شد وجذب

هل تنجح الحكومة فى مواجهة الغلاء؟

وليد عبدالعزيز
وليد عبدالعزيز

قد يتصور البعض أن ارتفاع أسعار بعض السلع فى مصر خلال الفترة الماضية يرجع إلى أهواء بعض التجار أو بسبب الجشع والاستغلال فقط ..الحقيقة أن الغلاء وفى هذه الأوقات الصعبة يضرب العالم أجمع ..

أسباب ارتفاع الأسعار ترجع فى الأساس إلى توابع جائحة كورونا والتى ضربت العالم أجمع وتسببت فى شلل الحركة الإنتاجية والتجارية فى العديد من بلدان العالم لعدة شهور مضت ..ومع ظهور اللقاح الذى يحد من الإصابة بالفيروس اللعين بدأ العالم يعيد حساباته من جديد وبدأت الأسواق العالمية تفتح أبوابها واكتشف الجميع أن هناك نقصاً فى الإنتاج نتيجة توقف بعض المصانع الكبرى عن العمل خلال الجائحة بالإضافة إلى زيادة الطلب على السلع والخامات وهو ما أدى إلى زيادة الأسعار العالمية وبطبيعة الحال انعكست الأوضاع على السوق المصرى لأننا دولة تؤثر وتتأثر بمحيطها الخارجى ..ما أخشاه خلال الفترة القادمة هو التضخم الذى سيضرب الأسواق نتيجة لانخفاض العرض والطلب وهنا يجب أن تفكر الحكومة أو المجموعة الاقتصادية فى حلول المشكلة وليس دراستها ..

قد تكون الدولة المصرية تأثرت تاثيراً محدوداً خلال الفترة الماضية بفضل خطة الإصلاح الاقتصادى التى حمت الدولة من دوامة الندرة فى السلع وخلافه ولكن هذه المرحلة تحديداً تشهد بالفعل ارتفاعاً كبيراً فى أسعار الخامات والمعادن بجانب ارتفاع غير مسبوق فى فاتورة الشحن وهو ما يؤثر بالسلب على الأسعار وبطبيعة الحال سيكون المستهلك هو المتضرر الأكبر لأنه اللاعب الرئيسى فى السوق فى عملية الشراء والاستهلاك ..أحد أهم الحلول فى هذه المرحلة هو ضخ الاستثمارات داخل السوق سواء محلية أو أجنبية لأنها ستضمن إقامة مشروعات جديدة تضمن زيادة الإنتاجية والتشغيل وهنا نستطيع أن نواجه التضخم قبل أن نجد أنفسنا فى مرحلة صعبة قد تلتهم جزءاً كبيراً مما تحقق من إصلاحات اقتصادية ..فى الأزمات التفكير النمطى قد يكون معوقاً للاستمرار فى الإصلاح وهنا يجب أن تبدأ الحكومة فى ضخ أفكار جديدة من خارج الصندوق وتكون مدروسة ومصحوبة بخطط محددة المدة لمجابهة خطر التقلبات الاقتصادية العالمية ..

الحكومة فكرت فى ضبط السوق من خلال التوسع فى منافذ البيع لخلق منافسة تخدم المستهلك ولكنها لم تفكر فى منح حوافز مشجعة للمستثمرين بصورة جاذبة وإلا كنا سنجد أن المستثمرين يقفون على أبواب المسئولين للحصول على فرص استثمارية ..العجيب أن الدولة المصرية فى هذه المرحلة تمر بأفضل مراحل الدول المتطورة وأصبحت مصر دولة مهيئة كلياً لجذب الاستثمارات العالمية والمحلية ولكن الواقع يؤكد أننا دولة مازالت فى حاجة إلى جذب المزيد والمزيد من الاستثمارات على الأقل للاستفادة من البنية التحتية الضخمة والتى تم إنشاؤها على أعلى مستوى لتكون الجسر الأكبر لانطلاقة المشروعات الاستثمارية الجديدة ..

الحكومة مطالبة بالبحث عن حلول أكثر مرونة وليست مطالبة بعرض المشاكل وتشخيصها لأننا باختصار شديد مقبلون على مرحلة صعبة مثل جميع دول العالم ولكن أعتقد أن من يستغل فرصة الأزمة فى هذه المرحلة يخرج أكثر قوة وصلابة وفى مصر وبحمد الله نمتلك الآن كل مقومات الدولة القوية المستقرة ولا ينقصنا إلا فكر اقتصادى متوازن قادر على الابتكار والتعامل مع الأزمات بكل إحترافية من خلال تقديم الحلول والأفكار السريعة الممزوجة بمزايا وحوافز وفرص تشجيعية تحفز الجميع إلى الدخول فى مشروعات قد تساعد الدولة على زيادة الإنتاج والحفاظ على فرص التشغيل ..العالم يتحكم فى أسعار السلع والخامات والطاقة ومصر ومحيطها العربى قادرون على مجابهة المخاطر لو كان هناك فكر مشترك لاستغلال كل الموارد والأموال لصالح شعوب المنطقة ..دعونا نطلق الأفكار الحقيقية التى قد تحمينا من مخاطر تقلبات الأوضاع والأسواق .. وتحيا مصر