

 

كذلك فإنه فى الماضى القريب كان يعمل ما يسمى ببنك القرنيات أو العيون بأكبر جامعتين بمصر وهما القاهرة وعين شمس طبقا للقانون وفتوى سابقة من شيخ الأزهر فى عملية أخذ نسيج القرنية من المتوفين بهاتين الجامعتين وتحضيرها للزراعة للمرضى المحتاجين بكفاءة عالية ونتائج مبهرة مما ساهم فى رفع المعاناة عن هؤلاء المرضى وتعليم وتدريب كوادر أطباء مصريين فى هذا المجال ولكن توقف العمل بهما بعض الوقت ووضعت العراقيل الشديدة.

 

مما أدى لحدوث تضخم هائل فى قوائم الانتظار وعدم تدريب كوادر جديدة من الأطباء، والاعتماد على بعض الدول المجاورة لإجراء هذه العمليات للمرضى المصريين، وخسارة الكثير من المرضى الأجانب الذين كانوا يأتون لمصر لتلقى العلاج، وأصبح الاعتماد على استيراد القرنيات من الخارج بما يتكبده المريض أو التأمين الصحى من تكاليف باهظة الثمن فى مقابل قرنيات قد لا تكون على المستوى الفنى المطلوب الذى يؤثر بالتبعية فى نتائج العملية، فمعظم هذه البنوك المصدرة إما لا تجرى الفحوصات المطلوبة للتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض، وهذا ينطبق على بنوك شرق آسيا، أو تحتفظ لرعاياها بالقرنيات الفرز الأول والثانى وتصدِّر القرنيات من الفرز الثالث.

 

كما أصبح الاستيراد الرسمى محدوداً، لأنه يجب استيرادها من جهات معتمدة لتجنب التسبب فى إصابة المريض بأى أمراض أخرى أو تؤدى لفشل العملية، والمريض هو من يتحمل التكلفة الباهظة، بالتالى أصبح الكثير يفضل السفر للخارج لإجراء هذه العملية.

لذا فنحن بحاجة لتقنين أوضاع زرع القرنية من المصريين للمصريين خاصة أن القرنية تعتبر نسيجاً وليست عضواً ويجب ألا يعامل معاملة تعقيدات قوانين زرع الأعضاء.

 

ويجب تفعيل القوانين التى تساعد فى تسهيل إجراءات عمليات زراعة الأعضاء والحصول عليها من الموتى وزيادة الوعى المجتمعى بذلك، ويمكن تسهيل ذلك بوضع آلية واضحة وتحديد أماكن ثابتة توفر هذه الإجراءات، مع العلم أنه يوجد بالفعل مكان مخصص لذلك وهو أمانة زراعة الأعضاء فى المجالس الطبية المتخصصة بمدينة نصر، فيجب على الدولة تفعيل ذلك وتوعية المواطنين بملء استمارات للتبرع بعد الوفاة وإذا كان لابد تسجيل ذلك فى الشهر العقارى فيفضل توفير مكتب خاص له فى نفس المكان.

 

وقد أجمعت جميع دول العالم على أن يكون هناك إجراءات للتبرع بالأعضاء، منها إقرار موافقة سابقة على ذلك قبل الوفاة، ويمكن القيام بذلك فى مصر عند تجديد بطاقة الرقم القومى والقيام بعرض الفكرة على المواطنين، ووضع خانة بها اسم العضو الذى يريد الشخص التبرع به ليكون المستشفى على علم والاستفادة منه فى خلال ساعتين من الوفاة، كما يجب وضع آلية لضمان إبلاغ المستشفيات أولا بأول بهذه الحالات لإرسال الفريق المختص لأخذ نسيج القرنية أو أى عضو آخر.

أستاذ طب وجراحة العين: لماذا نقبل الفرز الثالث من «القرنية»؟