أستاذ طب وجراحة العين: لماذا نقبل الفرز الثالث من «القرنية»؟

د. رانية العيسوى
د. رانية العيسوى

زراعة القرنية من أهم العمليات التى تتسبب فى إعادة الرؤية لملايين من الأشخاص، والتبرع بها أمر ضرورى للحد من قوائم الانتظار، ويجب زيادة الوعى المجتمعى بذلك.. هذا ما تدعو إليه الدكتورة رانية العيسوى، أستاذ طب وجراحة العين بقصر العينى وكيل نقابة الأطباء، لوضع حل جذرى لمشكلة مرضى زراعة القرنية فى مصر.

فى هذا الحوار الذى أجرته معها "آخرساعة" تتحدث الدكتورة رانية فى كل ما يتعلق بمقترحها حول كيفية التبرع بالقرنية والإجراءات اللازمة لذلك، بالإضافة لبعض الأمراض الأخرى المتعلقة بصحة العيون.

 إلى أى مدى تتوافر عوامل نجاح عمليات زراعة القرنية فى مصر؟

- تعتبر مصر من أقدم الدول بالشرق الأوسط التى أدخلت تقنية زراعة القرنية سواء الكلى أو الجزئى منذ فترة الستينيات مع أول قانون تم إصداره لزراعة القرنية لعلاج مرضى الحوادث والتهابات القرنية المزمنة الفيروسية والقرنية المخروطية وأمراض القرنية مع تقدم السن والعتامة الخلقية وغيرها التى تمثل نسبة لا بأس بها سنويا من المرضى المترددين على عيادات أمراض العيون

وتمتلك مصر ثروة بشرية من الأطباء المدربين على هذه العمليات ويتمتع بعضهم بشهرة عالمية فى هذا المجال، وهذه العمليات ذات نسبة نجاح عالية فى علاج العمى عند هؤلاء المرضى إذا توافرت الشروط الصحيحة اللازمة لإجراء عملية الزراعة التى سبق التحدث عنها. 

كذلك فإنه فى الماضى القريب كان يعمل ما يسمى ببنك القرنيات أو العيون بأكبر جامعتين بمصر وهما القاهرة وعين شمس طبقا للقانون وفتوى سابقة من شيخ الأزهر فى عملية أخذ نسيج القرنية من المتوفين بهاتين الجامعتين وتحضيرها للزراعة للمرضى المحتاجين بكفاءة عالية ونتائج مبهرة مما ساهم فى رفع المعاناة عن هؤلاء المرضى وتعليم وتدريب كوادر أطباء مصريين فى هذا المجال ولكن توقف العمل بهما بعض الوقت ووضعت العراقيل الشديدة.

 وما النتائج المترتبة على هذا التوقف؟

- حدث تضخم هائل فى قوائم الانتظار وعدم تدريب كوادر جديدة من الأطباء، والاعتماد على بعض الدول المجاورة لإجراء هذه العمليات للمرضى المصريين، وخسارة الكثير من المرضى الأجانب الذين كانوا يأتون لمصر لتلقى العلاج، وأصبح الاعتماد على استيراد القرنيات من الخارج بما يتكبده المريض أو التأمين الصحى من تكاليف باهظة الثمن فى مقابل قرنيات قد لا تكون على المستوى الفنى المطلوب الذى يؤثر بالتبعية فى نتائج العملية، فمعظم هذه البنوك المصدرة إما لا تجرى الفحوصات المطلوبة للتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض، وهذا ينطبق على بنوك شرق آسيا، أو تحتفظ لرعاياها بالقرنيات الفرز الأول والثانى وتصدِّر القرنيات من الفرز الثالث. 

 فى حالة الاستيراد، كم تبلغ التكلفة ومن يتحملها الدولة أم المريض؟

- الاستيراد الرسمى أصبح محدوداً، لأنه يجب استيرادها من جهات معتمدة لتجنب التسبب فى إصابة المريض بأى أمراض أخرى أو تؤدى لفشل العملية، والمريض هو من يتحمل التكلفة الباهظة، بالتالى أصبح الكثير يفضل السفر للخارج لإجراء هذه العملية.

 ما المقترح الذى يقدم حلا جذريا لهذه المشكلة؟

- نحن بحاجة لتقنين أوضاع زرع القرنية من المصريين للمصريين خاصة أن القرنية تعتبر نسيجاً وليست عضواً ويجب ألا يعامل معاملة تعقيدات قوانين زرع الأعضاء.

لذا يجب تفعيل القوانين التى تساعد فى تسهيل إجراءات عمليات زراعة الأعضاء والحصول عليها من الموتى وزيادة الوعى المجتمعى بذلك، ويمكن تسهيل ذلك بوضع آلية واضحة وتحديد أماكن ثابتة توفر هذه الإجراءات، مع العلم أنه يوجد بالفعل مكان مخصص لذلك وهو أمانة زراعة الأعضاء فى المجالس الطبية المتخصصة بمدينة نصر، فيجب على الدولة تفعيل ذلك وتوعية المواطنين بملء استمارات للتبرع بعد الوفاة وإذا كان لابد تسجيل ذلك فى الشهر العقارى فيفضل توفير مكتب خاص له فى نفس المكان.

وقد أجمعت جميع دول العالم على أن يكون هناك إجراءات للتبرع بالأعضاء، منها إقرار موافقة سابقة على ذلك قبل الوفاة، ويمكن القيام بذلك فى مصر عند تجديد بطاقة الرقم القومى والقيام بعرض الفكرة على المواطنين، ووضع خانة بها اسم العضو الذى يريد الشخص التبرع به ليكون المستشفى على علم والاستفادة منه فى خلال ساعتين من الوفاة، كما يجب وضع آلية لضمان إبلاغ المستشفيات أولا بأول بهذه الحالات لإرسال الفريق المختص لأخذ نسيج القرنية أو أى عضو آخر.

 كيف يمكن لعملية زرع القرنية أن تعيد الرؤية مجدداً؟

- القرنية هى الجزء الشفاف الأمامى فى العين والمسئول عن إدخال الضوء للشبكية المسئولة عن الرؤية، والعين ليست المتحكم فى الرؤية بل مجرد جهاز إرسال ينقل الصور للمخ ليرى الصورة ويعرضها من خلال العين، وهذا الجهاز عبارة عن الشبكية التى يمكن تشبيهها بـبأفلام الكاميراب، بالإضافة للعدسات التى تضع الصورة على الشبكية، أما الصورة نفسها فتأتى عن طريق الجزء الأمامى الشفاف من العين وهو القرنية. وهناك أمراض قد تصيب القرنية وتتسبب فى إعتامها، بالتالى تفقد شفافيتها ولا تسمح بمرور الضوء فتسبب العمى، ولذلك إذا تم استبدال هذا الجزء المعتم ووضع جزء شفاف بدلا منه، تتم الرؤية من جديد.

 ما الحالات التى تستدعى اللجوء لعملية زراعة القرنية؟

- هناك من يولد بعيب فى القرنية، أو تكون الإصابة نتيجة التعرض لالتهابات أحدثت تليفا بالقرنية، وكذلك أمراض تحدث نتيجة تقدم العمر، أو بسبب الحوادث التى قد تتسبب فى وجود جرح قطعى فى القرنية أو انفجار العين، وكذلك الإصابة بالمياه الزرقاء.

 كثير من المرضى يشكون من الإصابة بالمياه البيضاء، فهل تؤدى بشكل أو بآخر لإعتام القرنية؟

- المياه البيضاء من أمراض العين شائعة الانتشار لكنها من الصعب أن تؤثر فى القرنية أو قيامها بوظيفتها، لأن المياه البيضاء تحدث أيضا عتامة فى طريق شعاع الضوء لكنها تكون فى عدسة العين، ولكن يجب الحذر وعلاجها وعدم إهمالها حتى لا تؤدى لارتفاع ضغط العين وتتحول لتشكل المياه الزرقاء وهنا تؤثر سلباً فى القرنية.

 ما أنواع عمليات زراعة القرنية؟

- هناك نوعان، يمكن أن تكون الجراحة كاملة إذا حدث إعتام فى كل أطراف القرنية، ويمكن أن تكون الجراحة جزئية فى حالة وجود إعتام بالجزء الأوسط فى القرنية فيتم استبدالها، وكذلك يمكن أن تكون المشكلة فى بطانة القرنية فقط أو إحدى طبقاتها فيتم زراعة الجزء المصاب فقط مثل حالات القرنية المخروطية كما يمكن العلاج بدون أى جراحة فى حالة وجود قطع فى أحد أطراف القرنية فقط.

 ماذا عن الاستعدادات لعمليات زراعة القرنية؟

- استعداد المريض يكون باتباعه إرشادات الطبيب المختص، لكن الاستعدادات الحقيقية تكون للطبيب، وتكمن أهميتها فى إجراء الفحوصات للمريض لمعرفة عدد الطبقات المتأثرة التى تحتاج لزراعة، كما يجب معرفة حجم القرنية وتجهيز المعدات الخاصة بكل مريض على حدة، ويجب إجراء فحوصات للقرنية التى يتم زرعها للتأكد من جودتها وأنها فرز أول والتأكد من أن عدد الخلايا الموجود بها كافٍ حتى تستطيع القيام بوظيفتها الطبيعية.

 ما الشروط التى يجب توافرها لدى المريض لإجراء العملية بأمان؟

-  ألا يعانى من كسل عميق فى العين، لأنه فى هذه الحالة لا يتلقى أى استفادة من العملية، وعامل السن مهم أيضا، فلا يسمح بإجراء العملية لطفل حديث الولادة، وألا تكون قرنية المريض تحتوى على شرايين عديدة لأن ذلك يؤدى لفشل العملية ورفض العين للقرنية المزروعة، والتأكد من ضعظ العين وأن يكون فى مستواه الطبيعي.

 ما المضاعفات المحتمل حدوثها بعد الجراحة؟

- من المضاعفات التى قد تحدث بعد العملية رفض الجسم للقرنية أو ارتفاع ضغط العين، وكذلك فقد العين لبعض الغرز وعدم إحكامها والحاجة لإعادتها، لذا يجب على المريض الالتزام جيدا بتعليمات التعافى والابتعاد عن أى مصدر للإصابات لمدة 3 شهور، فضلا عن الالتزام بمواعيد المتابعة الدورية والالتزام بالقطرات والعلاج والذهاب للطبيب فورا حال شعوره بضعف النظر.

 هل ارتداء النظارة يؤثر فى عمل قرنية العين وكذلك عمليات الليزك؟

-  لا يؤثر ارتداء النظارة فى قرنية العين مطلقاً، أما عمليات تصحيح الإبصار أو ما يُعرف بـاالليزكب فهى مجرد اقتراح يقدمه الطبيب للمريض ليوفر له حياة أفضل ونجاحه يصل إلى نسبة كبيرة، ولكن قد يحدث فى بعض الحالات النادرة مشكلات فى القرنية بعد تصحيح الإبصار تستدعى عمل ترقيع فى القرنية.

وعموماً قد تحدث نسبة من المضاعفات المقبولة بعد إجراء عمليات الليزك مثل رؤية أضواء متناثرة خصوصاً فى الليل، أو الشعور بجفاف وزغللة أو ضعف النظر، جميعها أعراض قد تحدث بنسب مختلفة ونادرة ويكون علاجها إما بارتداء النظارة مجدداً أو الحصول على العلاج أو إجراء عملية أخرى، لكن فى النهاية تظل النظارة أقل تدخلاً وأقل ضرراً للعين يليها العدسات اللاصقة.

 هل وجود خلل بالقرنية له علاقة بالانتشار الملحوظ لـاحولب الأطفال؟

- حول الأطفال ليس له علاقة بأمراض القرنية، وليس منتشرا كما يعتقد البعض، لكن الأمر الحقيقى يعود لزيادة الوعى بين الأهل بأن هناك علاجاً للحول على عكس الاعتقاد الخاطئ قديما، بالتالى بدأت الحالات تتردد على العيادات والمستشفيات، لكن فى الحقيقة نسبة الحول بين الأطفال لا تتعدى 0٫1%.

 كيف يكون علاج القرنية المخروطية؟

- القرنية المخروطية هى مرض شهير يصيب الشباب فى سن المراهقة بحيث تتحول القرنية لشكل يشبه المخروط، بسبب وجود عيب فى تكوين الكولاجين الخاص بها منذ الولادة لكنه يظهر فى وقت لاحق، حيث تبدأ القرنية فى الظهور للأمام وتتحول لتشبه الشكل المخروطي، وهذا يؤدى لحدوث قصر نظر شديد ويمكن اللجوء للنظارة فى البداية وإن لم تكن كافية للعلاج يتم تركيب عدسات لاصقة مخصوصة للحالة وإذا لم تكن كافية أيضا يتم اللجوء لعملية ترقيع قرنية.

 بِمَ تنصحين للحفاظ على العين فى فترة تغيُّر الفصول؟

ـ تغيُّر الفصول عموماً سواء فصل الربيع أو الخريف قد يؤثر فى صحة العين وبالأخص لمن يعانون الحساسية، وتظهر الأعراض على هيئة دموع أو إفرازات بالعين أو حكة شديدة. ويمكن الوقاية من ذلك بوضع قطرات خاصة للعين يصفها الطبيب مع تناول مضادات للحساسية، وفى حالة زيادة الأعراض يجب استشارة الطبيب فى الحال. هذا بالإضافة لضرورة غسل الوجه بالماء البارد وارتداء النظارة الشمسية أو استبدالها بقبعة خاصة فى الفترة من 12 ظهراً وحتى الرابعة عصراً لحماية العين من ضرر أشعة الشمس فوق البنفسجية.