إنها مصر

حاضنة الإرهاب!

كرم جبر
كرم جبر

مصر.. بفضل الله وتضحيات أبنائها استطاعت أن تكسب الحرب ضد الإرهاب، دون أن تغزو أحداً، ودون أن تذهب إلى آخر مكان فى الدنيا بحثاً عن الإرهابيين مثلما فعلت أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

مصر ظلت حريصة على سيادة القانون، ولم تنشئ جوانتانامو ولا سجون الصحراء التى يموت فيها المعتقلون بلدغات العقارب والثعابين السامة.

مصر قاومت الإرهاب دون أن تقيد الحريات العامة، بل حدث العكس، وأصبحت الديمقراطية هى الهدف المنشود الوصول إليه لتحصين الوطن ومنحه الصلابة والمناعة والقوة.

الجماعة المحظورة لا تزال هى الخطر رغم الضربات التى قصمت ظهرها، وهى المصدر الرئيسى لكل حركات التطرف والعنف، وهى الوعاء الذى يخرج منه الإرهاب ويتدفق إليه.

لا أنسى المشهد فى الثمانينات، حين كنت أصلى الجمعة فى مسجد صلاح الدين بالمنيل، والخطيب يدعو المصلين للتبرع لصالح ضحايا أفغانستان، بعد أن يملأ عينيه وصوته بالدموع والحزن، يبكى.. ويبكى بعض المصلين معه.

كان المصلون - أغنياء وفقراء - يتزاحمون على ساحة المسجد، ويقذفون بمختلف العملات النقدية على الأرض فى شكل دائرة، ويتم جمع عشرات الآلاف من الجنيهات فى لحظات معدودة.

البواب كان يسابق المحامى فى إخراج الأموال والتبرع بها، والعامل البسيط كان يبارى رجل الأعمال، لأن المصريين لا يمكن المزايدة على مشاعرهم الوطنية والدينية وأعمال الخير، ولا فرق بين غنى ولا فقير.

ذهبت هذه الأموال التى تبرع بها المصريون إلى الجماعات الإرهابية.. إلى أسامة بن لادن والظواهرى والملا عمر، وغيرهم، ولم تذهب لفقراء المسلمين الذين كانوا يموتون جوعاً وفقراً وبرداً وحراً.

اشتروا بها الأسلحة واكتنزوا الذهب والنساء والأموال، وحولوها إلى حساباتهم فى البنوك التى تمول الإرهاب فى كل مكان فى العالم، واستثمروا تعاطف المصريين معهم فى جمع المليارات.

كان فقراء مصر الأولى بالرعاية والتبرعات، فى القرى والريف والنجوع، المرضى فى المستشفيات والعاطلون الذين لا يجدون عملاً.. هؤلاء لم يتبرع لهم أحد بمليم واحد.

وبعد أن انتهت مسرحية أفغانستان ورحل عنها السوفييت، صدرت الأوامر للإرهابيين أن يعودوا إلى بلادهم، وأن يجاهدوا ضد شعوبهم وحكوماتهم، وأن ينشروا الإرهاب فى الأرض.

كان لمصر النصيب الأكبر، وأعلن الإرهابيون الحرب عليها، فلن تقوم لهم قائمة ولن تقوى شوكتهم مادامت مصر واقفة على قدميها، شامخة وصامدة وتقاومهم بكل قوتها.

هل نسينا تلك الأيام السوداء، التى كنا ننام فيها فى أحضان الخوف ونستيقظ على أصوات الرصاص عندما أرادوا هدم الوطن بعد أحداث يناير.
 كان لابد أن يفيق من ساعدوا الإرهاب والإرهابيين ويعلموا أن الرقص مع الذئاب نهايته خطرة جداً، عليهم وعلى شعوبهم وعلى مستقبل البشرية، وأن الإرهاب ظاهرة عالمية يجب أن تتكاتف جهود الجميع للقضاء عليه.