بدون أقنعة

ضجة بلا داعٍ

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

أثار فيلم « ريش» للمخرج الشاب عمر الزهيرى حالة من الجدل بعد فوزه بجائزة أفضل فيلم عربى فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة قبل عدة أيام سبقتها أيضا ضجة كبيرة بسبب فساتين الفنانات على «الريد كاربت» التى مالت أكثر إلى العرى.. معظم رواد السوشيال ميديا تداولوا الأمر بهجوم شديد بينما كان فريق آخر يرى الأمر من منظور الحرية الشخصية وأنه لا يحق لأحد انتقاد الملابس ومنهم بالطبع كان رجل الأعمال نجيب ساويرس.


الضجة المثارة على الفيلم هى أنه يسىء لمصر وأنا لست مع هذا الرأى أبدا فلا يستطيع فيلم أو أى منتج فنى الإساءة لمصر لسبب بسيط وهو أن الفيلم مجرد رؤية خاصة جدا لصناعه تماما مثل مقال صحفى يحمل وجهة نظر صاحبه فقط .. وله أسبابه ودوافعه .. وبهذا المنطق فإن أفلاما أخرى مثل أفلام المخرج خالد يوسف التى قدمها عن العشوائيات تعامل بنفس المنطق وتعتبر مسيئة للبلد .. وفيلم «ريش» من هذا المنطلق هو فيلم يعبر عن صناعه فقط وكان لابد أن يحظى بتكريم من مهرجان كان السينمائى الدولى مثل أفلام كثيرة لمخرجين من دول العالم الثالث مثل إيران وكوريا الشمالية وسوريا وفلسطين وأفغانستان وغيرها يحتفى بها النقاد فى هذا المهرجان الدولى الكبير كنوع من التأييد والدعم لصناعها وكذلك تعبير عن مواقف هى أقرب للسياسة منها إلى الفن بمعاييره وهى مواقف معروف رأى الغرب فيها.


فيلم «ريش» الذى فاز بالجائزة الكبرى للنقاد فى مهرجان كان لا يرتقى أبدا بكل المعايير السينمائية للحصول مثلا على جائزة «السعفة الذهبية» أو جوائز الأفضل مثلا فى الإخراج أو أفضل ممثل وممثلة وغيرها لأنه يفتقد إلى المعايير المطلوبة لكنها تقاليد نقاد مهرجان «كان» التى تركز على غير المألوف لتمنحه جائزتها.


العشوائيات التى تحدث عنها الفيلم والفقر الشديد الذى تعيشه الأسرة لا يمكن أن يسىء إلى مصر فالفقر ليس عيبا وليس سبة أو تهمة والعيب كان فى الحكومات السابقة التى تركت الفقر ينتشر فى المجتمع ولم تعالجه أو تعمل على الحد منه، فهناك 30 عاما هى فترة حكم حسنى مبارك الذى أنتشرت فيها مساحات العشوائيات واستفحلت إلى حد كبير ناهيكم عما سبقها من سنوات خلال حكم السادات وإن كان له العذر فى الاستعداد للحرب .. والحمد لله أن الرئيس عبد الفتاح السيسى هو أول وأجرأ رئيس مصرى يقتحم ملف العشوائيات ويتحرك بإخلاص وصدق لمواجهة هذا الملف الشائك ليواجه الفقر والجريمة فى هذه المناطق الخطرة.


نعود لفيلم «ريش» الذى هاجمه كثيرون من بينهم فنانون بحجة أنه يسىء لمصر فهو يعرض حالة أسرة مصرية تعيش تحت خط الفقر وكل ما فعله بالبلدى «أنه نشر غسيلنا القذر على الملأ « وغضب هذا الفريق من د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة لتكريم الفيلم وأبطاله.
وفى رأيى أن أحدهم ربما نصحها بالتكريم باعتبار الفيلم فائزا فى مهرجان عالمى وأول فيلم مصرى يفوز وأن هذه الخطوة ضرورية لتأكيد التحيز لمبدأ حرية التعبير وهكذا تم تكريم الفيلم وأنا أعتقد أن هذه الخطوة جاءت فى سياق دعم مهرجان الجونة باعتباره مهرجانا خاصا يساهم فى مساندة السينما المصرية وصناعها.


وعموما ليس هناك مشكلة مطلقا فيجب علينا إفساح المجال أمام صناع الدراما للتعبير عن وجهة نظرهم فليس فى مصر ما يسىء إليها لأننا فى مرحلة تحول كبرى وصعود ومصر تتغير بالفعل وليس بالقول وليس هناك ما نخفيه.. أمورنا واضحة.