«شهد» ضحية الجريمة الغامضة.. أهالي قريتها عثروا على جثتها بالزراعات

شهد
شهد

إيمان‭ ‬البلطي

 

‭ ‬أي‭ ‬إغراء‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬رآه‭ ‬هذا‭ ‬الآثم‭ ‬في‭ ‬بنت‭ ‬الـ‭ ‬‮31‬‭ ‬عاما‭ ‬حتى‭ ‬تُحرك‭ ‬شهوته‭ ‬الحيوانية‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬غريزته‭. ‬أهو‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬بشر؟‭ ‬أعنده‭ ‬قلب؟،‭ ‬كلها‭ ‬أسئلة‭ ‬يسألها‭ ‬أهالي‭ ‬قرية‭ ‬‮«‬ساقية‭ ‬المنقدي‭ ‬بمركز‭ ‬أشمون‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬جثة‭ ‬الطفلة‭ ‬‮«‬شهد‮»‬‭ ‬خلف‭ ‬إحدى‭ ‬كابلات‭ ‬الكهرباء‭ ‬بمنطقة‭ ‬زراعية‭ ‬وهي‭ ‬ممزقة‭ ‬الثياب‭. ‬بطريقة‭ ‬توحي‭ ‬للناظر‭ ‬مراد‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ينويه‭ ‬قاتلُها،‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬التفاصيل‭ ‬في‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭.‬

استيقظت‭ ‬‮«‬شهد‮»‬‭ ‬صباح‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬كعادتها‭ ‬للذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة،‭ ‬بينما‭ ‬وهي‭ ‬تحضر‭ ‬حقيبتها‭ ‬ووالدتها‭ ‬تحضر‭ ‬لها‭ ‬الإفطار،‭ ‬اخذت‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭ ‬الابتسامة‭ ‬عن‭ ‬وجهها‭ ‬تداعب‭ ‬امها،‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬ناحيتها‭ ‬اعتادت‭ ‬سماع‭ ‬تلك‭ ‬العبارات‭ ‬الجميلة‭ ‬من‭ ‬ابنتها،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬كلمات‭ ‬ستسمعها‭ ‬منها‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬كثيرت‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتبادلها‭ ‬الأم‭ ‬وابنتها‭ ‬كانت‭ ‬بوعي‭ ‬كامل‭ ‬ويقين‭ ‬ثابت،‭ ‬فالزوجة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬مات‭ ‬زوجها،‭ ‬عكفت‭ ‬بعده‭ ‬على‭ ‬تربية‭ ‬ابنتها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬من‭ ‬غيره،‭ ‬والطفلة‭ ‬خرجت‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬غير‭ ‬والدتها‭ ‬بجوارها،‭ ‬فكانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬بمثابة‭ ‬الأم‭ ‬والأب‭ ‬معًا،‭ ‬خرجت‭ ‬‮«‬شهد‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مدرستها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معتاد،‭ ‬وعادت‭ ‬الأم‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬ابنتها‭ ‬لمتابعة‭ ‬شؤون‭ ‬البيت‭ ‬وقضاء‭ ‬مستلزماته‭ ‬وتحضير‭ ‬طعام‭ ‬الظهيرة‭ ‬لابنتها‭ ‬فور‭ ‬عودتها‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭.‬

الساعة‭ ‬الآن‭ ‬الواحدة‭ ‬ظهرا‭ ‬ولم‭ ‬تحضر‭ ‬شهد،‭ ‬مرت‭ ‬ساعة‭ ‬أخرى‭ ‬ولم‭ ‬تحضر‮ ‬‭ ‬شهد،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬دقيقة‭ ‬تمر‭ ‬كانت‭ ‬عين‭ ‬أمها‭ ‬مصوبة‭ ‬على‭ ‬الباب‭ ‬وفي‭ ‬كافة‭ ‬الشوارع‭ ‬المحيطة‭ ‬بالمنزل‭ ‬تنتظر‭ ‬ابنتها،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬لهذا‭ ‬الانتظار‭.‬

أذان‭ ‬العصر‭ ‬قد‭ ‬حان،‭ ‬والطفلة‭ ‬لم‭ ‬تعد،‭ ‬وفي‭ ‬الحالات‭ ‬تلك،‭ ‬تبقى‭ ‬الدقيقة‭ ‬التالية‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬مرت،‭ ‬ويا‭ ‬وليها‭ ‬من‭ ‬دقيقة‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬حينها،‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬الأم‭ ‬أمامها‭ ‬غير‭ ‬عم‭ ‬‮«‬شهد‮»‬،‭ ‬هاتفته‭ ‬وابلغته‭ ‬أن‭ ‬ابنة‭ ‬شقيقه‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬بعد،‭ ‬وعليه‭ ‬حاول‭ ‬العم‭ ‬أن‭ ‬يهدئ‭ ‬من‭ ‬روع‭ ‬أرملة‭ ‬أخية‭. ‬وطمأنها‭ ‬بأنه‭ ‬سوف‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مدرستها‭ ‬ويعرف‭ ‬ماذا‭ ‬جرى،‭ ‬وأنها‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬درس‭ ‬بعد‭ ‬مدرستها،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬ذهب‭ ‬العم‭ ‬ووجد‭ ‬‮«‬شهد‮»‬‭ ‬مسجلة‭ ‬أصلا‭ ‬في‭ ‬دفتر‭ ‬الغياب،‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تحضر‭ ‬المدرسة،‭ ‬حتى‭ ‬دب‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬الرعب،‭ ‬وجرى‭ ‬على‭ ‬والدتها‭ ‬أخبرها‭ ‬بما‭ ‬عرفه،‭ ‬وهنالك‭ ‬خرج‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬‮«‬شهد‮»‬،‭ ‬أين‭ ‬ذهبت‭ ‬وفيما‭ ‬اختفت؟‭!‬

وبعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬القرية،‭ ‬لفت‭ ‬نظر‭ ‬أحد‭ ‬جيرانها‭ ‬كوم‭ ‬من‭ ‬البوص‭ ‬خلف‭ ‬كبل‭ ‬كهرباء،‭ ‬وعندما‭ ‬اقترب‭ ‬منه‭ ‬وجد‭ ‬أسفله‭ ‬جثة‭ ‬شهد‭!‬

‮ ‬لن‭ ‬أحكي‭ ‬لك‭ ‬دوى‭ ‬سماع‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬آذن‭ ‬والدتها،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬لو‭ ‬رأته‭ ‬بعينها،‭ ‬وهي‭ ‬بالفعل‭ ‬كانت‭ ‬بجوار‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬لفت‭ ‬نظره‭ ‬كوم‭ ‬البوص،‭ ‬ورأت‭ ‬ابنتها‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬دمائها‭ ‬وملابسها‭ ‬ممزقة‭.‬

كانت‭ ‬كل‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬وفقًا‭ ‬للحالة‭ ‬التي‭ ‬عليها‭ ‬جثمان‭ ‬الفتاة‭ ‬أنها‭ ‬تعرضت‭ ‬لمحاولة‭ ‬اغتصاب،‭ ‬بسبب‭ ‬ملابسها‭ ‬الممزقة‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬قدميها،‭ ‬وعندما‭ ‬أبلغ‭ ‬الأهالي‭ ‬الشرطة‭ ‬وتم‭ ‬تحرير‭ ‬محضر‭ ‬بالواقعة‭ ‬وحضور‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬أمرت‭ ‬بإجراء‭ ‬كشف‭ ‬طبي‭ ‬على‭ ‬الجثمان‭ ‬لمعرفة‭ ‬سبب‭ ‬الوفاة،‭ ‬جاء‭ ‬تقرير‭ ‬الكشف‭ ‬الطبي‭ ‬يكشف‭ ‬أن‭ ‬الفتاة‭ ‬كانت‭ ‬تصارع‭ ‬ذئبا‭ ‬بشريا‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬يغتصبها،‭ ‬وكانت‭ ‬تكافحه‭ ‬وتصرخ‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتيت‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬وعندما‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬مسعاه‭ ‬وأدرك‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬ينال‭ ‬ما‭ ‬أقدم‭ ‬عليه،‭ ‬وخوفًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يفتضح‭ ‬أمره‭ ‬بصرخاتها،‭ ‬خنقها‭ ‬حتى‭ ‬لفظت‭ ‬أنفاسها‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ثم‭ ‬حمل‭ ‬جثمانها‭ ‬وألقى‭ ‬به‭ ‬خلف‭ ‬كابل‭ ‬كهرباء‭ ‬ووضع‭ ‬عليه‭ ‬بعض‭ ‬البوص‭ ‬وفر‭ ‬هاربًا‭.‬

ماتت‭ ‬الطفلة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬ذنب‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬عين‭ ‬ذلك‭ ‬الشيطان‭ ‬وقعت‭ ‬عليها،‭ ‬وزينها‭ ‬في‭ ‬عينه،‭ ‬ورآها‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬طفولتها،‭ ‬من‭ ‬شهوته‭ ‬الدنيئة‭ ‬وإدمانه‭ ‬وسوء‭ ‬أفعاله،‭ ‬كانت‭ ‬الفتاة‭ ‬ضحيته‭ ‬الأولى،‭ ‬وكانت‭ ‬أمها‭ - ‬والتى‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬غير‭ ‬ابنتها‭ - ‬ضحيته‭ ‬الثانية،‭ ‬الفرق‭ ‬أنه‭ ‬قتل‭ ‬الأولي‭ ‬عمدًا،‭ ‬وقتل‭ ‬الثانية‭ ‬حزنًا‭ ‬وكمدًا‭ ‬على‭ ‬ابنتها‭.‬