جولة بمطابخ الشعوب والحضارات.. النحيفة لا تتزوج في موريتانيا

كتاب ساندويتش تاريخ
كتاب ساندويتش تاريخ

كتبت: فادية البمبي

لو محتاج «ساندوتش» خفيف.. ولو عايز حاجة تسد معاك جوع سنين وتعرفك عادات بعض الشعوب القديمة بمعلومات سهلة وخفيفة لكن دسمة، وتعرفك الكثير، وتكون وجبة لذيذة، تستعرض تاريخ الغذاء فى الحضارات القديمة، وعلى الرغم من خفتها وسهولة هضمها، على الرغم من أنها مليئة بالحقائق العلمية والتاريخية الشيقة، والتى تظهر الجهد الذى بذله المؤلف فى جمع المادة العلمية.

الكتاب يُعدُّ الأول فى مصر الذى يقدم تاريخًا مُفصلًا عن أصل بعض الأكلات الشعبية المعروفة لدى المصريين، وكيف بدأت، ومَنْ هم أول من اخترعوا تلك الأكلات، حيث يُقدم الكتاب وصفة بين المتعة والمعرفة تناسب جميع الأعمار السنية.

ويقول المؤلف د.عمرو ناجي أخصائي التغذية العلاجية بوزارة الدفاع، إن كتاب «ساندوتش تاريخ»، الصادر عن دار السعيد، يسعى إلى التعريف بالعادات الغذائية والتراث الثقافى المرتبط بالغذاء، وهو ما يُمثِّل واجهة ومرآة الشعوب، إذ أنها تعكس تطور وتنوع الثقافات للأمم.

وأضاف ناجى أن الكتاب يُلقى نظرة على العادات الغذائية قديمًا لمجموعة من الشعوب، موضحًا أن الكتاب حاول أن تكون لغته بأبسط التعبيرات الممكنة؛ كى تصل المعلومة إلى أكبر عددٍ ممكن، لذلك اختار ناجى العامية المصرية، لعل ذلك يكون سببًا فى إقبال شبابنا على معرفة جزء مهم جدًا من التاريخ، لم يستخدم المصريون القدمـاء الغـذاء فقـط لإشباع الجـوع، بل كان لديهم خلفية معرفية قوية جدًا فى ارتباط الغـذاء بالعلاج والشـفاء مـن الأمـراض المختلفة، ولذلك نجد برديـة شـهيرة جـدًا تُسمى برديـة (إيبرس)، وذلك نسبة للطبيب الذى قام بشرائها من الأقصر، ونقلها إلى جامعـة ألمانية، وما زالت محفوظـة حـتـى اليـوم هناك.

وتابع: "جاء فى هذه البردية وصـف وتشخيص دقيـق لعدد مـن الأمراض المزمنة؛ ومنها مرض السكر، والتهاب المفاصل، والربو وأمراض أخرى كثيرة، وكان موصوفًا بها العلاج عـن طريـق بعـض الخلطات العشبية، وتناول أنواع معينة مـن الأطعمة، ونتيجة احتلال الرومان لمناطق واسعة وبسط نفوذهم عـلى مساحة أرض كبيرة نقلوا معهم مجموعـة مـن العادات الغذائية الجديدة على المجتمع الرومانى، فقبـل التوسـع كان المطبخ الرومانى ونظرة الرومان كطبقة حاكمة أو حتى عامة الشـعب للطباخ أنـه يمتهن مهنة حقيرة، لكن بعد الغـزوات والاحتلالات التي تمت عـلى أيدي قياصرة روما، انتقلت الثقافة الغذائية إلى الشرق الذى كان يُقـدس الأكل بشكل كبير".

وأكمل: "من هنـا كانت نظرية جديدة فى المجتمع الروماني (كل ما تأكل أكثر تزيد مكانتك فى المجتمع)، كل ما تعمل عزومة كبيرة، وتكون مليئة بالأكل كلما كنت الأفضل بلا منازع، لذلك لم يكن لديهم ثقافة الأكل الصحى، بالعكس كان الأكل بمثابة الاحتفال بالحياة، وكان لديهم بعض المعتقدات الغريبة، فعندما تقع مـن أحدهم قطعة لحم فى الأرض يعتبرون هذا نذير شؤم عليهم؛ اعتقادًا منهم بأن ما سقط انتقل إلى العالم الآخر، ومن يحاول التقاطه سيأتى الموت لينتقم منه، كما أن رش الملح عـلى الأكل أثناء تناول الطعام كان أيضًا نذير شؤم، كما أن أدوات الطعام لديهم كـانت عـلى شكل جماجم كى تطرد الأرواح الشريرة، ومـن الرومان إلى الموريتانيين الذين يُحافظون على بعض عاداتهم القديمة، وهم حتى الآن يقـدرون الفتاة السمينة، ويعتبرون أن الفتاة كلما زاد وزنهـا كان ذلك دليـلًا عـلى قـوة تغذيتها وأصالة حسبها، وأنهـا مـن عائلة مقتدرة".

وأوضح: "هناك الفتاة النحيفة لا تتزوج وتجلب لهم العـار، وتقام هنـاك معسكرات تسمين للفتيات تسمى (تبـلاح أو لبلـوح)، وهذه المعسكرات يتـم فيهـا إخضاع الفتيات للأكل بالقـوة عن طريق الربط والضرب أحيانًا، والأكل عبارة عن 5 لترات مـن ألبان الإبل أو البقـر، ويتم شربه ساخنًا وبعده كمية كبيرة مـن الكسكسى أو الأرز المخلـوط بالدسم بكثافـة واللحم الـضأن، وقد برع المصريون القدماء ونقـل عنهم الرومان فى تشخيص وعلاج الأمراض المزمنة وتخفيف آثارها الجانبية، فـكان يتم تشخيص مريض السكر بمعاينة كثافـة البـول، فـإذا كان لزجـاً ككثافة العسل أو كان طعمه مـائلًا للحـلاوة (عـذرًا) كان يشخص المريض بالسكر، وكان ينصح المريض بالإكثـار مـن الخـضراوات الورقية والحبوب الكاملة والإقلال من السكريات والعسل الذى كان يستخدم بكثافة، كذلك كان ينصح المريض بتناول البصل النـيئ بكميات كبيرة لما له من دور فى ضبط مستوى السكر.