أزمات لا تنتهي.. بريطانيا تواجه تداعيات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إشارة واضحة إلى تغير علاقتها مع الاتحاد فيما يتعلق بالتجارة والأمن والهجرة وغيرها من القضايا الخلافية التي حكمت علاقة الطرفين.

اقرأ أيضًا: بريطانيا تصنف عملية طعن النائب أميس على أنها «إرهابية»

وباعتبار أن أوروبا أهم سوق تصديرية لبريطانيا وأكبر مصدر للاستثمار الأجنبي، فكان بإمكان الشركات البريطانية نقل البضائع من وإلى الاتحاد الأوروبي دون ضرائب أو تعريفات وكان هناك حرية في حركة المواطنين إلا أن ذلك لم يكن كافياً.

فمع بداية 2021 ضلت بريطانيا طريقها في وضع قواعد جديدة كما أملت تخص سياستها التجارية لبيع وشراء السلع والخدمات وتعزيز وضعها الاقتصادي بعدما أصبحت خارج الاتحاد الأوروبي .

انتهت الحركة الحرة بين بريطانيا وأوروبا من الناحية الفنية لكن الآثار كانت مخفية بسبب قيود السفر الصارمة الوبائية، ومع ازدياد قوة الاقتصاد، بدأ الشعور بالواقع الجديد بالكامل. 

وتغيرت الأعمال بالنسبة للكثيرين بما في ذلك شركات صناعة السيارات، التي تعتمد على الموردين في جميع أنحاء أوروبا، الذين واجهوا فجأة مجموعة من قواعد التأشيرات واستمرار أزمة الوقود.

قامت المملكة المتحدة بتمديد برنامج تأشيرة سائقي الشاحنات إلى جانب قيام الحكومة بتوظيف 5000 سائق شاحنة أجنبي بتأشيرات مؤقتة، كما تم نشر حوالي 200 عسكري، من بينهم 100 سائق لتخفيف الضغط على المضخات.

وقال قادة الأعمال في تصريحات لوكالة رويترز إن ما حدث إصلاح قصير الأجل لن يحل النقص الحاد في العمالة الذي يهدد باضطراب كبير لتجار التجزئة .

ومع خروج بريطانيا غادر عشرات الآلاف من السائقين المملكة المتحدة للعودة إلى منازلهم في الاتحاد الأوروبي, مما زاد الضغط على الصناعة.

وتحرص حكومة جونسون المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على غض النظر عن أن نقص السائقين ناتج عن ذلك الخروج.

وتقول جمعية النقل البري البريطانية (RHA) إن البلاد تواجه نقصًا في حوالي 100000 سائق نتيجة مغادرة العمال للصناعة.

وفى تصريح وزير النقل جرانت شابس لـ بي بي سي قال إنه بينما لا يريد تقويض العمال البريطانيين إلا أنه لا يستطيع الوقوف مكتوف الأيدي مؤكداً أن بريطانيا لديها إمدادات وقود كافية، وناشد سائقي السيارات ألا يشتروا أكثر من المعتاد.

حيث تفاقم نتاجاً لذلك عدد السائقين البريطانيين الذين اختاروا التقاعد بعد صعوبات في تدريب واختبار السائقين المحليين للآخرين الجدد.

وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية تجار التجزئة للبنزين بريان مادرسون أن الحل طويل الأمد لدى أصحاب العمل البريطانيين والصناعات التي يجب أن تضطلع بدورها مع تحسن ظروف العمل وزيادة الرواتب المستحقة. 

وتفاقمت المشكلات طويلة الأجل في صناعة النقل التجاري كنتيجة غير متوقعة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى جانب آثار جائحة كورونا .

وتجنب الاتفاق الذي توصلت إليه لندن وبروكسل أواخر عام 2020 التعريفات الجمركية أو الحصص على البضائع. 

أبلغت وكالة الإحصاء الوطنية البريطانية عن علامات تدل على انخفاض أولي في تجارة السلع مع الكتلة.

كما قدر مكتب مسؤولية الميزانية أن اقتصاد البلاد وصل إلى إنتاجية أقل بنسبة 4 % مما كان عليه داخل الاتحاد الأوروبي.


أظهرت الإحصاءات العديد من الشركات تبلغ عن نقص السلع، وتزايدت المخاوف من عدم تخزينها كالمعتاد.

أعلنت شركات تعمل في قطاع الـطـاقـة الـبـريـطـانـي، إفـلاسـهـا نتيجة ارتفاع الأسعار المستمر، وسط توقعات بـإفلاس المـزيد مـن الشركات الفترة المقبلة، في حال استمرار ارتفاع أسعار الطاقة في البلاد.

وفى الوقت الذى تحث أحزاب المعارضة رئيس الوزراء بوريس جونسون على استدعاء البرلمان لمعالجة نقص العمالة والاضطرابات في سلاسل التوريد.

ولا يغطي الاتحاد الأوروبي جميع حقوق العمال ليس لديه سياسة خاصة بالأجور المرضية أو الحد الأدنى للأجور, لذا فإن الأمر متروك للدول الفردية لتقرر ذلك بنفسها.

ويقول خبراء الهجرة إنه لا توجد بيانات موثوقة كافية لتحديد ما إذا كان النقص الملحوظ في العمال ناتجًا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو الوباء أو الاثنين معاً. 

قالت مادلين سومبشن مديرة مرصد الهجرة لـ بى بى سى إنها فوجئت برؤية الكثير من التقارير عن نقص العمالة، لأن البطالة في بريطانيا مرتفعة .

وأشارت إلى أنه في صناعات مثل تصنيع الأغذية وتجهيز الأغذية، يشكل العمال من دول الاتحاد الأوروبي معظم الموظفين، ويمكن أن تشعر هذه القطاعات بأزمة أكبر.

إن انفصال بريطانيا عن السوق الأوروبية التي كانت مندمجة فيها بشكل كامل أسهم في خفض القوة العاملة وتقليص سوق العمل بنسبة 15 بالمائة هذا العام فقط مع احتمال زيادة النسبة.

كان الهدف من تغييرات الهجرة بعد خروج بريطانيا والتي تستخدم نظامًا قائمًا على النقاط ، تقييد حركة العمال ذوي المهارات المنخفضة من أوروبا لصالح العمال ذوي المهارات العالية في الأدوار المتخصصة. 

لكن على العكس أدى ذلك الخروج لتأجج المشاعر المعادية للمهاجرين ما جعل الكثيرين يشعرون بأنهم غير مرحب بهم ، بينما أصيب آخرون بالإحباط .

وفى تصريح ذكرته "نيويورك تايمز" عن ديفيد هينيج، الخبير في السياسة التجارية البريطانية للمركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي: "ستكون جزءًا من عملية التعلم التي يتعين على المملكة المتحدة أن تمر بها". 

وأشار إلى أنه عندما كانت بريطانيا تعمل تحت قيادة الاتحاد الأوروبي بنفس القواعد الاقتصادية، يمكن للعمال التنقل بحرية بين دول الكتلة.

مشدداً أنه كان لدينا اقتصاد عمل عالي التدفق، بينما تحولنا إلى اقتصاد ثابت".