خبير آثار: القمنى «يزور» تاريخ القدس وينسبها للهكسوس

مدينة القدس
مدينة القدس

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، ردًا على الحلقة المذاعة على فضائية القاهرة والناس يوم 10 نوفمبر الجارى مع الدكتور سيد القمنى عن التجلى الأعظم أن ما ذكره الدكتور سيد القمنى عن بناء الهكسوس للقدس بعد طردهم من مصر هو تزوير واضح للتاريخ لا يصح أن يذكر فى فضائية لها احترامها وقيمتها.

وأشار الدكتور ريحان أن تاريخ طرد الهكسوس من مصر على يد أحمس الأول كان عام 1571 قبل الميلاد أمّا تاريخ القدس فقد قدّره علماء الآثار بأنه يرجع إلى حوالي ستة آلاف سنة كما أكدت الحفريات التي قامت عليها المدرستان: الفرنسية والبريطانية برئاسة الأب "ديفو" وبانضمام "رويال أنتوريا" برئاسة الدكتور "توستينج هام"، ومشاركة جامعة "تورنتو" في كندا عام 1962 حيث اعتبرت هذه البعثة أن ما تم التوصل إليه خلال موسم الحفريات من نتائج عن تاريخ مدينة القدس.

وأضاف الدكتور ريحان أنه وفقًا للتقديرات التاريخية فان الهجرة العمورية- الكنعانية من الجزيرة العربية قد حدثت خلال الألف السابع قبل الميلاد وتم التوصل إلى ذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة ولعل أقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فإنه لا جدال على أنهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيًا وأول من بنى على أرض فلسطين حضارة حيث ورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليين كما ذكر في التوراة أنه الشعب الأموري، والكنعانيون هم أنفسهم العموريون أو ينحدرون منهم وكذلك الفينيقيون، فقد كان الكنعانيون والفينيقيون في الأساس شعبًا واحدًا تجمعهما روابط الدين واللغة والحضارة ولكن لم تكن تجمعهما روابط سياسية إلا في حالات درء الخطر الخارجي القادم من الشمال أو الجنوب.

ونوه الدكتور ريحان إلى أن اليبوسيون هم بطن من بطون العرب الأوائل، نشأوا في قلب الجزيرة العربية ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية التي ينتمون إليها وهم أول من سكن القدس وأول من بنى فيها لبنة ولقد أسس الكنعانيون واليبوسيون حضارة كنعانية ذات طابع خاص ورد ذكــرها في ألواح (تل العمارنة) وقد ظهر بينهم ملوك عظماء بنوا القلاع وأنشأوا الحصون، وأنشأوا حولها أسوارًا من طين ومن ملوكهم الذين حفظ التاريخ أسماءهم، (ملكي صادق) ويعتبر هو أول من بنى يبوس وأسسها وكانت له سلطة على من جاوره من الملوك وأطلق بنو قومه عليه لقب (كاهن الرب الأعظم).

وهناك بين ألواح تل العمارنة التي وجدت في هيكل الكرنك بصعيد مصر لوح يستدل منه على أن (عبد حيبا)،أحد رجال السلطة المحلية في أورسالم أرسل سنة (1550 ق.م) إلى فرعون مصر تحتمس الأول رسالة طلب إليه أن يحميه من شر قوم دعاهم في رسالته بـ (الخبيري) أو (الحبيري).

ولفت الدكتور ريحان إلى أن الهكسوس لم يرد لهم ذكر فى تاريخ القدس ولم يجرؤ مؤرخ متخصص على ذكر ما ذكر الدكتور سيد القمنى الغير متخصص فى التاريخ والآثار وقد خضعت (يبوس القديمة) لحكم قدماء المصريين من عهد تحتمس الثالث (1479 ق.م.)، الذي أقام عليها حاكما من أبناء مصر، ولم يحاول المصريون تمصيرها بل اكتفوا بتحصيل الجزية من سكانها وأطلقوا عليها اسمها اليبوسى (يابيشى) وتارة اسمها الكنعاني (أورو- سالم) أي مدينة السلام، ودخل نبي الله داود عليه السلام المدينة عام 1049 ق.م. زاحفا من حبرون واتخذها عاصمة لملكه وأسماها (مدينة داود).

وتابع الدكتور ريحان أن القدس تعرضت للغزو البابلى بقيادة نبوخذ نصّر عام 586 ق.م وأطلقوا عليها اسم "أورو سالم"، وانتشرت اللغة البابلية وأصبحت اللغة الرسمية أمّا اللغة الدارجة فكانت الكنعانية، حتى احتلها ملك الفرس كورش عام 538 ق.م ، ثم الإسكندر عام 332 ق.م، وانتشرت اللغة اليونانية كلغة رسمية وكانت اللغة الدارجة الآرامية، وأطلق عليها اليونانيون "يرو سالم"، ثم احتلها بومبي 63 ق.م. وأصبح اسمها "هيرو ساليما"، ومنها أخذت أوروبا الاسم Jerusalem "جيروزاليم".

واستولى الإمبراطور الروماني تيتوس على القدس عام 70م ، وفي عام 139م أطلق عليها الإمبراطور الروماني أوريانوس "إيلياكابيتولينا" وتعني "بيت الله"، وظلت تعرف بهذا الاسم حتى أوائل الفتح الإسلامي، وفي عام 614م احتلها الفرس ثم استعادها الرومان عام 628م، وفتحها المسلمون في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه على يد الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح عام 15هـ 636م، ولمكانتها العظيمة تسلم المدينة الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه، وليس قائد الجيش الفاتح وأطلقوا عليها "القدس".

وأشار الدكتور ريحان إلى أن الصليبيين احتلوا القدس عام 1099م، واستردها السلطان صلاح الدين الأيوبي عام  583هـ ، 1187م ثم احتلتها بريطانيا من عام 1917 حتى 1947م، مشيرًا إلى أنه في حرب 1948م سيطرت إسرائيل على الجزء الغربي من القدس، بينما خضع الجزء الشرقي للأردن بما فيها المدينة القديمة التي تضم المواقع الدينية.

وقامت إسرائيل في عام 1967م  بالاستيلاء على القدس بأكملها، وكان قرار ضم المدينة المقدسة في 27/6/1967 بعد ثلاثة أسابيع من احتلالها رغم احتجاجات الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، التي نددت بهذا الإجراء ثم بدأت بتوطين أعداد هائلة من اليهود في المنطقة العربية وحولها.

وأكد الدكتور ريحان أنه لم يكن هناك يهودي واحد في القدس العربية قبل عام 1967، وأخذ عدد العرب يتناقص من جراء الضرائب الفادحة والقوانين الجائرة، ثم أحاطوا القدس العربية بأحياء يهودية أشبه ما تكون بالحصون العسكرية تلتف حول المدينة لفصلها عما جاورها، وبدأت ممارسات تغيير ملامح المدينة وطمس هويتها العربية الإسلامية، بالعبث بالمعالم التاريخية والدينية للمدينة وتحويلها لبارات وملاهٍ ليلية للجذب السياحي.

اقرأ أيضا | السفارة الأمريكية تهنئ «السياحة والآثار» بافتتاح معرض «الأرواح العظيمة»