أبو رحاب: تعاليم الإسلام تعالج كوارث التربية الإلكترونية

الشباب طاقة كبيرة يستطيع المساهمة فى التنمية والتقدم
الشباب طاقة كبيرة يستطيع المساهمة فى التنمية والتقدم

لم تترك الشريعة الإسلامية أزمات أى مرحلة من مراحل العمر إلا ووضعت لها الحلول الممكنة، وخصت مرحلة المراهقة بمزيد من العناية والرعاية لاعتبارها مرحلة التكليف والاقتراب من النضج وبناء الإنسان فتحتاج إلى يقظة ووعى الأسرة الدينى والعلمى لإشباع حاجات أبناء هذه المرحلة للانتقال من الطفولة إلى سنوات الشباب، تلك السنوات المهمة والهشة فى نفس الوقت لما يعتريها من تغيرات كثيرة جسدية ونفسية تشكل الشخصية ويزيدها صعوبة ما يغلب على تصرفات الأبناء خلالها من عناد وعصبية تسبب العديد من الصدامات بين الآباء والأبناء، فكيف عالج الإسلام مشكلات هذه المرحلة للوقاية من شر مخاطرها وفق ضوابط الإيمان والمجتمع معا كما يوضحها الشيخ د.محمد خلف أبورحاب كبير أئمة بوزارة الأوقاف.


يقول: اعتنى الإسلام بالإنسان فى جميع مراحل العمر وكان أكثر عناية به فى مرحلة المراهقة حيث يودع الإنسان مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب والنضج وهى مرحلة القوة التى تقع بين ضعفين الطفولة والشيخوخة، وفى تلك المرحلة تبرز غرائز عديدة أوضحها الغريزة الجنسية وهى من أعنف الغرائز التى يحتاج ترويضها وقوف الأسرة إلى جانب المراهقين ومعاونتهم بالتوجيه والنصح والإرشاد لاجتياز تلك السنوات بسلام وإيجابية تنعكس على مستقبل الحياة.


ويتابع: يحتاج المراهق إلى من يتفهم احتياجاته ولذا على الآباء والأمهات التوقف الفورى عن محاولات برمجة حياة المراهق كما كان يحدث منهم فى مرحلة الطفولة واستبدالها كما أرشدت الشريعة الإسلامية بمجموعة من الآداب والقواعد التربوية للوصول بالمراهق إلى بر الأمان فى ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومنها الأمر بغض البصر عن النظر إلى العورات وحفظ الفروج عن ارتكاب الفواحش والمحرمات قال تعالى : «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم»، وتطبيق آداب الاستئذان عند الدخول على الأبوين فى أوقات الراحة وأماكن النوم قال عز وجل: »وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم» ، والتفرقة بين الذكور والإناث فى أماكن النوم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (وفرقوا بينهم فى المضاجع) ، والترغيب فى صيام التطوع قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) مع تعليمهم أن المشاعر تجاه الجنس الآخر ليست شيئا وضيعا، إذا أحسن توظيفها لتحقيق مراد الله فى إعمار الأرض ولكن طريقها الشرعى الزواج فى حينه المناسب لكل إنسان، والتعامل مع المراهق كشخص كبير وغمره بالحنان والاهتما، والتخلى عن الأوامر الأبوية ليحل محلها الحوار الهادئ والصبر، واحترام خصوصية الأبناء والبحث معهم عن حلول لمشاكل هذه المرحلة، وشغل أوقات فراغهم بما ينفع ويفيد واختيار الأصدقاء الصالحين والتحذير من أصدقاء السوء ، والترغيب فى ممارسة الرياضة قال الرسول صلى الله عليه وسلم :(علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل).


ويضيف: الاستفادة من القصص القرآنى لغرس الفضائل فى نفوس المراهقين والمراهقات من أفضل طرق التعليم والتربية ومنها فضيلة العفة للفتيان كما فى قصة سيدنا يوسف عليه السلام قال تعالى:»وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه» فارتدى سيدنا يوسف عليه السلام ثياب العفة، وفضيلة الحياء للفتيات كما فى قصة ابنة شعيب مع سيدنا موسى عليهما السلام قال تعالى:»فجاءته إحداهما تمشى على استحياء» فتزينت الفتاة بجلباب الحياء، وبيان خطورة مشاهدة المواقع الإباحية الإلكترونية وعرض الثقافة الجنسية على المراهقين من جانب المختصين بصورة علمية صحيحة، وأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم والآباء ومن فى حكمهم من الصالحين قدوة للمراهق لينأى بنفسه عن تلك المحظورات، فلسان الحال أبلغ ألف مرة من لسان المقال، ولنا فى شباب الصحابة الذين اتخذوا الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة أسوة حسنة، فمنهم من حفظ القرآن الكريم فى أولى سنوات العمر، ومن نبغ فى علوم القرآن والسنة والعلوم الإنسانية المختلفة، ومنهم من تقلد عمل الداعية مثل مصعب بن عمير رضى الله عنه الذى انتدبه الرسول صلى الله عليه وسلم  داعية إلى المدينة ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره والفتى أسامة بن زيد رضى الله عنه  الذى قاد جيشا، والاهتمام بإشباع القيم الخلقية كالأمانة والصدق والكرم والتضحية فهى من أفضل أعمال الأبوين قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع).


ويؤكد: المسئول عن تفاقم أزمة المراهقة التى احتدت مظاهرها فى هذا العصر يرجع إلى تغير الظروف المعيشية والتطور الإلكترونى الذى يعيشه المراهق حيث يميل المراهق إلى تقليد البدع والتطلع إلى عالم الكبار فيشكو الآباء من اختلاف وتغير حياة الأطفال وتقلص سنوات الطفولة ليعيشوا مراهقة مبكرة بعد سيطرة العالم الافتراضى الذى يعيشونه من خلال الإنترنت فيعلمون أنفسهم كيفية الانتقال من الطفولة إلى سنوات الشباب وهنا نتساءل هل الدافع تقصير الآباء أم تجاوز الأبناء بمساعدة توغل التربية الإلكترونية فى حياتهم؟

والحقيقة أن النمو السريع لعالم الإنترنت لم يتمكن معظم الكبار من مواكبته ووجد الطفل المراهق فى وسائله المتعددة ما يساعده فى تشكيل شخصيته كما يحلو له بعيدا عن تدخل الأسرة فكان لابد من دق ناقوس الخطر للتحذير من ترك هذه المرحلة دون رقابة ووعى دينى وتربوى لتفادى مخاطرها والحكمة.

 

دورة عن «آليات التعامل مع ذوى الهمم»

 

تزامنا مع حرص الدولة المصرية على بناء الجمهورية الجديدة التي تراعي كل أطياف المجتمع وفى مقدمتهم «ذوو الهمم» الذين توليهم الدولة أهمية كبرى، وبتوجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، نظمت أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، دورة «آليات التعامل مع ذوى الهمم»، بمشاركة 40 واعظا من الأزهر الشريف.


وصرح الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، بأن هذه الدورة تستهدف العمل على تكوين ملكات علمية وفكرية وتنمية مهارات وعاظ الأزهر في التعامل مع «ذوى الهمم»، موضحا أن هذه الدورة تشتمل على خمسة محاور أساسية تتضمن الجانب الدعوى، الفقهى، النفسى، الاجتماعى والتربوى، الاتصالى، إضافة إلى عدد من الورش التدريبية التى تستهدف تنمية مهارات السادة الوعاظ وتدريبهم على التواصل الفعال؛ لتحقيق أكبر قدر من التأثير الإيجابي في تواصلهم مع هذه الفئة المستهدفة من الجماهير.