داعية إسلامي: المحافظة على المال العام واجب واستغلاله خيانة

د.محمود الهوارى
د.محمود الهوارى

أوضح الدكتور محمود الهوارى الباحث والداعية بالأزهر الشريف، الحكم الشرعي للتعدي على المرافق العامة.

 

وقال: "أحكام الإسلام تضبط حركة الحياة وتحفظ على الناس دينهم وأنفسهم ونسلهم وعقولهم وأموالهم وهو ما يعرف بالضرورات الخمس، ولما كان المال ضرورة من ضرورات وجود الإنسان فى هذه الحياة، فقد وضع الإسلام نظاما يحميه من عبث العابثين ونهب الطامعين وتعدى الظالمين، ويباركه بدءاً من كيفية تملكه وجمعه ومرورا بكيفية إنفاقه وبذله وانتهاء بتوزيعه وتوريثه من أجل ذلك نهى الله عز وجل عن أكل الأموال بالباطل قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم» وقال النبى صلى الله عليه وسلم فى يوم النحر فى حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا)، من أجل ذلك حرم الله الاختلاس والحرابة والسرقة والسطو ونهى عن الغش والغصب والنهب وما أشبه هذا والنصوص من القرآن والسنة فى هذا المعنى كثيرة جدا يعلمها كثير من الناس.

إقرأ أيضاً| الهدهد للوافدين: الإسلام دين تخطيط ونظام

ويضيف: الإسلام لم يغفل عن حرمة المال العام أيضا بل جعلها أشد حرمة من المال الخاص وعنى به عناية عظيمة وأمر بصيانته وحرم التعدى عليه لأن المال العام تملكه الأمة كلها فإذا أخذ إنسان شيئا من المال العام فإنه يكون قد سرق الأمة كلها ولله در عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقد فقه هذا وذاك حيث وجد يوما مع ابن له درهما فسأله من أين أتيت بهذا الدرهم؟ فقال الغلام أعطانيه معيقيب وكان معيقيب على بيت المال فأرسل عمر فى طلبه فما جاءه قال عمر: من أين هذا الدرهم يا معيقيب؟ فقال: كنست بيت المال فوجدته ملقى فى التراب فدفعته للصبى يلهو به فقال عمر بن الخطاب: ويحك يا معيقيب أوجدت على فى نفسك شيئا؟ قال ولما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال أردت أن تخاصمنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى هذا الدرهم!

ويؤكد: يدخل فى المال العام أرض المنافع  العامة والمرافق والمعاهد والمدارس والجامعات والمستشفيات والمبانى الحكومية والخدمية وغير الخدمية وغيرها مما ينتفع به عموم الناس ومما لا يملكه شخص واحد وكل هذا مال عام تجب المحافظة عليه، وإذا كان من يسرق إنسانا واحدا مجرما يستحق قطع يده فكيف بمن يسرق الأمة كلها ويبدد ثرواتها أو ينهبها ؟! كيف تكون صورته فى الدنيا وعقوبته فى الآخرة؟

ويشير إلى أن بعض الناس يستحلون المال العام خاصة إذا غاب الرقيب وتلك مشكلة مجتمعية أخلاقية، ولكن المشكلة الأكبر أن بعض الناس يأخذ المال العام دون النظر إلى أنه حرام بل يأخذونه متساهلين ظانين أنه لا بأس به ولهؤلاء جميعا نسوق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى شدد فيه فى أمر المال العام وخوف الأمة من أن تنال منه شيئا يقول صلى الله عليه وسلم: (من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتى به يوم القيامة)، فجعل هذا الإعلان المخيط أى الأبرة وهو شىء هين من الغلول أى السرقة والخيانة.

ويوضح أن بعض الناس يتساهل فى المال العام ومن ذلك استخدام أجهزة العمل فى الأمور الشخصية مثل هاتف العمل وسيارة العمل والفاكس والأوراق والأقلام، فضلا عن التربح من الوظيفة واستغلال السلطة وغير ذلك.

والتاريخ الإسلامى يزخر بنماذج من سير أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز وغيرهم ممن أعلن التراث أمانتهم وورعهم وتقواهم فإن هذه النماذج شاهدة علينا يوم القيامة، وهؤلاء هم النجوم الذين يجب الاقتداء بهم حقاً.