حقيقة العالم الأزرق 

خاطر عبادة
خاطر عبادة

هل يسلب منا الراحة.. ويجلب لنا الوهم و يضيع الوقت .. أم يواجهنا بعيوبنا و أخطائنا ويكشف سلبيات أى مجتمع حين يميل للمظاهر.. هل يساهم فى انتشار المعلومة أم نشر الشائعات بلا تروى وجعل الحمقى مشاهير ؟


مواقع التواصل سلاح ذو حدين.. قد تسهل فيها المعلومة.. لكن فى المقابل سرعان ما تتفشى الإشاعة والكذب أو أمور سلبية بالمجتمع .. إذا لم تتوخى الحذر والدقة وتتحرى حقيقة الناشر فقد تساهم فى الترويج لفكر منحرف أو متطرف أو جماعات سياسية انتهازية أو دخيلة أو تنشر تفاهات مضللة.

أسهل طريقة لنشر شيء تافه أو مضلل أن يصبح "تريند" أو موضوع الساعة ثم يشارك الناس فى نشره.. فتجعل من شيء أحمق لا يستحق النقاش- حديث الناس والمجتمع.. فيؤذون الناس ببذاءاتهم، فهؤلاء ينطبق عليهم القول "أميتوا الباطل بعدم ذكره".

 وهذا لا يخدم سوى ترويج فكرة ضالة يروج لها أصحابها، قد تتسبب فى الإضرار بالمجتمع أو إحداث الفتنة أو تهدف إلى تحقيق المكسب السريع.

ولا شك أن الفيسبوك وسيلة تواصل جميلة وتكون بمثابة منصة إعلامية لأصحابها وأحيانا تخدم فى الترويج للأعمال التجارية، لكن القليل منه ينفع ويخدم عملية التواصل والعلم وكثير من الأعمال والتجارة و العديد من المجالات الآن تستفيد من التكنولوجيا الرقمية.. لا غنى عنها فى الحقيقة..
 
لكن أهم  سلبيات عالم افتراضى يدخل إليه ملايين الناس يوميا أنه يسرق منهم أهم شيء وهو الوقت.. ويسبب إدمانه  حالة من الصمت العائلى، كما يسلب الراحة والاطمئنان والأمان والحياة الطبيعية، كما له سلبيات تضر المجتمع منها نشر ثقافات سلبية والدخول فى جدال وقضايا جانبية.. وهم مجرد سلعة تدر ملايين الدولارات مع كل دقيقة يدخل فيها المستخدمون لهذه الآلة الافتراضية التى تحاكى آلة الزمن، من حيث تغييب الناس واصطحابهم إلى عالم آخر.. بينما هم لا يزالون على قيد الواقع..

أغلى ما يمتلكه الإنسان هو الوقت.. ورغم ذلك لا يزال بعض الناس غير مهيءين لغياب الفيسبوك ولو دقيقة أو حتى يجدوا فيه فائدة ..

ولكن قد يكمن النفع فيه بأن يكون دوره ثانوى فى حياتنا بعد العمل والأسرة والعلاقات.. فلا بأس من التواصل الافتراضى فى حدود لا تفصلنا عن الواقع.. سواء فى المبادئ التى يتظاهر بها أغلب الناس أو عدم الإبحار كثيرا لوقت طويل فى عالم بعيد عن الواقع.. قد يعزلك حتى عن الأسرة التى تعيش معها..

فيكون مثل من يندمج فى قصة خيالية أو علاقة من بعيد.. وشتان الفارق بين الواقع والخيال.. كلنا قد نبدو من بعيد أجمل بكثير فى صور الفيسبوك، كما بالضبط يبدو كلامنا أسهل بكثير من المواقف والإرادة.. 

ألم يحدث كثيرا أن تتلقى طلب صداقة مجهول ولو قابلته فى الواقع فلن يبادر بالسلام.. أو ترى شخصا يتجمل لنيل إعجاب الجنس الآخر أو آخر يتظاهر بالقوة والخير رغم أنها زيف، أو يشارك منشورات دينية دون العمل بها..  وقد يخلق حافة من الغيرة والحسد والمقارنات والملل.. نظرا لأن حياة الناس لا تخلو من المشاكل، والبعض ينشر الجانب الجميل فقط منها، أو يظن أحد أن منشوراتك موجهة له أو تجد آخر يترصد أخطائك.. هذا هو مجتمع الفيسبوك الافتراضى 

سلبيات الفيسبوك لا تقتصر على مجتمع معين، وأظهر  استطلاع رأى أخير أن 76% من الأمريكيين لا يرون الفيسبوك مفيدا ويضر بالمجتمع الأمريكى.. كما يسهل فيه نشر محتويات ضارة.. وخلص الاستطلاع إلى أن "76% من الأمريكيين مقتنعون بأن "فيسبوك" لا يسهم في مجتمع أفضل، ولكن له تأثير معاكس، فيما عارض هذا الرأي 11% من المشاركين".

وأوضح الاستطلاع أن جميع الطوائف والفئات والأعمار انتقدت موقع فيسبوك، وكان أكثرهم مؤيدو الحزب الجمهورى، بينما رأى 55% من الأمريكيين أنه لا يمكن لوم الفيسبوك على الظواهر السلبية بالمجتمع، ولكن فى طريقة استخدامه.

وكذلك فإن نسبة قليلة منا تجيد استخدامه فيما ينفع عن طريق الحديث فى مواضيع هادفة وتخصيص أوقات محددة أو حتى اقتصاره على الضحك والترفيه والهزار فى نطاق صداقات العمل والدراسة.

أشد عدو للإنسان هو نفسه فإن هزمها، فلن يهزمه شيء آخر، ولازمه التوفيق طوال الطريق.. لذا تعود على مقاومة الرغبة وعدم التعود على عادات لا تفيد.. العمل والأسرة أولا