حكايات| الفركة والتولي والفخار.. إحياء مهن «فرعونية» في الصعيد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تمر السنوات وقرى الصعيد «صامدة» في الحفاظ على الحرف اليدوية البسيطة، التي غلبت في جودتها الآلات الحديثة، يتقنها رجال وسيدات مهرة، تعلموها بالفطرة فلا يوجد فيها نص مكتوب يشرح كيف الطريق إلى إتقانها.

 

حرف قد تراها بسيطة ولكنها معقدة، جذبت منتجاتها العرب والعجم، وباتت مقصدًا للسائحين الذين ينبهرون بها، ويطمعون في اقتنائها.. بأدوات بسيطة ومواد خام رخيصة ينتج القناوية والسوهاجية الفركة والتولي خيط والفخار، لتكون مصدرًا رزقًا لهم يدر لهم دخلا وربما يسهم في فرص عمل لآخرين.

 

رجال يتعبهم النوم والكسل، ما تعودوا إلا على العمل ولا يحبون إلا الجد والاجتهاد والتميز، أفنوا عمرهم في تلك المهن، وبتدخل سريع من وزارة التنمية المحلية والبنك الدولي يتم ضخ روح جديدة في تكتلات الحرف اليدوية والأثاث بمحافظتي سوهاج وقنا.


 
تكتل صناعة الفركة 

 

رزق عم «أمانة نجيب»، الرجل السبعيني، حظًا من اسمه؛ حيث ظل منذ نعومة أظافره قائما على النول الخشبي ينسج الخيوط بمختلف ألوانها ليخرج من تحت يديه شال «الفركة» التراثي الذي لا يصنع إلا في بلده القناوي «نقادة»، قبل أن يذهب إلى السودان.

 

 

تلك الحرفة اليدوية الفرعونية، لا تزال تحتفظ برونقها على مدار 7 آلاف عام، إلا أنها اقتصرت على أهل نقادة بمحافظة قنا، يعملها من بقى من صناعها ما بين السبعيني والستيني والخمسيني من بينهم عم «أمانة»، ويشرفون على قلة من الفتيات في مقبل عمرهن.

 

يقول صاحب الـ 72 عاما إنه يعمل في مهنة صناعة الفركة منذ 50 عاما، ومن هذه المهنة التي يعشقها علم أولاده ويأمل أن تورث لجميع الأجيال القادمة حتى لا تنقرض مع الزمن.

 

عم أمانة يرى أنها «رياضة» وليست مهنة فقط إذ يقول وهو يحرك يديه: «دي بتحرك البدن كله يابني»، وتعد الفركة حرفة عمرها 7 آلاف عام وتوارثها أهل نقادة عن الفراعنة فهي من أقدم المهن الحرفية، وتم تطويرها حاليا لتكون مزيجا بين الحاضر والماضي.

 

وتعتبر قرية نقـادة بمحافظة قنا القرية الوحيدة التي تقوم بصناعة تلك الحرفة، وذلك باستخدام الأنوال اليدوية لصناعة الشيالن، ولم تقصر تلك المهنة على جنس بعينه بل اشتغل بها الرجال والسيدات حيث بلغ نسبة الرجال الذي يعملون بحرفة الفركة 40% بينما بلغ نسبة السيدات 60% وتعد مصدر رزقهم الوحيد.
 

هنا الفخار 

 

تعد صناعة الفخار مــن أقـدم الحرف في  التاريخ فتعــود أصولهــا إلى محافظة قنا أي ما قبـل العصر الفروعني؛ حيـث كانـت تصنـع الأواني الفخاريـة بطـرق بدائيـة، وبدأت الصناعـة تنشتر مـع الوقـت لكونهـا صناعـة متوارثـة بين الأجيال، فتمسـك  بهـا 300 أسرة  مـن أهالي محافظة قنا حتى اليوم.

 

اقرأ أيضًا|  نقاشة المنيا.. «بوسي» ملكة الدهانات والنقش على المحارة

 

ويتكون التكتل الحرفي التي تدعهمها وزارة التنمية المحلية بـ300 وحـدة إنتاجيـة بمتوسط  1800 عامل أغلبهم من أسرة واحدة، كما تستعين بعض الورش بعمالة خاريجية.

 

 

وتعد قرية الشيخ علي بمركز نقادة أكبر قرية بمحافظة قنا تشتغل تلك المهنة بوجود 103 وحدة تليها قرية حجازة بمكركز قوص، ثم تأتي قرية دندرة والدير الغربي بمركز قنا.

 

التلي والمنسج 

 

ومن محافظة قنا إلى محافظة سوهاج لتعزف أنامل السيدات صناعة التلي المصري والذي يعد فـن وحرفـة تطريـز موثقـة ومقـدرة لـدى صناعـة الأزياء العالمية.

 

وتستخدم في صناعة التلي خيــوط معدنيــة مسطحة، مطليةبالفضة والذهب، وتُطرز على شــكل زخارف هندسية تتجذر في التاريخ المصري والفن الشعبي، وأصبحت الحرفة التي تمارسها النساء بالكامل في التناثر منذ بدايــة الثلاثينيات حتى آواخر الثامنينات، حتى انطلقت جهود إعادة إحيائهـا بتدريب مجموعات مـن الفتيات في كل مـن أسيوط وسوهاج، بالتعاون مع اليونسكو واليونيسيـف. 

 

وأعيدت الحرفــة إلى  الحياة مرة ثانيـة، وشهدت ازدهـاراً كبيرا في  قريـة جزيـرة شـندويل التي يوجد فيهـا عـدد المشتغلات نحـو أكـثر من 1000 ســيدة وفتـاة.