وزير الري: عدم وجود اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة يسبب أضرارًا كبيرة

وزير الموارد المائية والري
وزير الموارد المائية والري

 

شارك الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، صباح اليوم، عبر تقنية الفيديوكونفرانس، في جلسة رفيعة المستوى بعنوان "الأمن المائي في إطار تغير المناخ" والتي تنعقد على هامش مؤتمر التغيرات المناخية COP26، برعاية جامعة جلاسكو بالمملكة المتحدة.

وألقى الدكتور عبد العاطى محاضرة عن الوضع المائي في مصر والمشروعات التي تقوم بها وزارة الموارد المائية والري والدولة المصرية في مجال التكيف مع التغيرات المناخية.

وأشار الدكتور عبد العاطي لحجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر، وعلى رأسها محدودية الموارد المائية، والزيادة السكانية، والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، مؤكدًا على أن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا نشهده في العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التي ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة.

وأضاف، أن كافة المشروعات التي قامت وتقوم الوزارة بتنفيذها تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع مثل هذه التحديات بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد إستخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية، بالإضافة للتكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقي، والري الحديث، والتوسع في إعادة إستخدام المياه، وإستخدام المياه غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر، ومشروعات الحماية من أخطار السيول، ومشروعات حماية الشواطئ. 

وأضاف الدكتور عبد العاطي، أن الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه في مصر، وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أي مشروعات أحادية يتم تنفيذها في دول حوض النيل، دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه في مصر، مؤكدًا على أهمية مراعاة البعد العابر للحدود في إقامة المشروعات التنموية بدول المنابع مع ضرورة التنسيق والتشاور وتبادل المعلومات وتحقيق الإدارة المشتركة للمياه الدولية من خلال إتفاق قانوني ملزم.

وأكد الدكتور عبد العاطي، أن مصر ليست ضد التنمية فى دول حوض النيل، بل على العكس، فمصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها على الأرض.

حيث قامت مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية في عدد كبير منها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية، والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسى النهرية، ومساهمة الوزارة في إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر في مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.

كما أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل، مثل خزان أوين بأوغندا الذي قامت مصر بتمويله والعديد من السدود في إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس، التى لم تعترض مصر على إنشائهم، ولكن إنشاء سد بهذا الحجم الضخم، وبدون وجود تنسيق بينه وبين السد العالي هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذى يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الأمر الذى ترفضه إثيوبيا، على الرغم من أن مصر عرضت على اثيوبيا العديد من السيناريوهات التى تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى ٨٥% في أقصى حالات الجفاف، ومضيفًا أن وجود آلية تنسيقية في إطار اتفاق قانوني عادل وملزم يعد ضمن إجراءات التكيف مع الأثار السلبية للتغيرات المناخية.

كما أشار الدكتور عبد العاطي لوجود دراسات حديثة تطرح العديد من علامات استفهام حول أمان سد النهضة، في الوقت الذى يعد الاطمئنان على أمان السد مطلب مشروع لدول المصب.

وأكد الدكتور عبد العاطي على أن عدم وجود إتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة الاثيوبي، وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا، مع قيام الجانب الأثيوبي بإصدار العديد من البيانات والمعلومات المغلوطة، تسبب في حدوث أضرار كبيرة على دولتي المصب، والتأثير على النظام البيئي والمجتمعي، مثل حالات الجفاف والفيضان وتلوث المياه التى عانت منها دولة السودان، حيث تتكلف دول المصب مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الاجراءات الأحادية.

واستعرض الدكتور عبد العاطي التفاوت الكبير في حجم الموارد المائية في مصر وغيرها من دول منابع حوض نهر النيل، حيث تعتمد مصر بنسبة ٩٧% على المياه المشتركة من نهر واحد فقط هو نهر النيل، في حين تتمتع دول منابع النيل بوفرة مائية كبيرة، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل إلى ١٦٠٠ - ٢٠٠٠ مليار متر مكعب سنويًا من المياه ، كما تمتلك بعض هذه الدول أنهارًا أخرى غير نهر النيل، مثل دولة إثيوبيا التى يوجد بها ١٢ نهراً، كما تمتلك هذه الدول عشرات الملايين من الأفدنة التى تروى مطريًا، وفي المقابل تتكلف مصر مبالغة طائلة للاستفادة من كل قطرة مياه وإعادة استخدام المياه، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ بتكلفة تصل إلى ٥٠ مليار دولار، ومن المتوقع زيادتها إلى ١٠٠ مليار دولار، كما تعد مصر من أكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائي، حيث يصل نصيب الفرد من المياه في مصر إلى ٥٧٠ متر مكعب في السنة، وهو ما يقترب من خط الفقر المائي.

كما أشار الدكتور عبد العاطي  لحجم المياه الخضراء "مياه الامطار"  في إثيوبيا، والذي تصل إلى أكثر من ٩٣٥ مليار متر مكعب سنويًا من المياه، وأن ٩٤ ٪ من أراضي إثيوبيا خضراء، في حين تصل نسبة الأراضي الخضراء في مصر إلى ٦ ٪ فقط، وأن إثيوبيا تمتلك أكثر من ١٠٠ مليون رأس من الماشية تستهلك ٨٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه، وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين، كما تصل حصة إثيوبيا من المياه الزرقاء "المياه الجارية بالنهر" لحوالي ١٥٠ مليار متر مكعب سنوياً منها ٥٥ مليار في بحيرة تانا و ١٠ مليار في سد تكيزي و ٣ مليار في سد تانا بالس و ٥ مليار في سدود  فنشا وشارشارا، ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف ٧٤ مليار في سد النهضة، كما  تقوم إثيوبيا بالسحب من بحيرة تانا للزراعة دون حساب، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي ٤٠ مليار متر مكعب سنوياً، والتى تقع على أعماق من ٢٠-٥٠ مترًا فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة، في حين تعتبر المياه الجوفية في صحارى مصر مياه غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار.