خدعها لمدة عامين.. حكاية زوج مزيف !

حكاية زوج مزيف !
حكاية زوج مزيف !

كتبت : فاطمة عبدالوهاب

تحسست بيديها موضع نومه إلى جوارها بالسرير فوجدته بارداً.. فتحت عينيها بصعوبة لم تجده بالغرفة ولا بأركان البيت.. «لابد أنه خرج مبكراً اليوم» هكذا حدثت نفسها وهى تلتقط هاتفها لتتصل به.. جرس طويل ولم يجيب.. «ربما مشغول جداً».. عللت لنفسها.. انشغلت فى أعمال يومها ورعاية طفلتهما ثم عاودت الاتصال به.. دون جدوى.. حل المساء 

وحلت معه الكثير من الأفكار والمخاوف بدأت فى الاتصال بأهلها الجميع طمأنها بأنه سيعود حتما بعد قليل.. «بعد قليل» كلمة رددتها بداخلها كثيراً لتهدئ من روع نفسها وانتهى اليوم وهى تغفو بعينين مثقلتين تصارع وتأبى النعاس قبل أن تطمئن على الزوج الغائب.
 
مر اليوم الأول على الرحيل واستيقظت الزوجة مفزوعة على بكاء طفلتها.. ظنت أنه عاد وأيقظها لكن كل شيء بارد فى موضعه منذ أمس وابنتها تبكى بشكل متواصل بلا سبب، بكاء أحست أنه منذر بشيء.. انقبض قلبها.. نظرت إلى الساعة لايزال الوقت مبكراًِ للاتصال بأقارب الزوج للبحث عنه.. انتظرت بعض الوقت ودارت فى رأسها ذكريات زواجها.

 

وكيف أنه أبهرها كونه رجل أعمال ميسور  بالكثير من المفاجآت والهدايا وغمرها بالكلام المعسول حتى أحاط بها تمامًا ثم عرض عليها الزواج ورغم فترة زواجهما القصيرة التى لم تكمل العامين بعد إلا أنه استطاع أن يقدم لها السعادة الموصولة بالحب كما كانت تسمع عنها فى الأفلام الرومانسية فأحبته وتعلقت به سافرا معا عدة بلاد وتنزها فى كل مكان.


وأثناء استغراقها فى التفكير التقطت هاتفها وأخذت تتصفح صورهما مع ابنتها فى كل الأماكن التى قاموا بزيارتها معا، فجأة انتبهت من خيالها على صوت جرس الباب، أسرعت موقنة أنه هو وبصوت يملؤه القلق قالت وهى تفتح الباب «أين كنت؟» لكن أدركتها خيبة أمل كبيرة عندما وجدت أن الطارق هو صاحب الشقة يطلب الإيجار.
 
مر على هذا اليوم ثمانية أشهر لم تكل من البحث ولم تمل من الذهاب الى قسم الشرطة لعلها تصل الى زوجها المختفى فى ظروف غامضة أو حتى تعرف عنه خبراً دون جدوى كأنه كان حلماً أو ربما وهماً مر بحياتها، هو حتما كذلك، بعد هذه الشهور الطويلة سئم صاحب البيت من تأخر الزوجة عن دفع الإيجار فطردها وابنتها الى الشارع، دارت كثيراً للبحث عن عمل يطعمها وابنتها، كانت تارة تموت قلقاً عليه خوفاً من أن يكون قد أصابه مكروه، وتارة أخرى تشك فى كونه غدر بها.. هكذا حدثها قلبها أحيانا.. لكنها لم تملك أى أدلة على هذه الشكوك.

وفى إحدى الصباحات أثناء خروجها للبحث عن عمل لمحته صدفة يركب سيارته وهو يتحدث فى هاتفه ويقهقه ضحكاً، تجمدت فى مكانها هل يمكن أن تكون عينها تخدعها؟.. هل توهمت؟ يبدو على أحسن حال!.. لابد أنه ليس هو لأنه لايبدو عليه أى سبب يمنعه عنها.. خطت نحوه.. لم تلحقه أسرع بسيارته دون حتى أن يلحظها.. فى اليوم التالى وقفت بنفس المكان منذ الصباح الباكر وانتظرت حتى وصل إنه هو تقدمت نحوه مسرعة.. فتنكر لها وأبدى عدم معرفتها به!

جن جنونها.. توجهت إلى قسم الشرط مصدومة وأبلغت عن أن زوجها المفقود موجود ويتنصل منها.. وبينما لم تفق من صدمتها توجهت بصورة وثيقة الزواج الى الجهة التى أصدرتها لتثبت الزواج بالعقد الصحيح لتنفى انكاره لها.

لكنها تلقت الصدمة الثانية وهو أن الوثيقة المقدمة لا أصل ولا وجود لها وأنها غير مسجلة بتاريخ عقد الزواج.. دارت بها الدنيا ولم تجد من ينقذها وأهلها سوى اللجوء الى القانون، حيث تم إلقاء القبض على الزوج بعد أن أبلغت كونها تزوجته بعقد صحيح بمأذون وبوجود أهلها وأهله ثم فوجئت بعدم وجود إثبات لعقد الزواج.. قام الطب الشرعى باستكتاب الزوج والتوصل الى المأذون واستكتابه أيضا وتبين أن التوقيع لكليهما صحيح على عقد الزواج المزيف. 

ووسط دهشة الزوجة المخدوعة تبينت الحقائق وهى أن الزوج خدع الزوجة وأهلها بمأذون مزيف وأحضر شهودًا مزيفين على أنهم من أهله، وهذا ما فسر للزوجة عدم قدرتها على الوصول لأى من أهله طوال فترة غيابه لأنهم ببساطة كانوا شركاء فى التزييف أحيل الزوج الى المحكمة بتهمة التزوير. 

واعتبرت المحكمة فترة الزواج جريمة مواقعة أنشئت بغير رضاها كما أحيل المأذون للمحكمة بتهمة التزوير فى محرر رسمى وتقليد أختام وزارة العدل، وأصدرت المحكمة حكمها بمعاقبة الزوج بالسجن ٢٠ سنة وبمعاقبة المأذون بالسجن ١٥ سنة، أما الزوجة المخدوعة فتوجهت الى محكمة الأسرة لتبدأ طريق إثبات نسب طفلتها التى أنكر الزوج نسبها إليه.
صدر الحكم برئاسة (المستشار محمد الجنزورى) رئيس محكمة جنايات الجيزة وبعضوية المستشارين محمد أنور أبوسحلى وشريف حافظ.

 أقرا ايضا | خالد الجندى: هناك وثائق زواج تمنع وقوع الطلاق الشفوى|