كنوز | أمير الصحافة يصف «نوفمبر» بشهر الأحزان

محمد التابعى
محمد التابعى

فصل الخريف هو الفصل الحزين، وشهر نوفمبر بالنسبة لى شهر الأحزان، فقد سقط فيه زملاء وأصدقاء كثيرون سبقونى إلى القبر مع أنهم كانوا أحق منى بالحياة.. ولكنها مشيئة الله.

ولم أكن أدرى وأنا أكتب هذه العبارة أن زميلا وصديقا عزيزا، هو أحمد لطفى حسونة سوف يختاره الله إلى جواره، ويسبقنى إلى القبر مع من سبقونى من الأصدقاء والزملاء..

لكنها مشيئة الله، والخريف بين فصول السنة الأربعة هو الفصل الحزين الذى تعصف فيه الرياح، وتتساقط فيه الأوراق الميتة والذابلة من الأشجار.

فى أوائل نوفمبر عام 1945 توفيت والدتى رحمها الله.. وفى نفس الشهر عام 1965 توفيت شقيقتان لى، وكان بين وفاة إحداهما والأخرى أسبوعان، وفى يوم 30 نوفمبر 1965 توفى صديق عزيز، هو المرحوم كامل الشناوى الشاعر والأديب، وفى مساء 14 نوفمبر 1968 توفى أحمد لطفى حسونة، ولم يكن هؤلاء الأعزاء الذين سقطوا واحدا بعد الآخر أوراقا ميتة ذابلة صفراء، لكنها كانت مشيئة الله.

وأعود بالذاكرة إلى عام 1926، وكنت يومئذ أحرر فى مجلة روز اليوسف، وكانت تطبع فى مطبعة الشباب لصاحبها عبد العزيز الصدر، وكان المرحوم أحمد فؤاد يطبع مجلته «الصاعقة» فى نفس المطبعة، وكان قد جاوز الخمسين من عمره، وذات يوم لاحظ أنى مجهد باهت اللون فقال لى: «يا بنى حاسب على نفسك، الصحافة بتقصف العمر، والعاقل هو الذى يعمل فيها 15 سنة ثم يعتزل»، وأما الذى يستطيع أن يعمل فى الصحافة 25 سنة فإنه يكون محظوظا وأنا أعمل منذ عام 1925 ، أى إنه مضى علىّ الآن 43 عاما على عملى فى دنيا الصحافة، وأشعر أن حظى قد نضب معينه، وحان الوقت لكى ألحق بمن سبقونى من الزملاء والأصدقاء، اللهم إلا إذا كانت مشيئة الله أن أحيا وأعيش تحت أثقال وأكداس من الهموم، لعل أخفها الأمراض. 

محمد التابعى «آخرساعة» 29 نوفمبر1968

إقرأ أيضاً|أمير الصحافة يصف الإخوان بعصابة تعمل لحساب الشيطان